مزيد من علامات الاستفهام، ومحاولات للبحث عن تفسيرات، أثارتها رسالة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع، التى قال فيها إنهم يسعون إلى تحقيق نظام عادل، يقترب من «حلم الخلافة الإسلامية»، وفق تعبيره. البعض يراها رسالة رمزية فحسب، وآخرون يعتبرونها دليلا على أن حلم الخلافة، الذى روجت له أدبيات الجماعة، لا يزال يسكن عقول أعضائها وقياداتها، وإن تأخر. الدكتور وحيد عبد المجيد، منسق «التحالف الديمقراطى» فى الانتخابات البرلمانية، حاول تبسيط رسالة مرشد الجماعة، التى تقود التحالف، فنفى عن الرسالة المثيرة للجدل، أى مغزى سياسى، وقال إنها رسالة ذات دلالة رمزية فقط. لكنه استدرك، فأوضح أن تلك الرمزية ربما تتحول إلى دلالة سياسية بالفعل فى المستقبل القريب، فى حال إصرار الجماعة على تبنى هذا المنهج والإصرار على الوصول إليه. نافيا إمكانية تأثير ذلك على التحالف الانتخابى الحالى، نظرا إلى التباين الأيديولوجى بين الأحزاب المتحالفة مع الإخوان. «الإخوان لا يسعون لنموذج حكم كالذى كان عليه حكم الدولة العثمانية»، حسب عبد المجيد، الذى فضل الخروج مما وصفه بأنه «تناحر مصطلحى»، باعتبار الخلافة ممثلة فى المؤسسات الناجحة التى تدير البلاد وتتجه بها إلى الديمقراطية المنشودة. مشيرا إلى أن النمط الأقرب والأفضل، فى حال تبنى الإخوان منهج الخلافة، سيكون النسق الأوروبى، والعمل على تكرار تجربة الاتحاد الأوروبى، لكن وفق الشروط العربية والإسلامية. القيادى فى جماعة الإخوان المسلمين وأمين حزب الحرية والعدالة فى الجيزة عمرو دراج، قطع بأن حلم الخلافة الإسلامية «يتبناه الجميع» حسب قوله، لكنه اشترط قبل السعى إلى تحقيقه، ضرورة عمل الحكومات العربية على تنمية بلادها، خصوصا أنها تعانى من فقر تكنولوجى وتأخر علمى واقتصادى كبير. وعلى النقيض تماما، قال وكيل مؤسسى حزب النهضة الدكتور إبراهيم الزعفرانى، القيادى السابق بجماعة الإخوان المسلمين، إن فكرة الخلافة قد عفا عليها الزمن وليس لها مكان حاليا، مؤكدا أن الهدف الأهم هو الوصول إلى الدولة المدنية الحديثة فى تطبيقها للديمقراطية وتداول السلطات بشكل حر من خلال الانتخابات، مؤكدا أن مصطلح الخلافة فى حد ذاته فى حاجة لاجتهاد فقهى وسياسى يتوافق وروح العصر. مضيفا «الحديث عن التكامل الاقتصادى بين الدول العربية هو الأولى بالاهتمام حاليا، بعدها يأتى الحديث عن نمط الحكم المناسب لحال الدولة العربية». «لا أفهم معنى الخلافة التى يسعى لها الإخوان»، قالها إسلام لطفى وكيل مؤسسى حزب التيار المصرى، متسائلا «إذا كانوا يقصدون نمط الحكم القديم نفسه، فإن الحالة المصرية أبعد ما تكون عن ذلك ولن يستوعبه الشعب بعد كل تلك السنوات. أما إذا كان القصد السعى إلى توافق كونفيدرالى بين العالم العربى وبعضه، فمن الأولى الحديث أول عن أزمات مصر والسعى إلى حلها قبل السعى إلى أى طموح». لطفى، رجح أن يكون حديث المرشد، مجرد رسالة إلى دول الغرب، التى عبرت عن تخوفها من وصول الإسلاميين فى مصر إلى الحكم. لافتا إلى أن فلسفة الحديث عن دولة جامعة تضم العالم العربى، أمر لا يتحقق بقرارات فوقية ولا برامج حزبية، وإنما ينبع من مطالب وإرادة الشعوب العربية نفسها، لا من جانب الحكام والأنظمة.