إعداد وحدة البحوث السياسية بجريدة التحرير تركيا حاولت السيطرة على المنطقة فانتهى بها المطاف إلى العزل السياسى والدبلوماسى فى ظل الحملة الإسرائيلية على قطاع غزة والجهود الدبلوماسية المصرية للوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ظهر مدى انحدار التأثير السياسى التركى فى المنطقة، بعد أن بلغ أوجه فى عام 2012 بالصلة القوية بين النظام السياسى التركى بزعامة أردوغان والرئيس السابق محمد مرسى. فقد داوم نظام أردوغان على الادعاء بأن تركيا هى الدولة الأنسب للعب دور الوسيط بين إسرائيل وحركة حماس، فالأخيرة قد رفضت مقترح مصر بوقف إطلاق النار فى منتصف شهر يوليو -ثم قبلته بنفس شروطه بعد مرور ثلاثة أسابيع- بما رفع من طموح تركيا للعب دور رئيسى على حساب مصر فى وقف إطلاق النار فى غزة، وهو ما لاقى صدى لدى وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى ودعوته تركيا لحضور مؤتمر باريس للوصول إلى حل لأزمة الحرب على قطاع غزة. كانت رؤية أردوغان فى أزمة غزة تقوم على العلاقات القوية التى تربط نظام أردوغان بخالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، بما يدعم احتلال تركيا للدور المصرى فى ظل حكم الرئيس السابق محمد مرسى. وعلاقات تركيا التاريخية بإسرائيل وعمق العلاقات الاقتصادية والعسكرية. كان هدف أردوغان من لعبة دور الوسيط فى حرب غزة: صرف أنظار الرأى العام التركى عن الأحداث الداخلية (قضايا فساد وانتهاكات حقوق إنسان من قبل الشرطة التركية تجاه المتظاهرين فى ميدان تقسيم)، وحشد الكتل التصويتية المحافظة خلف أردوغان فى الانتخابات وإظهار تركيا كفاعل رئيسى فى الشرق الأوسط كما كانت. ولكن رؤية أردوغان تناقضت مع وضع تركيا الجديد وعلاقتها بالدول الفاعلة فى الشرق الأوسط، باستثناء حركة حماس وقطر، شهدت علاقات تركيا انحدارا حادا مع السعودية والإمارات ومصر والسلطة الفلسطينية وحتى إسرائيل. فتركيا فقدت علاقتها بمحور مصر والسعودية والإمارات فى أعقاب 30 يونيو والإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين الحليف القوى لتركيا فى المنطقة. وعلاقات تركيا السياسية بإسرائيل فى حالة توتر مستمرة منذ حادثة الاعتداء الإسرائيلى على السفينة مرمرة أمام سواحل قطاع غزة ومقتل عشرة أتراك كانوا على متن السفينة، وما تبعه من تخفيض لمستوى التمثيل الدبلوماسى المتبادل. عندما وافقت حركة حماس على المبادرة المصرية التى رفضتها من قبل فى منتصف يوليو، وهو مؤشر يدل على إذعان «حماس» لشروط التفاوض لضعفها الدبلوماسى تحت ظروف العملية العسكرية على قطاع غزة، وعدم قدرتها على الابتعاد عن الرعاية المصرية لأى اتفاق لوقف إطلاق النار أو اتفاق نهائى مع إسرائيل، وهو تأكيد لدور مصر المركزى فى القضية الفلسطينية، ونجاحها فى عزل تركيا وقطر عن لعب أى دور فى أزمة غزة، سواء فى ملف التفاوض لوقف إطلاق النار أو ملف إعمار غزة، وفى ملف إعادة إعمار غزة تعرض مصر استضافة الدول المانحة فى مؤتمر لإعادة إعمار غزة فى شهر سبتمبر لإعطاء 4 مليارات دولار لإعمار القطاع. وهو ما علق عليه الرئيس التركى أردوغان بأن نظام 30 يونيو يستخدم ملف الوساطة المصرية بين الأطراف المتنازعة فى غزة، لكى يشرع وجوده بقوة الأمر الواقع. انتصر أردوغان فى انتخابات رئاسة الجمهورية بنسبة 51%، ولكنه لم يتمكن من إعادة تركيا إلى صدارة المشهد الشرق الأوسطى كما كانت قبل الربيع العربى.