الخبير الاقتصادى الدكتور صلاح جودة، قال إن مصر بها أكبر عدد من المستشارين وهم يعملون فى كل الوزارات وكل الهيئات والمؤسسات العامة، وعادة المستشارين يكونوا هم رؤساء أو كبار موظفى هذه الهيئات والوزارات ويتم اختيارهم بعد بلوغهم سن المعاش القانونى ويكون ذلك بمثابة تحايل على القانون، هذا بخلاف المستشارين الذين يأتى بهم الوزراء من خارج الوزارات وخارج النطاق الحكومى وهم إما خريجى الجامعه الأمريكية أو خريجى مؤسسات خاصة كانت تعمل فى البزنس. وكشف «جودة» فى دارسة تم إعدادها بمعرفة مركز الدراسات الاقتصادية، أن عدد المستشارين الذين يعملون فى كافة الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية يبلغ حوالى «450» ألف مستشار ويتقاضون أجور ومكافآت وحوافز تبلغ حاولى «16.2» مليار جنيه سنويا، وهذا يعد إهدارًا للمال العام ويعد بمثابة قتل الأمل فى الصفوف الثانية والثالثة، وطالب «جودة» بإصدار قانون صارم يتم تطبيقه على الجميع وهو من بلغ سن 60 عامًا يتم خروجه على المعاش ولا يتم التجديد له أو تعييه مستشارًا أو من ذوى الخبرة أو أى من هذه المسميات تحت أى ظرف من الظروف. وقال الدكتور حمدى عبد العظيم الخبير الاقتصادى ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية الأسبق، إن قرار حصر وتخفيض أعداد المستشارين وتحديد مهام عملهم جاء متأخرًا، خصوصًا فى ظل الأزمات الاقتصادية التى تعيشها مصر الآن، لافتًا أن هذا القرار يساهم فى ترشيد النفقات العامة الحكومية، حيث تتحمل الموازنة العامة للدولة رواتب نحو 20 ألف مستشار سنويًّا قد تصل إلى 18 مليار جنيه، وأضاف أن حجم الأجور فى الموازنة العامة للدولة تصل إلى 200 مليار جنيه، أى أن المستشارين يتقاضون نحو 9% من إجمالى رواتب الجهاز الحكومى فى مصر، مشيرًا إلى أنه عقب تخفيض هذه المخصصات، سيؤدى إلى تقليل عجز الموازنة العامة للدولة بنفس النسبة، وأن الدستور الجديد نص على أنه يجب على المستشار أن يتفرغ للعمل فى جهة واحدة، ولا يعمل أو يتقاضى من أكثر من جهة. وأوضح «عبد العظيم» أن المستشارين فى مصر لا يوجد لهم وظيفة حقيقية، فمنصب المستشار تم تصميمه خصيصًا للمجاملات، وأن الوزراء عادةً ما يستعينون بالإدارات الفنية والمدراء والقانونيين والموظفين أنفسهم فى اتخاذ القرارات، ويكفى مستشار واحد لكل قطاع، لافتًا أن الوزير لا يستعين بالمستشار إلا فى حالة إذا كان لديه أزمة لم يستطع الوزراء حلها، وفى هذه الحالة قد يلجأ الوزير إلى الجهة المختصة للدولة فى هذا الشأن بدلاً من الاستعانة بالمستشار، ولفت إلى أنه لا يوجد عدد صريح بأعداد المستشارين فى كل وزارة، ولذا يجب أن يعلن كل وزير عن عدد المستشارين فى وزارته والمبالغ التى يتقاضونها، مشيرًا أن عدد المستشارين يختلف من وزارة لأخرى، فهناك وزارات ليست فى حاجة إلى مستشارين وأخرى تحتاج عددًا كبيرًا منهم كوزارة المالية. ويرى الدكتور شريف قاسم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الادارية، أن ما يحدث هو حالة فوضى تشهدها الوزارات والهيئات الحكومية خلال السنوات الأخيرة وأهم ملامحها هؤلاء المستشارين الذين لايسأل أحد لماذا أتوا ولا ماذا يفعلون وكم يتقاضون؟ لافتا أن المنح والقروض التى تحصل عليها الدولة بهدف التطوير أصبحت وكأنها مال سايب بلاصاحب حيث بات الانفاق بيد الوزراء الذين أصبحوا يتعاملون مع تلك الأموال على أنها ليست جزءًا من أموال الدولة ووصف قاسم الأمر بالغرابة خاصة وأن كل هذه الأموال لها ثمن سواء كانت قروضًا أو منحًا تدفعها الدولة من ميزانياتها وتؤثر على سياساتها وتوازناتها الدولية. وأشار «قاسم» إلى أن حالة البذخ غير المتقن تتزايد كل يوم بلا ضابط علمًا بأن بعض المستشارين يتقاضون مئات الآلاف شهريًّا فلا يوجد سقف محدد لمكافأتهم ولاكوادر مالية يمكن محاسبتهم بناء عليها والاستنزاف مستمر والموظفون القدامى من أصحاب الخبرات فى كل موقع لا أحد يلجأ إليهم والخبير أوالمستشار صار وكأنه الوحيد الذى يفهم مما تسبب فى حالة إحباط شديد لدى المتخصصين وعمومًا فالإدارة الرشيدة لا تلجأ إلى المستشارين إلا فى التخصصات النادرة أوالمستحدثة، ولكنها تعتبر مجرد منظرة ورغبة فى مكافأة البعض بهدف الصداقة، أو لكونه كان يعمل فى جهة مهمة قبل إحالته للمعاش فهو أمر لا تعرفه سوى الادارة المصرية التى تنفق ببذخ لا يتناسب إطلاقًا مع وضعنا الاقتصادى.