العادلى يصف «25 يناير» بأنها مؤامرة.. ما المشكلة؟ هل كنت تنتظر من وزير داخلية مبارك الذى قامت عليه الثورة فى الأساس يوم عيد الشرطة أن يعترف بأنها ثورة؟ يعتقد العادلى ورفاقه وكل أركان نظام مبارك أن «25 يناير» مؤامرة، كما يعتقد مرسى وإخوانه وكل مناصريه أن «30 يونيو» مؤامرة، ما الفارق بين اثنين خلعتهما حركة الجماهير وشاركها الجيش فى عملية «الخلع - المؤامرة»؟ هل هو شىء مهم أن تعرف توصيف المخلوعين المعزولين لعملية إبعادهم عن السلطة إلى السجون، فتصرف الطاقة فى الرد على رجل يقف بالبدلة الزرقاء فى قفص اتهام ليدافع عن نفسه، بينما تكيل له النيابة العامة اتهامات القتل والتقصير والفشل، ولا يريد أن يعترف بأن مشهد جلوسه هو ورئيسه ونجليه وطاقم مساعديه فى القفص يكفى وحده للإقرار بأن ثورة جرت فى البلاد؟ لا يهم ما يقول ويزعم، لا تهم حتى اللقطات التى يطلقها ليظهر بها فرط إنسانيته البليغة حين يقول لامرأة «تجسس عليها» عيب، لا يهم حديثه عن تدريبات تلقاها نشطاء أو أموال تلقتها هيئات، لأن فى ذلك فقط إدانة له بالغباء والفشل. المهم أن تثق بنفسك، وأن تعرف أن نزولك الشارع ومواجهتك بطش هؤلاء واستبدادهم، هو الذى ألقى بهم فى السجن لأكثر من 3 سنوات حتى الآن، ودفعهم إلى كتابة الملاحظة تلو الملاحظة، وتذكُّر الموقف تلو الموقف فى محاولة للنفاذ من أى ثغرات. حين يتحدث العادلى عن مؤامرة خارجية كبرى، فهو لا يحاول فقط أن ينفى عن «25 يناير» صفة الثورة، ولا يحاول أن يدافع عن نفسه فى شأن اتهامات الاستبداد والتعذيب واستغلال النفوذ وقتل المتظاهرين، فكم من سفاحين اختاروا طريقهم ليضمنوا أماكن مستقرة فى كتب التاريخ حتى لو باللعنات، وزير الداخلية المخلوع مع رئيسه يحاول أن ينفى عن نفسه تهمة الفشل وصفة الغباء. لم تثبت «25 يناير» أكثر من أن الأسطورة الأمنية التى ادَّعى العادلى أنه بناها طوال 14 عاما، وخلق بها نفوذه ووجوده من مبارك باعتباره حامى حكمه ونظامه، لم تكن إلا أسطورة من وَهْم، انهارت فى عدة أيام، حتى وقف هو ورجاله يعترفون أمام المحكمة بأن الشرطة انتهت فى 28 يناير. هل تريد للرجل القوى جدا الذى ثبت تماما أن عضلاته من هواء، أن يعترف بأن شبابا ومواطنين غاضبين هم الذين مرمغوا رأسه فى التراب، وألقوا به فى السجن، وأجبروا سيده على التنحى، وشرّدوا رجاله المقربين بين الزنازين والسجون؟ الأمر يحتاج إلى قوة هائلة، ومخابرات دولية، ومؤامرات كونية يتحالف فيها كل الغرماء أمريكا وإسرائيل وإيران والإخوان وحماس وحزب الله، من أجل هزيمة أسطورته الأمنية. هذا التحالف الدولى وحده الذى كان قادرا على أن يهزم حبيب العادلى، هكذا يقول لنفسه ويحاول أن يصدقها، وهكذا يقول للمحكمة ويحاول أن تصدقه، أما أن يهزمه شباب خرج يهتف بسقوطه بحناجر غاضبة تجاوز غضبها الحلقوم، فهو عار لا يريد أن يعترف به ولا يستطيع أن يتحمله، لأن اعترافه به لا يعنى فقط أن ثورة قامت غيَّرت وجه مصر وألقت حكامها فى السجون وجاءت بحكام جدد ووجوه جديدة، لكن لأن اعترافه بذلك يدمغ مسيرته المهنية بالفشل والغباء، يكشفه أمام مبارك قبل غيره، يقول للمستبد الأكبر إن عصاه الأمنية كانت عصا من ورق، امتلأت بدعايات فقط كانت كفيلة بتخويف الناس، لكن حاجز الخوف حين انكسر تم اختبار هذه العصا الغليظة وظهر الوهم المهنى الكبير. العادلى يدافع عن نفسه.. هذا حقه، لا تنسوا فقط مَن وضعه هذا الموضع وألزمه منزلة المتهم فى قفص الاتهام، فإذا كانت ثورة فهذا حصاد فساده واستبداده، وإذا كانت مؤامرة فهى نتاج فشله وغبائه، وفى كلتا الحالتين يستحق المحاكمة والصفحة السوداء فى كتاب التاريخ.