رجعنا تانى للهرولة لتنفيذ توجيهات الرئيس.. هرولة الصاحى من النوم مفزوعا فيدخل السيارة بالعجلة ليصل أسرع.. هذا ما فعله رئيس وزرائنا د.محلب عندما باغت -بصحبة كاميرات الإعلام- مستشفى قصر العينى وقفش معاناة المصابين مع مستشفى الطوارئ، وفوجئ!.. ثار وزمجر، وأمر أمير الأمراء بفتح الطوارئ مجانا وفورا، وإلا الويل للدكاترة من الحكومة ومن الشعب.. وغسل يديه وعاد بالسيارة تاركا العجلة للشعب أمام الباب المغلق للطوارئ المفلسة! لو كان أمير الأمراء الأمين الرحيم هو الآمر، لغمز لحامل أكياس الذهب ليملأ خزانة المستشفى فينفذ أمره فورا وتعم البهجة والسرور على المريض والطبيب.. لو كان د.محلب صحا بدرى، لحمل معه شيكا بمبلغ لإعادة تشغيل الطوارئ فورا لحين ترتيب أولويات ميزانية الجامعة المسؤولة عن مستشفيات قصر العينى.. لكنه فاز بأول خبر فى النشرة وبالمانشيتات وبغضب المرضى والأطباء. ثم أعلن الرئيس السيسى أن تعيين رؤساء الجامعات بقرار منه، فأسرع رئيس جامعة القاهرة د.جابر نصار بالتبرع بعشرين مليون جنيه لصندوق «تحيا مصر»، سحبها من فائض أرباح مستشفى قصر العينى الفرنساوى، وأعلن بشفافية وفخر أنه يحقق نسبة إشغال 110%، دخلها 25 مليون شهريا ينفق منها 17 رواتب ومصاريف، يعنى غنى مكسبه 96 مليون سنويا، وأنه قدوة فى الوطنية! نحن لا نحتاج إلى دليل واحد لتأكيد قامة وقيمة مستشفيات قصر العينى التعليمى فى مصر.. وفى السنوات الثلاث السوداء الأخيرة حقق المستشفى معجزة الاستمرار فى استقبال وعلاج المصابين، غرف عملياته لم تتوقف إلا فى حالات الهجوم المسلح فى غياب الأمن.. وما زال هذا المستشفى التعليمى العريق يستجدى مصاريفه ويغزل برجل حمار.. أعرف أساتذة ما زالوا يشترون الشاش والكلور والسرنجات على نفقتهم منذ أن كانوا طلبة فى الكلية.. وأعرف أن مدير مستشفى الطوارئ د.هشام أبو عيشة، أستاذ الجراحة العامة، اضطر إلى الانسحاب يأسا، لأن مشكلة الطوارئ مادية أساسا والكل يتغابى.. وأعرف أن مستشفى الطوارئ الجديد، الذى أعلن وزير الصحة والسكان، د.عادل عدوى، البدء فى افتتاحه على ثلاث مراحل قد شاخ قبل افتتاحه.. عشر سنوات فى انتظار المرضى أصابتهم بلين العظام والكساح، وتصدعت مبانيها وصدئت أجهزة تكلفت مئات الملايين.. ولن تتحمل الصراع القادم بين وزيرى الصحة والتعليم العالى على تبعيتها.. فالضحية هو المريض والطبيب. أستاذ مفروس انتهز فرصة أن «فيسبوك» خاضع لرقابة الأمن الوطنى فكتب له بلاغا بليغا عن مستشفى الطوارئ الذى وصفه د.محلب بأن خدمته غير لائقة!.. كتب أن التبرع ل«تحيا مصر» يتزامن مع وجود 5 أسرّة رعاية مركزة فى الطوارئ موقوفة لعجز التمريض وكثرة الغياب لتأخر صرف الحوافز وتدنى الأجور.. وأن الدكاترة جمعوا تبرعات لشحن فريون تكييف الرعاية المركزة.. وتغيير عجل التروللى المتهالك إنقاذا للمرضى، وشراء منظفات الشهر لرعاية عمليات الدور السابع لعدم توافر صابون تنظيف الأرضيات وكلور تعقيم السراير والمراتب بعد كل مريض.. وأن المستشفى الجديد معطل لعدم توافر راتب فنى غازات وعامل أسانسير! أطالب بلجنة تحقيق فى شرعية العشرين مليون تبرع وآلاف الأرواح تنتظر العلاج أو الموت أمام الطوارئ، وقصر العينى يحتاج من أجهزة التنفس الصناعى ومناظير الجراحة، إلى المبيدات والشاش والسرنجات.. وبتشكيل مجلس أمناء لإدارة مستشفى الطوارئ الجديد وتوفير الموارد قبل هرولة الافتتاح ليفرح الرئيس ويحزن المرضى، يا عميد الطب هديتك غير مقبولة من مصر.