«نداء الشعب تاريخ نقدي للأيديولوجيا الناصرية»، عنوان الكتاب الصادر مؤخرا عن «دار الشروق»، للمؤرخ الدكتور شريف يونس. ينطلق هذا الكتاب الضخم، الذي يقع في 755 صفحة من القطع المتوسط، من الفكرة العامة المُسلّم بها عن ثورة يوليو، على أنها نتاج حركة مجموعة من الضباط الوطنيين المتمتعين بالجرأة والمبادرة، الساخطين على الأوضاع القائمة وقتها، بما جعلهم يقررون التدخل لصالح الشعب. لكن هذه الفكرة ليست بديهية ولا واضحة، بل أثارت لدى صناع الانقلاب أنفسهم، وعند كثير من الباحثين من بعدهم، العديد من التساؤلات عن معناها، وعن النظام الذي تأسس بهذه الطريقة. لقد تحرك الضباط باسم الشعب، تلقوا نداء الشعب ولبوه، ويدرس الكتاب ما يعنيه هذا النداء، وما يعنيه «اسم الشعب». فقد ظلت مقولة «الشعب»، أي اسمه، هي المحور الذي تدور وتتولد حوله المقولات الأيديولوجية الأخرى: ديكتاتورية الشعب، مكاسب الشعب، حُكم الشعب، تحالف قوى الشعب العاملة، أعداء الشعب. كانت هذه المقولة إذن مرتكز شرعية النظام الجديد، والفكرة التى وجَّهت حركة الضباط الأحرار منذ البداية. يحاول الكتاب أن يبين طبيعة هذه المقولة، والمراحل المختلفة التي مرت بها، وكيفية إنشاء مؤسسات النظام الجديد حولها. ومن هذه الزاوية، يمكن اعتبار الكتاب محاولة لدراسة تشكل وبنية شرعية نظام يوليو ومؤسساته المحورية من خلال فحص أيديولوجيته. الدكتور شريف يونس، مدرس أكاديمي للتاريخ الحديث والمعاصر؛ كاتب سياسي وعضو مؤسس بهيئة تحرير «البوصلة: صوت ديمقراطي جذري» 2005- 2011؛ ومترجم مهتم بالتاريخ والفكر السياسي والإيديولوجيا. تشمل كتبه: «سيد قطب والأصولية الإسلامية» (1995)؛ «سؤال الهوية: الهوية وسلطة المثقف في عصر ما بعد الحداثة» (1999)؛ «الزحف المقدس: مظاهرات التنحي وتشكُّل عبادة ناصر» (2005)؛ «استقلال القضاء» (2007). «مسارات الثورة رؤية تحليلية ديمقراطية جذرية» (2012)، ويعد كتابه هذا (نداء الشعب) ثمرة مساره كمؤرخ للإيديولوجيا وككاتب سياسي.