الحمام اختراع عظيم، تحية كبيرة لمن صنعه، فقد ساهم هذا الاختراع فى راحة أفراد وشعوب على مر التاريخ، ولأنه بيت الراحة فالعلاقة بين الأفراد والحمام لا يتم اختزالها فى القيام بعملية طبيعية لا بد منها، بل إنها تتعدى ذلك بكثير، إنها ظاهرة، فيوجد بيننا من يهوى القراءة فى الحمام، ومنا من يعتبره مصدر إلهام للمذاكرة والنجاح، ومنا من تأتيه أفكار عمره به، ومنا من يتخذه كمسرح وفرصة للتعبير عن مدى القدرة على الغناء بغض النظر عن حلاوة الصوت من عدمه، فجميعنا نبدو وكأننا نجوم الفن ورموزه. ولكن لماذا نقوم بالغناء فى الحمام؟، ما هى التلقائية والعلاقة الإيجابية التى تجعلنا نغنى ونملأ الدنيا أشعاراً وكلاماً..انها الراحة يا عزيزى، وللراحة أسباب عدة. يعتبر الحمام لكثير من الناس المكان الوحيد الذى يشعرون فيه بالخصوصية، فهم وحدهم فقط بمكان صغير فى بيئة آمنة ومريحة، وعندما يشعر الإنسان بالراحة والاسترخاء، فإن الدماغ تقوم بإفراز مادة "الدوبامين"، وهى المادة التى تلعب دوراً رئيسياً فى الإحساس بالمتعة والسعادة. وعند الاستحمام بالماء الدافئ، تحظى بالاسترخاء والشعور الجيد، ويجعلك الغناء تشعر بحال أفضل بسبب كثرة التنفس الذي تقوم به مما ينشر مزيداً من الأوكسجين الى الدم والذى بدوره ينشط الدورة الدموية ويحسن من حالة الجسم والمزاج. ويبقى أفضل سبب للغناء فب الحمام هو "أسطورة الأصوات"، فلا يوجد نظام أصوات "ساوند سيستم" أفضل من ذلك الموجود في الحمام، فالبلاط الموجود بالحمام لا يمتص الأصوات، بل يجعل صوتك ينعكس ذهابا وايابا ويجعل منك صوتا فخيماً لا ينافسه أحد ليس فى الخارج، ولكن في الحمام. لذا فنحن لا نغني في الحمام من الفراغ أو بالصدفة، بل لأنه بيت الراحة، الراحة التي تجعلك تشعر بالاسترخاء وتخفيف التوتر والسعادة والرغبة فى التأمل أو يمكن أننا نغني لأننا نحب سماع أصواتنا الخاصة فيه، ربما نجد منتجاً "سبكياً" يُنتج لنا ألبوماً يُسجل بالكامل هناك...فى الحمام.