جانب مهم عند محاولة بحث مدى قدرة تنظيم داعش على التمدد جغرافيا، أو الصمود فى مواجهة الغارات التى تنفذها قوات التحالف المدعومة أرضيا بمجموعات الأكراد والجيش العراقى، هو سؤال متعلق بتسليح التنظيم، وما يملكه من عتاد حربى يمكنه من الانتصار فى المعركة أو الصمود أطول فترة ممكنة داخلها على أقل تقدير، وهو صمود تكهن البعض بأنه قد يستمر إلى فترة طويلة، وإن كانت مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام الغربية قد تنافست فى ما بينها إزاء الكشف عن مصادر تمويل التنظيم الذى يتمدد بشكل سرطانى، ظل الحديث عن تسليحه بمثابة أمر يحوز مساحة ضئيلة حتى فى أحاديث الساسة الغربيين المعلنة، أسباب ربما خلفتها رغبة دول التحالف فى تجنب إثارة الهلع أو إضعاف الروح المعنوية لجنودها المنخرطين فى العملية، أو ربما كون الحديث عن التسليح لن يكون بمثابة دليل اتهام لدول خليجية فحسب على غرار قصة التمويل، بقدر ما سيكون مسوغ اتهام فى وجه كبار العالم جميعهم الذين يحاربون الإرهاب اليوم ويتبادلون الاتهامات بشأنه! مذهل أن تعرف أن التنظيم يملك طيفا واسعا ومتنوعا من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، بداية من المسدسات والبنادق والبنادق الآلية، مرورا بالصواريخ والقذائف المدفعية، ومدافع الهاون، والصواريخ المضادة للدبابات والطائرات، انتهاء بناقلات الجنود والدبابات وسيارات الدفع الرباعى، وهنا فمصادر السلاح تتنوع بداية من الولاياتالمتحدةالأمريكية، والصين وروسيا وإيران، ودول الاتحاد السوفييتى السابق مثل بلغاريا ورومانيا، انتهاء بالسعودية وتركيا، فوفقا لتقرير صدر عن أحد المركز البحثية البريطانية المعنية بشؤون التسليح فإن مصادر سلاح «داعش» واحد وعشرون دولة! بينما يمثل السلاح الأمريكى والصينى والروسى 80 بالمئة منه! البداية تعود إلى اجتياح القوات الأمريكية للعراق قبل ما يزيد على عشرة أعوام، حينما أصدر حاكم العراق بول بريمر قراره الشهير بتسريح الجيش العراقى فى عام 2003، وقد جرت عملية إعادة تشكيل الجيش من جديد وبناء قوات الشرطة، وكان جزءا من تلك العملية تزويد الجيش والشرطة العراقية بأسلحة أمريكية الصنع، بغرض فرض الأمن والسيطرة، لكن بعد مرور ما يزيد على عقد من الزمن أصبح كثير من السلاح هذا فى يد مقاتلى «داعش». لقد استطاعت مجموعات «داعش» الحصول على السلاح الأمريكى إما من خلال قيادات فاسدة داخل الجيش والشرطة العراقية قدمت السلاح إلى التنظيم بشكل غير مشروع، فى مقابل مالى دفعه «داعش» من عوائد تجارة غير مشروعة، وإما من خلال ما استولت عليه مجموعات «داعش» فى معارك حيث ألحقت الهزيمة بقوات الجيش العراقى، أو نتيجة لسيطرتها على مواقع له، والأمر نفسه فى ما يتعلق بما حازه التنظيم من سوريا من أسلحة أمريكية من قبل متمردين سوريين تلقوا السلاح من موردين أجانب. أما عن السلاح الروسى والصينى والإيرانى فما فعلته مجموعات «داعش» فى العراق قد فعلت مثله فى سوريا، فهناك كميات من الأسلحة استطاع مقاتلو «داعش» الحصول عليها من داخل أجهزة الأمن السورية بمقابل مادى، وهناك تلك الأسلحة التى حازها التنظيم من إلحاق الهزيمة بخصومه والاستيلاء على معسكراتهم، فمثلا بعد أن قامت جماعات مسلحة فى العام الماضى بالسيطرة على قاعدة جوية قرب مدينة حماة السورية، وشوهدت حافلات تقوم بنقل ما تم الاستيلاء عليه من أسلحة، اعتبر محللون أنا ما حازه التنظيم من مخازن القاعدة الجوية كان بمثابة كنز ثمين سيمكنه من تحقيق مزيد من الاتساع! أما قصة السلاح التركى والسعودى والصواريخ المضادة للطائرات فهى حافلة بالإثارة أيضا! فوفقا لمقال كتبه مراسل شؤون الدفاع فى صحيفة «الإندبندنت» البريطانية تحت عنوان «أسلحة داعش صادمة مثل وحشيته»، أشار المراسل إلى أن التنظيم أصبح يمتلك أسلحة يمكنها إسقاط طائرات متطورة، وذلك بعد استحواذ التنظيم على صواريخ روسية مضادة للطائرات، وقد أكد صاحب المقال أن المعارضة السورية حصلت على قدر كبير من أسلحتها من النظام السورى، كما حصلت على أسلحة متطورة مثل المدفعية ومركبات مدرعة وعدد من الدبابات من القوات العراقية. كذلك فإن الاتهامات التى وجهها جون بايدن، نائب الرئيس الأمريكى، بحق تركيا فى محاضرة له بجامعة هارفارد -حين اتهمها بدعم تنظيم داعش- لم تكن بعيدة عما أوردته تقارير إعلامية غربية من بينها صحيفة «ورلد تريبيون» والتى كانت قد ذكرت من قبل أن تركيا هى واحدة من الدول التابعة لحلف شمال الأطلسى التى قامت بتسليح التنظيم. وكشأن أى تنظيم حريص على تنويع مصادر سلاحه، فقد ذكرت الصحيفة أن «داعش» قد تلقى شحنات من أسلحة من الكتلة الشرقية السابقة، من دول الاتحاد السوفييتى مثل بلغاريا وكرواتيا ورومانيا، بينما كشف مصدر دبلوماسى لنفس الصحيفة عن أن تدفق أسلحة «داعش» تم بدعم من حلف الناتو خصوصا تركيا. ومؤخرا فقد تعرف المحققون داخل مواقع القتال التى دارت فيها معارك حديثة مع تنظيم داعش على استخدامه صواريخ مضادة للدبابات وهى صواريخ أمدت السعودية بها الجيش السورى الحر العام الماضى.