على الرغم من حالة القلق والفزع التى أصابت قطاعات واسعة من المصريين من هيمنة الجماعة على مقدرات البلاد، فإن الاتجاه العام كان مؤيدا لمنح الجماعة فرصة والحكم على التجربة، ومن هنا أعلنت قوى ثورية عديدة ومجموعات يسارية وكتاب ومفكرون استعدادهم للعمل مع الرئيس الإخوانى. فى المقابل بدا واضحا أن الجماعة تعاملت مع فوز مرسى باعتباره نقطة الانطلاق لمرحلة التمكين، وبدأت عملية السيطرة على مقدرات البلاد وزرع عناصر الجماعة فى مختلف مؤسسات الدولة. ما إن دخل مرسى القصر الجمهورى حتى فتح خزائن الرئاسة السرية وسرَّب للمخابرات القطرية والتركية معلومات غاية فى السرية تتعلق باستراتيجيات الأمن القومى المصرى وخطط الجيش فى التسلح. مدّ مرسى يد التعاون مع الجماعات المتشددة وصولا إلى تنظيم القاعدة، إذ أجرى محادثات هاتفية مع زعيمه أيمن الظواهرى. وفتح أبواب البلاد أمام متشددين من مختلف الجنسيات، واستقبل فى القصر الجمهورى شخصيات تنتمى إلى جماعات مسلحة من حماس وغيرها. بدأ مرسى تنفيذ مخطط الجماعة فى السيطرة على مؤسسات البلاد، فبدأ بإصدار إعلان دستورى حصَّن من خلاله ذاته وقراراته بحيث لا يجوز الطعن على أى من قراراته ومن ثم لم يعد هناك من يمكنه مناقشة مرسى أو مراجعة قراراته. بدأ مخطط السيطرة على القضاء المصرى بحيث عيَّن أنصار الجماعة فى مواقع مهمة وتحديدا من جماعة «قضاة من أجل مصر» وهم فى الجوهر قضاة من أجل الجماعة، واستباقا لما يمكن أن تقوم به المحكمة الدستورية العليا من مراجعة قراراته، أمر مرسى عناصر الجماعة بحصار المحكمة الدستورية ومنعها من الانعقاد فى إجراء هو الأول من نوعه فى تاريخ المحكمة الدستورية العليا. تحولت الجماعة بعد ذلك إلى تنفيذ مخطط السيطرة على وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية، وبدأ المخطط باستقطاب قطاعات من «أمناء الشرطة» وظهر ضباط ملتحون يطلبون الترخيص بإطلاق اللحية، وجرى استقطاب قيادات عليا ووسيطة فى جهاز الأمن الوطنى وحصل رجل الجماعة القوى خيرت الشاطر على معلومات مهمة وسرية من الجهاز. حاولتْ الجماعة اختراق القوات المسلحة، ورتّبت لجريمة قتل سبعة عشر جنديا وضابطا مصريا من قوات حرس الحدود فى أغسطس 2012 من أجل الإطاحة بطنطاوى وعنان، وبدأت ترتيب إدخال شباب الجماعة إلى الكليات الشرطية والعسكرية، وسارت فى طريق مخطط استقطاب عدد من القيادات، وهو ما فشلت فيه فشلا ذريعا، فلم تتمكن الجماعة من اختراق القوات المسلحة ولا الأمن القومى كما لم تتمكن من الاقتراب من المخابرات العسكرية. ومع سير الجماعة فى تنفيذ مخططها للسيطرة الكاملة على البلاد، تحرك الشارع المصرى ضد حكم المرشد والجماعة، وفى اللحظات الحاسمة رفضت الأجهزة الأمنية المصرية تنفيذ أوامر الرئيس ورجال الجماعة باعتقال رموز النخبة المصرية، وفى المحصلة النهائية وقف الجيش بجوار الشعب وحقق له ما أراد عبر بيان 3 يوليو. مع عزل مرسى مارست الجماعة سياسات القتل والترويع والتخريب على نحو يكشف عن حقيقة فكر الجماعة المعادى للشعب والوطن، وسجدوا شكرا لله فى رابعة عندما سمعوا بأنباء اقتراب بوارج حربية أمريكية من الشواطئ المصرية، واستهدفوا رجال الجيش والشرطة، ومع غروب آمالهم فى عودة مرسى إلى الحكم بدأ مخطط التخريب بحيث بات الهدف تخريب المنشآت والمؤسسات وقتل وإصابة أكبر عدد من المصريين على نحو عشوائى، هدفهم اليوم معاقبة الشعب الذى ثار ضدهم وخلعهم، إنه فكر جماعة معادية للشعب والوطن.