عقب مقتل السادات قال عمر التلمسانى، مرشد الإخوان وقتها، قُتل السادات مثل قتل عثمان بن عفان. عبارة أثارت غضب الجماعات الإسلامية وقتها، تحديد الجماعة الإسلامية والجهاد، ووضع خطا واضحا وفارقا بين فكر الإخوان والجهاديين متميزا، بدأ فى الذوبان فى 14 أغسطس 2014. يؤمن الإسلاميون بكل طوائفهم، باستثناء الصوفية، بالمشروع الإسلامى، وتظلهم فكرة الخلافة، ويعتقدون بها جميعا، يختلفون فى تفاصيل، ويتفقون فى بعضها. يتفق الإخوان مع الجهاديين بشقيهم الكبير الجماعة الإسلامية والجهاد فى «فوقية» التغيير، يختلف معهم السلفيون فى «تحتية» التغيير. يعتقد «الإخوان» و«الجهاديون» أن التغيير يأتى من الحاكم، من فوق المجتمع، يعتمدون فى ذلك على المبدأ المشهور بينهم «إذا صلح الراعى صلحت الرعية».. ويختلفون فى الكيفية. العمل الديمقراطى، الوصول إلى السلطة «سلميا» وفق الآليات السياسية التى تفرضها الدولة وسيلة الإخوان للوصول إلى الحكم.. خطوة أولى فى تحقيق هدف الإخوان والإسلاميين.. يليه التمكين.. باستقطاب الشعب والقضاء على أوجه المعارضة.. للانقلاب على الديمقراطية بصورة أشبه ب«الأردوغانية».. نسبة إلى رجب طيب أردوغان.. لإعلان الخلافة. بدأت تلك الخطوة فعليا فى ترشح حسن البنا، مؤسس الجماعة، ومنظرها الأول، وراسم صراطها، فى الانتخابات البرلمانية عن دائرة الإسماعيلية فى فبراير عام 1942، وانتهت فعليا فى 14 أغسطس 2014 عقب عزل مرسى ب34 يوما. ويكفر الجهاديون -الجماعة الإسلامية والجهاد بتنظيماته- بالديمقراطية.. وما تفرضه الدولة من وسائل لتداول السلطة.. ويرون أن العمل المسلح والانقلابات العسكرية خير وسيلة للوصول للحكم قهرا.. وإعلان الخلافة غصبا شاء مَن شاء وأبى مَن أبى.. وأول عملية جهادية مسلحة منظمة كانت «الفنية العسكرية» التى هدفت إلى الاستيلاء على الدولة بالقوة.. وأسلمتها، واغتيال السادات كان انقلابا عسكريا فشل الوصول إلى السلطة ونجح فى زحزحة السادات. على العكس، يرى الفصيل الإسلامى الثالث بأنواعه المختلفة أنه «إذا صلحت الرعية صلح الحاكم»، فاتجه السلفيون إلى العمل الدعوى والتربية، واضعين كلمة إمامهم فى الحديث «الألبانى»: «أقيموا دولة الله فى قلوبكم.. يقمها الله على أرضكم»، فاتجهوا إلى أسلمة الدولة عبر أسلمة المجتمع، وأسلمة المجتمع عبر أسلمة الفرد، وأسلمة الفرد عبر تربيته.. وسلفنته. ورغم اختلافهم مع «الإخوان» و«الجهاديين» فى فوقية وتحتية التغيير، فإنهم اتفقوا مع زملاء المنهج.. أصحاب الجهاد فى رفض الديمقراطية وكفرها.. ورفض آليات الدولة لتداول السلطة. ذابت الجماعة الإسلامية وتنظيمات الجهاد فى السجون، واختفى السلفيون فى شقوق «المجتمع» يدعون.. يسلفنون.. يربون.. وتصدّر المشهد الإخوان المسلمين.. حتى ثورة 25 يناير. مراجعات سريعة للتيار السلفى لتبرير العمل بالديمقراطية الكافرة، أنتج حزب الفضيلة، ثم «النور»، ثم أحزاب سلفية أخرى، وهرولت الجماعة الإسلامية لإنشاء حزبها «البناء والتنمية»، وفشل الجهاد فى تمرير أحزابه.. حتى ارتبطت عبارة «تحت التأسيس» بقياداته الإعلامية. أخونة «25 يناير» الجماعات الإسلامية، جعلها تتفق راضية أو مرغمة مع فكر الإخوان السياسى.. أحزاب سياسية.. وصول إلى الحكم.. تمكين.. قضاء على المعارضة.. إعلان الخلافة.. للحديث بقية. عزز وصول الإخوان للحكم وتنصيب مرسى رئيسا، تحول «الجماعة الإسلامية» و«الجهاد» و«السلفيين» إلى فكر الإخوان ليحدث «أخونة» الإسلاميين رغم معارضتهم للإخوان فى جولة الرئاسية الأولى باختيارهم عبد المنعم أبو الفتوح، المنشق عنهم، فلا يعنى الاتفاق فى الأيديولوجية.. الاتفاق فى المصالح. الجماعة الإسلامية والجهاد وضعوا نصب أعينهم تسويق الإخوان لأنفسهم فى السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات على أنهم البديل المعتدل للجهاديين، وكلما ساءت صورة الجهاديين حسُنت صورة الإخوان، وتمكنوا فى السياسة أكثر. السلفيون وضعوا نصب أعينهم تجربتهم فى الجامعات فى الجماعة الإسلامية الطلابية وتضييق الإخوان عليهم، وتصويرهم بمعدومى الخبرة، حتى إن الدكتور ياسر برهامى، مهيكل الدعوة السلفية، لا يستحى من ذكر أن الإخوان حملوه مرابعة ورموه خارج أحد المساجد حينما كان يلقى خطبة بها. فى الجولة الثانية من رئاسية 2012 اضطر الإسلاميون جمعاء، باستثناء الصوفية، التكتل وراء الإخوان، وتوج تكتلهم باختيار مرسى رئيسا. فى تلك الفترة، التزم الإسلاميون منهج الإخوان.. الجماعة الإسلامية.. الجهاد.. السلفيون.. قليل من الجهاديين ظلوا كما هم، والأقل من السلفيين بقوا عما هم عليه، الباقى تأخون، ترك ما هو عليه والتزم ما يلتزمه الإخوان.. حتى كان فض «رابعة». الإسلاميون باستثناء حزب النور والصوفية –باستثناء أحد شيوخ الطرق الصوفية الذى ظهر مرة واحدة فى «رابعة» ولم يكررها- انضموا إلى اعتصام الإخوان فى «رابعة»، وعلى منهج الإخوان حتى الفض. بعد فض «رابعة» عاد الإسلاميون إلى سيرتهم الأولى، باستثناء «النور» الذى ما زال يرى أن «البِلية» ما زالت تدور فى يده، وعادوا إلى فكرهم الأول.. العنف.. العمل المسلح.. طريق لتحقيق الهدف، وانتهت أخونتهم، ليتحول إليهم الإخوان، ويعتقدوا ما كانوا يرفضونه فى السبعينيات والثمانينيات. انتهت مرحلة أخونة الإسلاميين، لتبدأ مرحلة.. جهدنة -من الجهاد- الإخوان، ساعد فى ذلك تولى التيار القطبى مقاليد الإخوان، عقب انتخابات مكتب الإرشاد فى 2009، ومرشد الإخوان فى 2010، لتقع الجماعة بالكامل بين يد القطبيين.