الرئيس الأمريكى يدعو القيادات العراقية للعمل معًا وإيجاد تسوية سياسية تشمل كل الأطياف.. شيعة وسُنَّة وأكرادًا أكد الرئيس الأمريكى باراك أوباما من جديد أنه لا يوجد حل عسكرى للأزمة العراقية. ودعا القيادات العراقية للعمل معًا من أجل إيجاد تسوية سياسية تشمل كل الأطياف من الشيعة والسنة والأكراد. وجاءت تصريحات أوباما لشبكة «سى إن إن» مع بدء وصول أفراد من «المستشارين» العسكريين الأمريكيين إلى العراق من أجل مواجهة انتشار «داعش». ولم تتضح بعد طبيعة المهام التى سيقوم بها فريق ال300 من قوات العمليات الخاصة الأمريكية ومدى تعاونه مع الحكومة العراقية فى مواجهة تحركات «داعش». خصوصًا أن هناك تخوفًا وقلقًا (كما يحذّر الخبراء) من «الانزلاق» فى «المواجهات الطائفية التى قد تشهدها البلاد» مع زيادة حدة التوتر وانضمام ميليشيات مسلحة إلى هذا الطرف أو ذاك فى الصراع الدائر الآن. هذا بالإضافة إلى الوجود الإيرانى القائم والقادم ودوره فى تشكيل العراق الجديد. من جهة أخرى وفى إطار تبادل المشورة وتحديد أوجه التعاون بالنسبة إلى الأزمة الراهنة فى العراق، يبدأ جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى، اليوم، جولته فى الشرق الأوسط وأوروبا والتى تستمر حتى نهاية الأسبوع. ولا شك أن ملفات الأزمة العراقية الراهنة تزداد عددًا وحدة وخطورة، ومنها قضايا بدأ الحديث عنها مؤخرًا دون الإلمام بها كاملًا، مثل: الانتشار السريع ل«داعش» وبسط نفوذها وزيادة ممتلكاتها المادية وتوسع نفوذها.. ومن ثَمَّ «التحذير» من احتمال انتقال تحركات «داعش» إلى الأردن أيضًا. هذا بالإضافة إلى ما وصفه بعض الخبراء بتزايد ملحوظ فى الهبّة السنية أو انتفاض حماسهم واشتعال غضبهم تجاه التحركات الشيعية والإيرانية فى العراق. والأمر الأخطر بالطبع بالنسبة إلى هؤلاء من السنة.. هذا التقارب الإيرانى الأمريكى من أجل «إنقاذ العراق» (كما يُقال). أما فى المشهد الأمريكى فما زال الحديث دائرًا حول خطر «داعش» وعجز المالكى عن إدارة العراق. وإن كان فى الأمر الأخير يرى الكثيرون ضرورة التخلُّص منه أو فلنقل إيجاد بديل له بعد أن فشلت المحاولات لإقناعه بأهمية وحيوية إقامة حكومة توافقية، وتواصل الإدارة من جهتها اتصالاتها المكثَّفة مع كل القيادات العراقية، من أجل التوصل إلى تصوُّر ما للخروج من الأزمة الراهنة. وهذا التصوُّر يهدف إلى احتواء خطر انتشار ميليشيات «داعش» وفى الوقت نفسه التوصُّل إلى حكومة جديدة تكون قادرة على التصدّى لتحديات الواقع الجديد.. والأهم عدم تكرار أخطاء المالكى. ولا شك أن الحديث عن تقسيم العراق لم يتوقّف على مدى السنوات الماضية. وقد لوحظ أخيرًا استشهاد كثير من الخبراء والمعلقين بما قاله جو بايدن نائب الرئيس الأمريكى، بهذا الشأن، وأبدى تفهُّمًا وأيضًا قبولًا للتقسيم. من ثَمَّ حرص مسؤولون بالإدارة على التأكيد أن سياسة الإدارة فى هذا الأمر وحدة أراضى العراق لم تتغير ولم تتبدَّل. وأن ما قاله بايدن قاله عام 2006 وكان حينئذ عضوًا فى الكونجرس، وبالتالى كان يعبِّر عن وجهة نظره فى ذاك الوقت!! ولم تتبدَّل أو تتغيَّر حدة النقاش و«سخونته» عن عجز الإدارة وتخبُّطها بخصوص الأزمة العراقية مثلما كان الأمر فى أزمات سابقة. ولم تتوقف التعليقات والتعقيبات عن موقف الإدارة من المالكى ومحاولة قراءة مستقبل الحكم فى العراق. خصوصًا أنه يبدو أن المالكى لن يتنازل بسهولة عن السلطة وقد لا تتوافر الإرادة لدى الإدارة الأمريكية للعمل من أجل تحقيق هذا الهدف. وقد تردَّد فى الأيام القليلة الماضية أن المالكى كان قد طالب واشنطن بالقصف الجوى لمواقع «داعش». وبالتالى ما أعلنته واشنطن مؤخرًا من إرسال مستشارين عسكريين لا يمكن توصيفه بأنه كافٍ لتحقيق المطلوب. كينيث بولاك خبير شؤون الشرق الأوسط، يرى أن المساعدة العسكرية الأخيرة «قليلة جدًّا فى عددها»، وبالتالى قد لا يكون لها تأثير كبير أو قدرة على تغيير الواقع الجديد على الأرض. فى كل الأحوال فإن الانخراط الأمريكى أو «التورط الأمريكى» فى حرب جديدة أو مواجهة عسكرية جديدة فى العراق لهو أمر غير مستحب وغير مطلوب على الإطلاق ولا يمكن قبوله. فلا أحد يريد الوقوع من جديد فى متاهات عراقية وخلافات عرقية وطائفية كانت وستظل أزلية وأبدية. كما أن الأمر الآخر الذى اتضح أكثر فأكثر هو أن الخلافات ما بين صناع القرار الأمريكى (الحاليين والسابقين على السواء) فى فهم وتفسير المشهد السياسى العراقى بكل مكوناته وممثليه وأدوارهم، ليست فقط قائمة و«متصارعة بشدة»، إلا أنها تزداد حدة و«تخبطًا» مع مرور الأيام، وذلك على الرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على التدخُّل الأمريكى الكامل فى الشأن العراقى واحتلال العراق.