بصدور قرار المشير طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى ما زال يحكم البلاد، بتنظيم انتخابات مجلس الشورى على مرحلتين بدلا من ثلاث لتقصير فترة الانتخابات، ودعوة المجلس إلى الانعقاد فى أولى جلساته يوم 28 فبراير، يؤكد أن قيادة المرحلة الانتقالية لا تريد أى تغيير فى الواقع السياسى بعد الثورة، يريدون أن يبقى كل شىء على ما هو عليه فى عهد النظام السابق، بل يريدون استنساخ نفس مؤسسات مبارك المخلوع، وكأن ليست هناك ثورة أرادت التغيير، لقد كان من مطالب الثورة إلغاء مجلس الشورى، فهو مجلس ليس له اختصاصات، ولا أى صفة برلمانية، اللهم إلا منحه العضوية للمقربين من النظام والحصانة لرجال أعمال النظام، والمسؤولين السابقين الذين خدموا النظام ونهبوا أموال وأراضى الشعب، أضف إلى ذلك أن مجلس الشورى يشكل ثلثه بالتعيين، فهل يعقل أن يكون هناك برلمان يأتى ثلثه بالتعيين من رئيس الجمهورية؟ هناك إصرار من المجلس العسكرى ومستشاريه على الإبقاء على نفس أجهزة ومؤسسات مبارك، وهو جزء من المخطط العام لإجهاض الثورة، وتوصيل اليأس إلى الناس من قدرتهم على التغيير، مع أنهم قاموا بثورة عظيمة بهرت العالم كله، وألهمت شعوبا كثيرة بالثورة على الاستبداد والفساد، لكن يبدو أن الذين يحكمون البلاد الآن يريدون إجهاض الثورة، بل القضاء عليها، ورغم مطالب قوى سياسية وشخصيات شاركت فى الحكومة كانت من اختيار المجلس العسكرى وقانونيين وشباب الثورة وثوار أصليين بإلغاء مجلس الشورى، فإن المجلس العسكرى، ومن يتحالف معه، ومستشاريه يصرون على إجراء تلك الانتخابات. يصرون على إجرائها رغم تكاليفها الكبيرة على حساب الموازنة العامة للدولة التى تحتاج إلى أى جنيه.. بدلا من التسول من الدول العربية والغربية والحديث عن عدم استجابة هذه الدول لوعودها لمساعدة مصر بعد الثورة.. فهل تساعد تلك الدول وصناديق التنمية مصر الآن فى ظل الحكم العسكرى وبقايا نظام مبارك الذى ينتهج نفس سياسات وقرارات ومؤسسات النظام السابق المخلوع؟ إن تكلفة انتخابات مجلس الشورى تصل إلى مليار جنيه.. ومع هذا يصرون على إقامتها.. أضف إلى ذلك أيضا مصاريف المجلس الإدارية ومكافآت الأعضاء التى تصل إلى 600 مليون جنيه سنويا.. فهل نحن فى حاجة إلى هذا المجلس المنقوص ديمقراطيته؟ وما الحاجة إليه وهناك مجلس شعب منتخب يعبر عن البرلمان، ويمكن الاكتفاء به؟ سيقولون إن الإعلان الدستورى نص على وجود مجلس الشورى، رغم أنهم سبقوا أن أجروا تعديلا على الإعلان الدستورى.. فيمكن أيضا أن يجروا تعديلا جديدا على الإعلان الدستورى، بحذف كل المواد المتعلقة بمجلس الشورى فى بند واحد فقط.. يعنى من الآخر العملية سهلة.. ولا يمكن لأحد أن يعترض عليها.. فهناك توفير للوقت والمال فى حال إلغاء هذا المجلس الشكلى، الذى لا يغنى ولا يسمن من جوع فى عملية الديمقراطية والتغيير.. إنما الإبقاء على هذا المجلس يشكل شكوكا كبيرة فى المجلس العسكرى الذى يحكم الآن، ومع من يتحالف معه من القوى التى ساعد فى صعودها.. إنهم لا يريدون التغيير.. إنهم يريدون إجهاض الثورة، بل القضاء عليها.. إنهم يريدون الإبقاء على مؤسسات مبارك كما هى. ماذا تنتظر من نظام ينتهك حقوق الإنسان ويعتدى على المنظمات الحقوقية، بعد أن انتهك أعراض الفتيات والسيدات، وفض الاعتصامات بالقوة والعنف ومع هذا يتسول المساعدات، وبعد كل هذا يصرون على انتخابات الشورى؟