حكى لى أحد أقاربى أنه كان يحاول منذ عشرين عاما، إنهاء أوراق تخصه، وكان يحتاج إلى تأشيرة (إمضاء) من المحافظ، أخبرنى كيف كان عليه أن يأتى فى الصباح منتظرا عطف الموظفين ليتمكن من مقابلة المحافظ لإنهاء أوراقه، ويستمر ذلك لأيام دون أن يتمكن من مقابلته، طبعا كل هذا الذل والمهانة لمجرد أن الروتين الحكومى طلب توقيع المحافظ بنفسه على أوراق تافهة، واعتقد قريبى أنه أخيرا ابتسم له الحظ وتمكن بالصدفة فى أثناء تردده على مبنى المحافظة من الالتقاء بالمحافظ، وقت مروره أمام مبنى المحافظة، واقترب منه وبلهجة غاية فى الأدب، بل وقل الذل والاستكانة، طلب منه إنهاء أوراقه، فإذا بالمحافظ وبمنتهى التعالى يقول له: «تعرف بيتكم.. خد الورق واطلع على بيتكم وتيجى بكرة الصبح»، وحين حاول قريبى إخبار المحافظ أنه يأتى من الصباح كل يوم لكنه لا يتمكن من مقابلته، غضب المحافظ وتركه وركب سيارته وغادر المكان! كان ذلك منذ أكثر من عشرين عاما كما قلت! أما منذ أيام، وتحديدا فى صلاة العيد وفى أثناء خروج محافظ الدقهلية اللواء عمر الشوادفى من المسجد، تجمع حوله مجموعة من المواطنين هنؤوه بالعيد، وطالبوه بإصلاح الصرف الصحى فى قرية كفر البدماص التابعة للمحافظة، ثم حضر رجل بسيط يوزع الحلوى على المصلين احتفالا بالعيد، وجد المحافظ فأعطى له الحلوى، ابتسم المحافظ اللواء عمر الشوادفى، وقال: «أنتم أطيب خلق الله يا مصريين»، فقال الرجل للمحافظ: «إحنا خدامينك، خدامينك، وعينك علينا، إحنا بناكل الخضار بالمجارى»، فألقى المحافظ الحلوى فى وجه الرجل وقال «مش مقبولة منك، علشان إنت فى بيت ربنا وبتبوظ الفرحة، والمسلم لا تخرج منه إلا الكلمة الطيبة، وإنت بتفرح الكلاب الشمتانين فينا» (!!) عقلية هذا المحافظ لا تختلف عن صاحب القصة القديمة منذ أكثر من عشرين سنة مع قريبى، عقلية رجل السلطة غير القابلة لأى نقد، أو حتى استعداده للاستماع إلى شكوى مواطن بسيط، حتى وإن كان يقدم له الحلوى ويشتكى من أبسط حق فى الحياة، وهو أن يأكل طعاما نظيفا غير مختلط فيه مياه الرى بمياه الصرف الصحى! فقد اعتبر هذا المحافظ أن مجرد طلب عادل ومنطقى من مواطن بسيط، يفرّح الكلاب الشمتانين فينا! لا يا سيادة اللواء، الكلاب الشمتانون سيستمرون فى الشماتة حينما تبقى مياه الشرب أو الرى مختلطة بالصرف الصحى، سيستمر الكلاب الشمتانون فينا حينما تبقى شكوى مواطن بسيط لا تلقى أى أهمية من جانبك، سيبقى هؤلاء الشمتانون فينا حينما لا تفهم أنت يا سيادة المحافظ أو أى من زملائك أن مكانك هو خدمة المواطن لا العكس! بالبحث اكتشفت خبرا آخر يتعلق بنفس المحافظ، ولكن من شهر أبريل الماضى، فقد حدثت فضيحة أن تمت الاستعانة بمجموعة كومبارس لتمثيل دور عرسان فى حفل زفاف جماعى للأيتام كانت تنظمه دار الأورمان بالتعاون مع نفس المحافظة، وحين علم نفس المحافظ بالواقعة لم يعاقب المسؤول عنها، بل عاقب الصحفيين الذين نشروا الخبر، ومنعهم من تغطية أخبار المحافظة!! هنا أدركت أنه ستستمر الكلاب الشمتانون فينا طالما بقى نفس المحافظ فى مكانه أو من يفكرون مثله.. أقيلوه لحمايتنا من الكلاب الشمتانين فينا، حسب تعبيره!