: الناس ليسوا مسلمين كما يدعون وهم يحيون حياة الجاهلية.. ارتدت البشرية إلى عبادة العباد ونكصت عن لا إله إلا الله.. ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم.. مسؤول الدعوة السلفية ل«التحرير»: سيد قطب كان ينتمي للجناح العسكري.. والشاطر ومرسي وبديع يحملون نفس الفكر في 29 أغسطس من عام 1966 تم تنفيذ حكم الإعدام في سيد قطب، والذي قضى فترة طويلة من حياته داخل المعتقلات، والتي كان لها أكبر الأثر في تشكيل أفكاره المتشددة، وعندما نتطرق إلى ذكرى مماته ينبغى التصفح في بعض أعماله السابقة التي يصف فيها المجتمع بأنه جاهلي، حيث يقول سيد قطب في كتابه «معالم في الطريق» ص158 ما نصه: «والمسألة في حقيقتها مسألة كفر وإيمان، مسألة شرك وتوحيد، مسألة جاهلية وإسلام، وهذا ما ينبغي أن يكون واضحًا، إن الناس ليسوا مسلمين كما يدّعون، وهم يحيون حياة الجاهلية، وإذا كان فيهم من يريد أن يخدع نفسه، أو يخدع الآخرين، فيعتقد أن الإسلام ممكن أن يستقيم مع هذه الجاهلية، فله ذلك، ولكن انخداعه أو خداعه لا يغير من حقيقة الواقع شيئًا، ليس هذا إسلامًا وليس هؤلاء مسلمين». ويقول، أيضًا، في كتابه «في ظلال القرآن»، «لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين بلا إله إلا الله، فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان، ونكصت عن لا إله إلا الله». كما يقول «البشرية بجملتها بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات (لا إله إلا الله) بلا مدلول ولا واقع. وهؤلاء أثقل إثمًا وأشد عذابًا يوم القيامة؛ لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد من بعد ما تبين لهم الهدى، ومن بعد أن كانوا في دين الله». وقال، أيضًا، في نفس كتابه، والذي ينضح بالكفر الصّرَاحِ الواضح الفاضح «إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة، ولا مجتمع مسلم، قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله، والفقه الإسلامي». سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلى، هو كاتب ومنظر مصرى، كان ينتمى لحركة الإخوان المسلمين، ولد فى 9 أكتوبر 1906م بقرية موشة، وهى إحدى قرى محافظة أسيوط، ويعد من أكثر الشخصيات تأثيرًا فى الحركات الإسلامية منذ بداية الخمسينيات من القرن الماضى. أتم قطب دراسته الابتدائية فى قريته فى 1920 وسافر إلى القاهرة، والتحق بمدرسة المعلمين الأوّلية، ونال شهادة الكفاءة ثم التحق بتجهيزية دار العلوم فى 1932م، وحصل على البكالوريوس فى الآداب من دار العلوم وعمل مدرسًا لست سنوات، ثم شغل عدة وظائف فى الوزارة، وعين بعد سنتين فى وزارة المعارف بوظيفة «مراقب مساعد» بمكتب وزير المعارف آنذاك إسماعيل القبانى، ثم قدّم استقالته على خلفية عدم تبنى اقتراحاته، وفى 1933م أنهى دراسته فى دار العلوم، وعُيّن مفتشًا للتعليم، وزاد شغف «سيد» بالأدب العربى، وقدم مؤلفات شعرية وروائية ونقدية، ثم تحول إلى الكتابة وحصل على بعثة دراسية لأمريكا عام 1948م، ومن هناك تعرف على حركة الإخوان المسلمين ومؤسسها حسن البنا، وبالأخص بعد الدوى الذى أحدثه اغتيال البنا، وفى 1952، عاد من أمريكا ليعمل فى مكتب وزير المعارف. ونقلته الوزارة أكثر من مرة فقدم استقالته فى أكتوبر 1952م، وفى مصر كانت حركة الإخوان تعمل على استقطاب المثقفين، وكان لقطب مشروع مفاده أنه «لا بد أن توجد طليعة إسلامية تقود