وكيل التعليم بأسيوط يتفقد مدارس الغنايم ويشيد بتفعيل البرامج العلاجية والقرائية    رئيس جامعة بنها يترأس لجنة اختيار عميد كلية علوم الرياضة    بالمستند| التعليم: صرف حافز التدريس لمعلمي المعاش الباقين في الخدمة    محافظ بورسعيد يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكاري احتفالا بعيد النصر    الفوج الثاني من كورس المذيع المحترف بجامعة قناة السويس يتدرب داخل استوديوهات إذاعة القناة    «حماية الأراضي» تشن حملات لإزالة 274 حالة تعدٍ على الرقعة الزراعية    انطلاق المرحلة الرابعة من المبادرة الرئاسية 100 مليون شجرة بالسويس    هندسة بنها تحصل على جائزة الإبداع والتميز في معرض النقل الذكي والتنقل الكهربائي    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    «دبلوماسية نابضة بالقضايا العربية».. مصر حافظة الاستقرار الإقليمي ب2025    ترامب: سيكون من الحكمة أن يتنحى مادورو    مساعدات إيوائية عاجلة لدعم المتضررين من المنخفض الجوي في غزة    إحدى ضحايا إبستين: "شهدت بنفسى اعتداءات جيفرى عام 2009"    الولايات المتحدة تطالب الجيش السودانى وقوات الدعم السريع بوقف القتال فورا    آرسنال يستقبل كريستال بالاس في كأس الرابطة الإنجليزية    أمم إفريقيا – مدرب زيمبابوي: لهذا السبب صلاح قيمته 100 مليون    شاهندا المغربي حكماً للمقاولون والطلائع في كأس عاصمة مصر    ضبط زوج تعدى على زوجته بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    الأرصاد تحذر من طقس شديد البرودة    وزير التعليم في جولة مفاجئة بمدارس إدارتي ببا وسمسطا بمحافظة بني سويف    إخماد حريق شب داخل منزل فى الحوامدية دون إصابات    حريق بمخازن أخشاب بالمرج وإصابة 5 مواطنين في حادث على طريق الضبعة    الداخلية تضبط أكثر من 118 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    الداخلية تضبط شبكة استغلال الأطفال فى التسول والتجارة بالقاهرة    معرض "البيانولا زي ما حكولنا".. الأربعاء بقصر الأمير طاز    وزير الصحة: العمل فى قطاع الخدمات يعتمد على التواجد الميدانى    المتحف المصري الكبير والشيخ زايد "بطلا قوميا" في العدد الاحتفالي بمرور 10 سنوات على صدور مجلة "الموروث"    الاربعاء.. معرض " البيانولا" زى ما حكولنا بقصر الأمير طاز    لو لقيت فلوس في الشارع تعمل إيه؟.. أمين الفتوى يُجيب    وزير الصحة يبحث مع نظيرته الإسبانية آفاق التعاون المشترك    وزير الصحة يشهد توقيع مذكرة تفاهم لتطوير مجالات الرعاية الصحية    وزير الأوقاف: «دولة التلاوة» أعاد للقرآن حضوره الجماهيري    والد فنان شهير، معلومات لا تعرفها عن الماكيير الراحل محمد عبد الحميد    رئيس الوزراء يجرى حوارا مع المواطنين بمركز طب الأسرة فى قرية الفهميين    وزير الكهرباء يلتقي مع رئيس "نورينكو" لبحث التعاون المشترك في مجالات الاستكشاف والتعدين    عصام عمر يقتحم ملفات الفساد في «عين سحرية»    البابا تواضروس يستقبل الأنبا باخوميوس بالمقر البابوي بوادي النطرون    بعد قليل.. رئيس الوزراء يتفقد عدداً من مشروعات حياة كريمة بالجيزة    ارتفاع حصيلة اشتباكات حلب إلى 4 قتلى و9 جرحى    ترامب يكشف عن طراز جديدة للسفن الحربية.. تعرف عليها    بالفيديو.. الحمصاني: منظومة التأمين الصحي الشامل وحياة كريمة تمسان الخدمات الأساسية للمواطنين    بعد وفاة الطفل يوسف| النيابة تحيل رئيس وأعضاء اتحاد السباحة للمحاكمة الجنائية العاجلة    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    قرار جمهوري بتشكيل مجلس إدارة البنك المركزي برئاسة حسن عبد الله    أسعار السمك اليوم الثلاثاء 23-12-2025 في محافظة الأقصر    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    مدرب زيمبابوي: جودة لاعبي مصر حسمت النتيجة.. ونشعر بالإحباط    أسعار النفط تتراجع هامشيًا في آسيا بعد قفزة قوية وسط توتر أمريكي–فنزويلي    خطوات التصالح في سرقة الكهرباء    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    بدء الصمت الانتخابي في إعادة انتخابات النواب بالدوائر ال19 الملغاة    المخرجة إنعام محمد علي تكشف كواليس زواج أم كلثوم والجدل حول تدخينها    «المستشفيات التعليمية» تعلن نجاح معهد الرمد والسمع في الحصول على اعتماد «جهار»    أمم إفريقيا – إبراهيم حسن ل في الجول: كشف طبي لمصطفى وحمدي.. وصلاح سليم    تليجراف: محمد صلاح قائد أحلام المصريين في أمم أفريقيا 2025    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة الشيوخ لبيت الطاعة
نشر في التحرير يوم 18 - 07 - 2014

نفذ الجنرال كليبر نصيحة نابليون، فأسرف فى تكريم المشايخ، وبالغ فى الاحتفال بالمواسم الدينية، لكن النيل أعلن احتجاجه هذا العام، وتراجع عن المرور فى أرض اجتمع عليها كبارها وأعداؤها، فنقصت مياه الفيضان وشحت المحاصيل، وزاد الغلاء، مع تصاعد التوتر عقب انتشار أخبار عن قرب وصول الوزير الأعظم يوسف باشا عن طريق الشام على رأس جيش لقتال الفرنسيين، وأخذت الصعاب تتفاقم أمام كليبر، وبدت موجة الاحتفالات السياسية والدينية التى شهدتها القاهرة كأنها «حفل وداع» لأحلام فرنسا فى المنطقة، فالجيوش العثمانية تأتى من اتجاهين فى الشرق والشمال، والأسطول الإنجليزى بقيادة سيدنى سميث، يجوب المياه المصرية من يافا إلى الإسكندرية ليعزل الفرنسيين تماما عن أى إمدادات أو محاولة للخروج، وبعد مواجهة انتصر فيها كليبر على الجيش العثمانى قرب دمياط (نوفمبر سنة 1799)، اضطر كليبر إلى قبول معاهدة العريش (يناير سنة 1800) التى اشترط فيها العثمانيون والإنجليز رحيله عن مصر خلال أقل من شهرين.
