خبراء: حتى لو قامت الولاياتالمتحدة بضربات جوية فإن الواقع على الأرض لن يتغير كثيرا فى الوقت الحالى بالتأكيد العراق هو الحديث المثار والجدل المرتبك فى العاصمة الأمريكية. وقد قالها الرئيس الأمريكى أوباما بوضوح إن الولاياتالمتحدة لن تقوم بإرسال قوات إلى العراق. وفى الوقت نفسه تدرس الإدارة كل الاحتمالات العسكرية الأخرى. وإن كان أغلب المحللين العسكريين يرون أن «الأوضاع تتدهور بشكل ملحوظ وسريع» و«التعامل مع الوضع الحالى للعراق مهما كان حجم هذا الرد الأمريكى وتأثيره لن يغير كثيرا من الواقع المتدهور فى العراق». والتصريحات الصادرة من الإدارة الأمريكية خلال ال72 الساعة الأخيرة تكشف أهوال الأزمة التى تفجرت ومخاطر الواقع الجديد، الذى بدأ يتشكل فى العراق وبلاد الشام، وما لهذه التغييرات والتقلبات من آثار وتبعات على المنطقة برمتها. شبح بل أشباح «داعش» (إذا صح التعبير) تطارد وترعب المنطقة وأمريكا معها. الرئيس أوباما أعلن فى نهاية تصريحاته الصحفية، ظهر أول من أمس الجمعة، أن الإدارة تتابع عن كثب الأوضاع وتغيرها فى العراق، وأن القرار الأمريكى بشأن ما يجب فعله قد يأخذ أياما. وتباينت التقديرات فى تحديد موعد الضربات الجوية الأمريكية إلا أنها شبه اتفقت على أن الضربات الجوية قد توقف تقدم قوات داعش، وقد تساعد قوات العراق فى مواجهة ما يحدث إلا أن الواقع على الأرض لن يتغير كثيرا فى الوقت الحالى. خصوصا أن تحركات «داعش» فى كل الاتجاهات تزيد من صعوبة المواجهة. كما أن احتمالات التدخل الإيرانى إذا حدث قد تشكل واقعا جديدا من الصعب التكهن به أو التعامل معه. إيران على الأبواب والتحركات الإيرانية المحتملة يجب أن تؤخذ فى الحسبان. فى كل الأحوال وبتقييم وتحليل ما قيل وذكر فى اليومين الماضيين فإن إدارة أوباما فى «ورطة» وفى «موقف لا تحسد عليه». ولم تتوقف بالطبع الانتقادات الموجهة إلى الرئيس أوباما بسبب طريقة تعامله وتخبطه مع الملف العراقى. وما أبداه من تخاذل وتراجع لفترة طويلة.. وإهمال لا يمكن تجاهله أو التسامح معه. خصوصا بعد أن قرر سحب القوات الأمريكية بالكامل من العراق. القيادى الجمهورى السناتور جون ماكين طالب الرئيس بإبعاد كل أعضاء فريق الأمن القومى، لأنهم لم يتعاملوا بجدية وفهم وإدراك مع هذا الملف وملفات أخرى. وشدد كثيرون على أن تخاذل الإدارة لا يقتصر على العراق وحده، بل شمل سوريا من قبل وكل الأزمات الدولية التى حاصرت إدارة أوباما على مدى السنوات الماضية. وأن ما يحدث فى العراق الآن قد يحدث مستقبلا فى أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكى الكامل منها. وما لفت انتباه المراقبين (وكذلك دهشتهم!) حرص الرئيس أوباما فى تصريحاته يوم الجمعة على أن يطالب الحكومة العراقية والمالكى بإصلاحات سياسية! ولا شك أن ما كان يقال ويتردد ويتم النصح به من حكومة توافقية شاملة لكل مكونات الشعب العراقى «ذهب مع الريح» والصدام المرتقب بين السنة والشيعة والأخطر الانتقال من تحركات داخل الحدود العراقية إلى تحركات مماثلة أو مكملة داخل الحدود السورية، وبالتالى توسيع دائرة «داعش» صارت أمورا محتملة وواردة. ولذلك أشير إلى احتمال أن تقوم الضربات الجوية الأمريكية إذا تمت بضرب مواقع ل«داعش» فى سوريا أيضا فى مواجهة «ميليشيات» أو «جماعات مسلحة» أو «إرهابيين بلا حدود» انتشروا وبسطوا نفوذهم عبر الحدود، وهددوا أمن المنطقة واستقرارها. ومن ضمن ما طرح من أمور ومستجدات بسبب تغير الأوضاع والمخاوف فى العراق ما يمكن أن تفعله إيران من جهة وتركيا من جهة أخرى. وترى ماذا ستسعى واشنطن إليه من صفقات مع طهران أو أنقرة فى محاولة احتواء الوضع الحالى فى العراق؟ ولم يتردد بعض المراقبين فى الإشارة إلى أن فى مواجهة «داعش» العدو المشترك لكل من واشنطنوطهران قد تتلاقى المصالح والتحركات من أجل مواجهة الخطر القائم والقادم. ولهذا سلطت الأضواء من جديد على الجنرال قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس بالحرس الثورى الإيرانى، وماذا يمكن أن ينجح فيه أو يفشل فى تحقيقه فى الأوضاع الراهنة. لكن ماذا عن المواجهة الكبرى (كما يقال) والدعاوى الصارخة للقتال بين «السنة والشيعة» وتبعات ما يحدث فى العراق الآن؟! واشنطن خلال الأيام الماضية نسيت أوكرانيا وطالبان وسوريا ومصر.. و«مشغولة» و«منشغلة» و«مهمومة» بالعراق «الذى كان».. و«الذى ضاع». العراق الذى قيل الكثير والعديد عنه فى واشنطن وعن تحررها وديمقراطيتها و«بناء الدولة فيها» و«تدريب قواتها على أحدث الأسلحة الأمريكية» وإلخ.. إلا أن السكرة العراقية (أو السكرة الأمريكية بخصوص العراق) ذهبت.. وجاءت الفكرة والصدمة و«داعش» وتدهور للأوضاع لم يكتمل بعد، وهناك فصول أخرى فى المأساة العراقية.. الشرق الأوسطية! داعش