البشرية إلى الخلاص»، وانطلقت علاقته بالإخوان المسلمين من كتاب «العدالة الاجتماعية فى الإسلام»، حيث كتب إهداء فى الطبعة الأولى يقول: «الفتية الذين ألمحهم فى خيالى قادمون يردون هذا الدين جديدًا كما بدأ.. يقاتلون فى سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون»، وفهم الإخوان المسلمين أنه يخصهم بهذا الإهداء فاهتموا به وصادقوه إلى أن انضم إلى الجماعة. وفى 1954م وعلى خلفية محاولة الاغتيال الفاشلة التى استهدفت عبد الناصر فى المنشية تم اعتقال الكثيرين منهم، وكان قطب أحدهم الذى اعتقل لمدة 15 عامًا، وكان قطب أثناء سنوات الاعتقال قد أتم كتبه الثلاثة «فى ظلال القرآن» و«معالم فى الطريق» و«المستقبل لهذا الدين»، وكانت الشرطة المصرية قد اعتقلته مجددًا فى 1965م، وحُكم عليه بالإعدام مع 6 آخرين، تم تنفيذ الحكم فى فجر الإثنين فى مثل هذا اليوم 29 أغسطس 1966م. «جاهلية المجتمع» و«طلائع الخلاص» و«اتساع مفهوم الوطن»، كلها نظريات أصّل لها سيد قطب، واعتبرها أفراد جماعة «الإخوان المسلمين» الإرهابية بروتوكولات لا يجوز الحياد عنها، أو الخروج عن نصها.. وسواء اختلف المؤرخون والسياسيون عن مغزى هذه الأفكار، وما تحمله من مضامين، فقد قادت تلك النظريات صاحبها إلى «حبل المشنقة»، فى مثل هذا اليوم 29 أغسطس من عام 1966، بعد أن اتهم بالتآمر وقلب نظام الحكم. وكانت "أمريكا" هى المحطة الفاصلة فى تغيير مسار حياة سيد قطب، فقد حصل قطب على بعثة دراسية إلى أمريكا، فى نوفمبر 1948، من وزارة المعارف، للتخصص في التربية وأصول المناهج، وكان يكتب المقالات المختلفة عن الحياة في أمريكا، وينشرها في الجرائد المصرية، وربما كان فى هذا متأثرًا بدراسته القديمة فى دار العلوم، متخذًا من الطهطاوى قدوة له بكتابه عن فرنسا «تلخيص الإبريز فى وصف باريز»، وكتب قطب مقال بعنوان «أمريكا التي رأيت»، يقول فيه: «شعب يبلغ في عالم العلم والعمل قمة النمو والارتقاء، بينما هو في عالم الشعور والسلوك بدائي لم يفارق مدارج البشرية الأولى، بل أقل من بدائي في بعض نواحي الشعور والسلوك». ومن جانبه يقول الشيخ محمود عبد الحميد مسؤول الدعوة السلفية بالإسكندرية، في تصريحات خاصة ل«التحرير»، إن سيد القطب كان ينتمي للجناح العسكري والذي كان فيه أيضا عبد الرحمن السندي، كان يحضر مع عبد الناصر ومجلس قيادة الثورة في جبهة التحرير قبل قيام الثورة وكان يوجد لديه تأثر للميل الى العنف في ذلك الوقت، وبعد ذلك لما تم إلقاء القبض عليه عام 1954 وخرج من محبسه عام 1964 وفي ظل التعذيب الذي مورس ضده والمعاناه التي تعرض لها حدث له تحول فكري حيث قام بتكفير المجتمع معتبرًا أنه جاهلي كافر، فتم إلقاء القبض عليه مرة أخرى عام 1965م وكانت عملية التكفير استوت لديه، وربى تلاميذ الذين تبنوا هذا الفكر من خلال التكفير الصريح. وأضاف مسؤول الدعوة السلفية، من تلامذة سيد قطب، محمد بديع، والشاطر، ومرسي، ومحمود عزت، وجمعة أمين، هم لم يصرحوا علنًا بهذا الكلام ولكنهم أقروا الخطاب التكفيري الذي كان ظاهرًا على منصة رابعة العدوية والنهضة وغيرها، وخطاب العنف الذي ظهر في مؤتمر نصرة سوريا وتقسيمهم المجتمع الى معسكرين كفر وإيمان. وأشار إلى أنهم ينظرون إلى أنفسهم ومؤيديهم على أنهم معسكر الإيمان، أما بقية المجتمع فيمثلون معسكر الكفر وهم لم ينكروا هذا الخطاب وظهر على منصاتهم، ولم يدينوا ما كان يحدث.