نداهة المسرح ندهتهما، ظل كل منهما على خشبة المسرح لسنوات قبل أن تجد الكاميرا طريقا لتوثيق قدراتهما الفنية، وملامح كل منهما تجعلهما قريبين من أى دور يجسدانه، وكلاهما لم يبخل مطلقا فى تجسيد الشخصيات المرسومة له على الورق، مانحين لها الحياة والقدرة على الوصول إلى المشاهد بأفضل طريقة ممكنة، بطريقة لعب دور الوسيط القادر على هضم الشخصية وقياس انفعالاتها وترجمتها بأدواتهم. سيد رجب وبيومى فؤاد وجهان لعملة واحدة، وقاسم مشترك فى كثير من الأعمال، يدخلان بسهولة الواثق إلى عدد من الأعمال المتوازية، يهتمان فقط بالشخصية وكيفية أدائها، لا يخشيان من المقارنة أو التكرار، لأنه ببساطة غير وارد، دائما ما يتجدد دم شخصياتهم بروح خاصة يضفونها عليها، طرقَا باب السينما فى وقت متقارب وخلال العشر سنوات الأولى من الألفية أصبح لكل منهما قاعدة وانتشار جماهيرى أكبر وأوسع. الكبيران رجب وبيومى يتحدثان ل«التحرير» عن تفاصيل اختيارهما الأدوار وكيفية تحضير شخصياتهما وتميزها. سيد رجب: تركت ل«جابر» حرية التصرف في «عد تنازلى» «رجب» و«جابر» شخصيتان يقدمهما سيد رجب هذا العام، بعد أربع شخصيات العام الماضى، فهو دائما ما ينجح فى التنقل بين شخصياته بسلاسة، ويبرز اختلافاتها حتى لو تزامن عرضها، أو كثر عدد الأعمال التى يشارك فى بطولتها، المؤلف والممثل تحدث عن تجربة تعدد الشخصيات والتحضير لها، قائلا إنه لا يحضّر لشخصياته التى يقدمها فى المسلسلات. يشارك هذا العام فى عملين فقط، حيث إنه كان يظن أن قلة الاشتراك فى مسلسلات العام الجارى مقارنة بنظيره الماضى سيجعلان الأمر أسهل، لكن ما حدث هو العكس. وشخصية «جابر» فى «عد تنازلى» أمير الخلية الإرهابية وتميزها واختلافها عن الصورة السائدة التى تصورها الأعمال الفنية للإرهابى، قال عنها سيد إنه فى البداية قرر تناولها من وجهة نظر «جابر»، لا من وجهة نظره كممثل، ف«جابر» شخص مقتنع بكل كلمة يقولها وكل فكرة تمر فى عقله، ويستطيع الرد على أى سؤال يوجه للشخصية حتى لو لم يكن مكتوبا فى سيناريو المسلسل، لو سألنا «جابر» عن السبب فى قتله والد «سليم» سيرد أنه فرد فى مجتمع فاسد من وجهة نظرة، ولا دور للأب فى هذا المجتمع، وأنه يخدم قضية أكبر بكثير من شخص الأب، ستجد فى روح الشخصية مبرراتها للقتل، ومن هذا المنطلق قررت أن أترك المساحة ل«جابر» بأفكاره ومعتقداته فى التمثيل، حتى يظهر بصورة طبيعية تختلف عن الصورة الكرتونية التى قدمها بعض الأعمال لشخصية الإرهابى. وأضاف رجب: «لم أتعمد أن أنفصل عن الشخصية وأتعامل بمنطق (جابر وسيد)، حتى لا أصل إلى مرحلة أسقط فيها من شخصيتى، أو أسخر منه فى المشاهد أو أن أبالغ فى أداء بعض المواقف، تركت له المساحة ونقلته كما هو دون أى رتوش كشخص من لحم ودم، ليصبح للمشاهد القدرة فى الحكم عليه من صميم أفعاله وليس إنسانيته»، وقال إن المسلسل يركز على الخلفيات التى حولت طريق «سليم» لإرهابى، ودور «جابر» فى ذلك، وهو الأمر الذى رسمه السيناريو، لذلك وجب أن يكون «جابر» هو المتحكم لبيان طريقة تأثيره على «سليم» وهدايته له إلى الطريق، أو «المصيبة» الذى دفعته إليها، فمن مهندس عبقرى وأستاذ بالجامعة إلى إرهابى وقاتل مرت شخصية «سليم» بتحولات. «للمخرج حسين المنباوى، والمؤلف تامر إبراهيم دور أيضا فى ظهور الشخصية بهذا الشكل، حتى بعد قراءتى السيناريو، وتصورى لكيفية أداء الشخصية، تناقشت مع كليهما، وشرحت وجهة نظرى فى جابر للمخرج، لأكتشف أننا متوافقان فى الرؤية للشخصية وكيفية أدائها لتعقبها عدة مناقشات حولها، حتى وصلنا إلى الشكل الذى خرجت به إلى النور». وقال مؤلف «الشوق» عن أسلوبه فى التمثيل إنه يفضل المعايشة وتقمص الشخصية ليصل بها إلى التحرك بحريتها حسب تصرفها، رافضا أن يكون منتميا لمدرسة أو أسلوب بعينه، أو حتى يقتصر