سلّطت صحيفة «تليجراف» البريطانية الضوء على المكانة الاستثنائية التي يحظى بها محمد صلاح داخل مصر، معتبرةً إياه قائد أحلام الجماهير المصرية في بطولة كأس أمم أفريقيا 2025، في مشهد يختلف كليًا عن الجدل الدائر حوله داخل أروقة ليفربول وعلى ضفاف نهر الميرسيسايد. وأكدت الصحيفة أن تقييم صلاح في إنجلترا قد يكون محل نقاش، لكن في مصر لا مجال للاختلاف؛ إذ لا يعلو صوت فوق صوت النجم الوطني الذي يحظى بدعم جماهيري كامل، بينما يطارد حلمه الأكبر بالتتويج الأول بكأس الأمم الأفريقية. وأشارت «تليجراف» إلى أن القاعدة الشهيرة «لا يوجد لاعب أكبر من النادي» تبدو بلا معنى في الحالة المصرية، فبالنسبة للجماهير هناك، تصبح قصة ليفربول العالمية أقل بريقًا أمام قصة واحدة فقط تستحق المتابعة في أنفيلد، وهي قصة محمد صلاح. وأضافت أن حجم شعبية صلاح في مصر قد يكون من الصعب استيعابه لدى مشجعي الكرة الإنجليزية، فبينما تمتلك كرة القدم البريطانية نجومها، لا يقترب أحد من التأثير العاطفي الجارف الذي يصنعه صلاح لدى المصريين، وهو ما ظهر جليًا في التفاعل الكبير مع تصريحاته النارية الأخيرة. ورأت الصحيفة أن إدراك صلاح لمكانته، والذي وصفه وكيله سابقًا بأنه «الأيقونة العربية العالمية الوحيدة بحق»، يفسر جرأة تصريحاته وحدتها. فحتى إن أغضب بعض الجماهير والنقاد في بريطانيا، كان واثقًا بأن مصر والعالم العربي بأسره سيقفان خلفه، بوصفه «الملك المصري» الذي اعتادت جماهير ليفربول مناداته به. واعتبرت «تليجراف» أن توقيت عودة صلاح إلى القارة الأفريقية لا يمكن أن يكون أفضل، خاصة في ظل الغموض الذي يحيط بمستقبله مع ليفربول، إذ يدخل أجواءً من التقديس والحب الجماهيري داخل منتخب بلاده. كما أبرز التقرير سرعة دفاع الجهاز الفني وزملائه عن صلاح، مشيرًا إلى أن حسام حسن، المدير الفني لمنتخب مصر، نشر صورة لصلاح عقب مباراة ليدز وكتب: «دائمًا رمز للإصرار والقوة»، في مشهد يصعب تخيله من مدرب منتخب إنجلترا تجاه أحد لاعبيه. وأوضحت الصحيفة أن حب المصريين لصلاح يعود إلى رحلته الملهمة من قرية نجريج إلى قمة كرة القدم العالمية، إضافة إلى أعماله الخيرية الضخمة، لكن البعد الثقافي لقصته يبقى الأعمق تأثيرًا. واستشهدت بدراسة لجامعة ستانفورد كشفت عن انخفاض ملحوظ في جرائم الكراهية بميرسيسايد والمنشورات المعادية للمسلمين بعد تألق صلاح مع ليفربول، ما جعله في نظر العالم العربي بطلًا يتجاوز حدود الرياضة. ورغم هذه الهالة، أكدت «تليجراف» أن صلاح يدخل البطولة تحت ضغط كبير، فمصر هي الأكثر تتويجًا باللقب، بينما لم ينجح نجمها الأول في رفع الكأس، بعدما اكتفى بالوصافة في نسختي 2017 و2021، كما تعرض لانتقادات في نسخة 2024 بسبب مستواه وعودته إلى ليفربول للعلاج، وسط اتهامات بتفضيل النادي على المنتخب. لكن الصحيفة شددت على أن هذا الجدل لن يتكرر هذه المرة، خاصة بعد صدامه العلني الأخير مع ليفربول، وما تبعه من دعم جماهيري هائل، قد يكون منح صلاح دفعة معنوية قوية قبل البطولة. وفي سن ال33، ترى «تليجراف» أن الوقت يداهم محمد صلاح لتحقيق حلمه الدولي، إذ يواجه خطر إنهاء مسيرته كأحد أعظم لاعبي أفريقيا دون التتويج بأمم أفريقيا، وهو ما يجعل البطولة الحالية محطة حاسمة في مسيرته. ونقلت الصحيفة عن حسام حسن قوله: «صلاح سيكون من بين أفضل لاعبي البطولة، وسيظل أيقونة وأحد أفضل لاعبي العالم. أدعمه فنيًا ومعنويًا، لأنه بحاجة للفوز بكأس الأمم الأفريقية». واختتم التقرير بالتأكيد على أن التتويج في المغرب سيكرّس مكانة صلاح كأيقونة خالدة في تاريخ اللعبة، وقد يشكل ورقة قوة حاسمة في علاقته المعقدة مع ليفربول، لا سيما أن نتائج البطولة قد تلقي بظلالها على مستقبله مع النادي. وقاد محمد صلاح منتخب مصر لتحقيق الفوز في مباراته الافتتاحية بأمم أفريقيا 2025 أمام زيمبابوي بنتيجة 2-1، بعدما سجل هدف الانتصار في الوقت القاتل، ليبدأ مشواره القاري قائدًا لآمال أمة كاملة.