«اللهم عليك بأعداء الدين من الليبراليين والعلمانيين ومن ولاهم».. دعاء يخترق صفوف النساء ويصل مصلاهن، حتى باتت كلمة «آمين»، اللاتى يرددننها، متصلة بفعل واجب، ما دمت تصلى فى مسجد العزيز بالله، دون الوقوف عند المقصد أو المأرب. ما هى إلا دقائق لتتيقن أن غالبية النساء اللاتى حضرن لسماع خطبة الجمعة للشيخ محمد العريفى، أو لصلاة التراويح خلف الشيخ أحمد حسان، لم يحضرن فرادى، لكن أحضرهن ذووهن، من أب أو زوج.
شابة فى العشرينيات من عمرها، تدعى منى، ترتدى ملحفة ونقابا أسود، حضرت مع زوجها من المرج، آخر الدنيا، وفق وصفها، لسماع خطبة الجمعة، تقول «إحنا شوفنا من أمن الدولة ليلة مش ممكن ننساها.. الساعة اتنين بالليل يخبطوا علينا، وياخدوا كتبنا، وجهاز الكمبيوتر، وياخدوا والدى، ومانعرفش عنه حاجة، إلا بعد أسبوع».. تمر اللحظات ثقيلة، وكنت على يقين أنها تغالب دموعها، لكنها فاجأتنى بابتسامة «تعرفى إننا اخترعنا حاجة عشان نطّمن بيها عليه، كنا بنوديله الأكل ونكتب ورقة عشان بس نطّمن.. وفين وفين على ما أخد باله». وتوضح منى «لم يكتفوا بحبس أبى، لكن الأمر امتد لتعذيبه بالكهرباء»، مضيفة «كل ذنبه إنه كان بيحضر للشيوخ الكبار دروسهم، ويعرف ناس بتعرف ربنا».
تكمل سيدة تبدو وكأنها اعتادت مثل هذه الأحداث، «أمال تقولوا إيه وأنا كل ما أصدقاء زوجى يسحبهم أمن الدولة، يرجعوا يقولوا لزوجى: خلى بالك بيسألوا عليك.. فرض ربنا خلونا نخاف نصليه».. وأخرى فى العقد السادس من عمرها تقول إنها حضرت من سيناء خصيصا للصلاة فى مسجد العزيز بالله، بينما ذهب ابنها «الشيخ» ليؤم آخرين فى المحلة، بدعوة من أحد المساجد هناك، مضيفة «خوفى قل بعد ما شفت العادلى فى القفص.. الحمد لله عندى ولدين حافظين كتاب الله، دلوقتى بيلفوا المحافظات، رايح-جاى، يخطبوا فى الناس ويؤمونهم للصلاة». العريفى تناول، فى خطبة الجمعة، الأوضاع الراهنة للبلاد، متحدثا عن فضل شهر رمضان فى نصرة المسلمين، قائلا «عاوزين اللى يحكم مصر واحد بيصلى تهجد، مش ليبرالى ولا علمانى»، ونصح العريفى من وجد نفسه مذنبا من قيادات المجلس العسكرى، بالاستغفار والتوبة، وأن يضعوا مصلحة المسلمين نصب أعينهم، وأن لا يدعوا البلاد محل أطماع، «واحد زى مبارك وعبد الناصر والسادات»، مضيفا «أديكم شفتم ربنا عمل فيهم إيه». اللافت هو سؤال كثير من النساء لمسؤولة المسجد عن الاعتكاف، وجاءهن الرد بأن الإدارة سمحت به حتى شروق الشمس، بخلاف السنة الماضية.. «الاعتكاف هيكون فى الدور الثامن فى مصلى المعهد وهنسيب المسجد والدور الأول لاعتكاف الرجال»، هكذا أكدت المسؤولة للنساء.
الفعل الحسن لا يكتمل، فرغم قيام بعض النساء بتوزيع التمر والعصائر على المصليات، بين كل ركعتين، طمعا فى ثواب الشهر الكريم، فإن هناك ما عكر صفو التراويح، وهو أن أكثر من سيدة اشتكت من سرقة ملحفتها أو نقابها.
فى صلاة التراويح دعا الشيخ أحمد حسان لإخواننا فى سوريا وليبيا واليمن، مذكرا المصلين بالتبرع لشعب الصومال قبل مجىء المندوب، الذى سيتولى توصيل الأموال، وهو ما دفع بتأكيد إحداهن «الشيخ قال لنا قبل كده نتبرع، عشان ممكن يحصل لنا زيهم».