أداؤه على نوع بعينه، سواء كوميديا أو تراجيديا، قائلا إنه حتى الكوميديا أنواع، وهو يفضل التنوع والتنقل بين الألوان المختلفة. وقال عن المشهد الذى حذفه بعض القنوات فى الحلقة العاشرة من مسلسل «السيدة الأولى» الذى جمعه مع ميريهان فى شخصيتى «رجب» وابنته منال، إنه مشهد عادى ويمثل لقاء أب بابنته لم يرها منذ 20 عاما، وكان يجب أن يضم مشاعر ليضيف عن الرقابة أنه يرفضها، وأن يفتح الباب على مصراعيه للفن، الرقابة المقبولة هى رقابة الجمهور الذى قد يرفض مشاهدة عمل ما ويتركه، لكن هذا مرتبط بثقافة ووعى المجتمع. بيومى فؤاد: أنا مش «نحِّيت» واعتذرت عن المشاركة فى ثلاثة مسلسلات فنان تشكيلى تخرَّج فى كلية الفنون الجميلة عام 1990، يهوى التمثيل، ظل لسبع سنوات بعدها يتنقَّل بين المسارح المختلفة فى مواقع المخرج والممثل، وظل المسرح يشدّه إلى طريقه حتى بدايات الألفية الجديدة، وبالتوازى مع البحث عما يحبه فى التمثيل فإنه مستمر فى عمله كرئيس لقسم ترميم اللوحات الورقية بقطاع الفنون التشكيلية التابع إلى وزارة الثقافة، هذه هى وظيفته، وهذه هى هوايته التى تحولت إلى احتراف، حيث سعى الكوميديان، بيومى فؤاد، ليوازن بينهما دائما. «فى الماضى انتشرت مقولة (الممثل يستطيع أداء كل الأنواع)، وأنا أسأل نفسى دائما هل أستطيع أداء أدوار التراجيديا؟ هل سيُصدّقنى الجمهور؟»، بهذه الكلمات بدأ الفنان بيومى فؤاد حديثه ل«التحرير»، مشيرا إلى ارتباطه بالأداء الكوميدى وطريقته حتى فى الحياة العادية، للدرجة التى تجعل مَن حوله يشكّون فى ما يقصده، حتى أولاده، يسألونه كثيرا: هل يتحدث بجدية؟ فهو عندما يتحدث يصفه الكثيرون من حوله بأن «جده هزار.. وهزاره جد»، مضيفا أن الكوميديا كثيرا ما تنشأ من مجرد الحديث بطريقة جادة. وعن اشتراكه فى أكثر من عمل خلال موسم دراما رمضان، أوضح فؤاد أنه لا ينتقى الأعمال ولا يفاضل بينها، هو فقط يبحث عن الشخصية الجيدة، مضيفا أنه فى العام الماضى اشترك فى مسلسلات «الرجل العناب» و«الكبير أوى» و«موجة حارة» و«اسم مؤقت»، موضحا أن معياره فى الاختيار هو السيناريو الجيد، ولا يبحث عن أى شىء آخر سوى الشخصية التى تلمسه بشكل شخصى وهو يقرأ السيناريو، واصفا هذا الأمر بأنه السبب فى عدد من المشكلات فى نظرة البعض له كممثل، حيث يعتقدون أن بحثه عن الشخصية ورغبته فى أدائها كمعيار مهم بالنسبة إليه نوع من أنواع الاستسهال فى طلبه للاشتراك فى بطولة بعض الأعمال الفنية، بينما ينظر البعض إلى الأمر نظرة خاطئة، ويعتبرون ذلك مؤشرا لمنحه أدوارا أقل أهمية، يرفضها هو فى حال عدم توافقها مع معياره. وأكد فؤاد أن مساحة الشخصية لا تعنيه كثيرا قدر ما يعنيه المحتوى، ضاربا المثل بما حدث العام الماضى، عندما قدَّم شخصية سعد العجاتى فى مسلسل «موجة حارة»، مقارنة بمساحة الشخصية التى قدمها فى 6 مشاهد فقط فى مسلسل «اسم مؤقت»، قائلا إن «ردود الأفعال على شخصيتَى المسلسلين جاءت إيجايبة وجيدة، رغم اختلاف مساحتيهما»، موضحاً أنه يكفيه أن يقدم مشهدين فى مسرحية يتفاعل معهما الجمهور على أن يقدم دورا بمساحة أكبر لا يلتفت إليه الجمهور، رافضا وصفه ب«النحِّيت» لأنه لا يقبل أى أدوار تُعرَض عليه. وأشار صاحب شخصية الدكتور ربيع فى «الكبير أوى» إلى أن وجوده فى 6 مسلسلات هذا العام واعتذاره عن مسلسلات أخرى، منها «سجن النسا» و«تفاحة آدم»، و«الإكسلانس»، والمسلسل الذى لم يستطِع اللحاق بموعد العرض هذا الموسم «أنا عشقت»، يرجعان إلى ضيق الوقت وارتباطه بالأعمال الستة التى تعاقد على الاشتراك فى بطولتها، مضيفا أن أدواره فى ال6 مسلسلات سبَّبت له إرهاقا جسديا، مشيرا إلى أنه سيبدأ فى الانتقاء والبحث وتقليل عدد الشخصيات التى سيظهر من خلالها، طلبا للراحة الجسدية والتركيز بشكل أكبر على ما يقدِّمه والتجويد فيه.