ما يهمنا هو تأثير هذا النبأ على العلاقة بين المشايخ والسلطات المتشابكة التى ارتبطوا بها (العثمانيين، المماليك، الفرنسيين، والإنكليز أيضا الذين دخلوا اللعبة)، بالطبع كانت شروط المعاهدة قد تُليَت على أعضاء الديوان، وأذيع مضمونها فى منشور ألصقت منه نُسَخٌ فى الأسواق والشوارع، فبدأ الكل يعيد حساباته، على أساس خروج الفرنسيين من الساحة.
لكن فجأة تغير الموقف بعد أن رفض الإنكليز التصديق على المعاهدة، وأصروا على اعتبار الفرنسيين أسرى، وعليهم أن يسلموا أسلحتهم ومعداتهم، وكانت الجيوش العثمانية فى طريقها لتسلم المواقع التى أخلتها القوات الفرنسية بالفعل، ووجد كليبر نفسه فى موقف بالغ الحرج فاشتاط غضبا، وهاجم العثمانيين، واستعاد بعض المواقع، فى الوقت الذى تحفز فيه الإنكليز لاصطياد العصفور المحبوس فى القفص منذ تدمير الأسطول الفرنسى فى «أبو قير».
كان الأميرال سيدنى سميث حريصا على شنّ حرب نفسية مكثفة على كليبر بعد أن أفلت منه نابليون الذى كان يحلم بأسره وعرضه فى قفص فى شوارع لندن، لذلك ركز جهوده على إبادة الحملة وتحطيم معنوياتها، واستطاع أن يسرب للجنود الفرنسيين منشورات وصحفا تتضمن أخبارا عن فشل الحملة، وركز على خسائر فرنسا للأراضى التى دخلتها فى أوروبا، وظهر الأمر كأن المغامرة المصرية انتهت بكارثة، فقد أعلن الإنجليز أنهم لن يكتفوا بالحصار البحرى، بل يعدون جيشا بريا للزحف حتى القاهرة ليلتقى بالجيش العثمانى الجرار الذى يقوده الصدر الأعظم يوسف ضيا باشا، وعرف المصريون أن بريطانيا تنسّق مع إسطنبول فى هذا الهجوم، لمحاصرة قوات كليبر بين فكَى كماشة.
هذه المتغيرات الجديدة أعادت الشيوخ إلى «بيت الطاعة العثمانى»، وكشفوا عن تعاملاتهم المباشرة مع الأوامر المرسلة من قيادات الدولة العثمانية، وصار واضحا للجميع (ومنهم الجبرتى أهم شاهد على هذه الفترة) أن انقلاب المشايخ، وعلى رأسهم الشيخ السادات ضد الفرنسيس كان نتيجة تحالفات «ميكافيللية» مع القوى التقليدية التى أظهرت قوة شوكتها فى مقابل الوهن الفرنسى.
ورغم وجاهة هذه الرؤية فى تفسير السلوك الفردى وتحقيق مصالح شخصية لبعض الشيوخ وكبار أفراد النخبة، لكن يصعب أن نعتمد على هذا التفسير وحده فى النظر إلى ما وراء ثورة القاهرة الثانية، لأن البعد الوطنى للثورة والعوامل التى أدت إلى قيامها تظلّ مهمة وتستحق التقدير بصرف النظر عن محاولات البعض «ركوب الموجة» واستثمار الظروف لمصالح خاصة، لهذا يجب أن لا نشتط فى تصوير ثورة القاهرة الثانية باعتبارها «فتنة» أو «تمثيلية» أخرجها عمر مكرم والسادات، وغيرهما من أجل تشتيت واستنزاف القوات الفرنسية لصالح القوات العثمانية القادمة لإعادة فرض سيطرتها على الولاية التى تبيض ذهبا للباب العالى، كما يجب أن لا نغالى فى الرومانسية الثورية التى تبنّاها بعض الكتاب المحدثين الذين رسموا صورة خيالية للثورة باعتبارها نتيجة وعى شعبى بالوطنية ومقاومة الاحتلال، وسعوا إلى «تلميع» الرموز باعتبارهم ثوارا، من دون توضيح للعبة التوازنات السلطوية التى حكمت مواقف الكثيرين.
وهذا ما نعرضه غدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.