عبد الرازق يرفع أعمال الجلسة العامة للشيوخ    «ملهمون» حملة اجتماعية لتعزيز الوعي بالإعاقات وتسليط الضوء على إنجازات أبطالها    رئيس جامعة أسيوط يعقد اجتماعا لمتابعة الخطة الإستراتيجية للجامعة 20242029    أسواق الذهب تترقب.. ماذا ينتظر العالم في أول مايو المقبل؟    رئيس «الرقابة المالية» يشارك في اجتماعات اتحاد هيئات الأوراق المالية بالدوحة    بدء تشغيل مركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة في الشرقية    «أبوظبي الأول مصر» يتعاون مع «الأورمان» لتطوير وتنمية قرية الفالوجا بالبحيرة    رئيس البوسنة والهرسك: نكن كل الاحترام لمصر باعتبارها زعيمة العالم العربي وإفريقيا    أمير الكويت يتوجه إلى مصر غداً في زيارة رسمية    رئيس وزراء إسبانيا: سوف أبقى في منصبي    عاجل.. شوبير يكشف آخر خطوة في تجديد علي معلول مع الأهلي    الزمالك عن أزمة القيد: موقفنا ثابت!    هالاند: كثرة التفكير في الدوري قد تصيبنا بالجنون    كرة سلة.. سيدات وادي دجلة يصعدن للدوري الممتاز (أ)    عضو مجلس الزمالك يعلق على إخفاق ألعاب الصالات    كشف غموض العثور على جثة شخص مقتول وملقى بالطريق في الدقهلية    محافظ أسيوط يناقش الاستعدادات النهائية لامتحانات نهاية العام    المشدد 3 سنوات لمتهمة في سرقة كبار السن بالقاهرة    المشدد 5 سنوات للمتهمين في قضية "رشوة السلام"    محمود قابيل وأشرف فايق يشيعان جثمان المخرج والسيناريست عصام الشماع    تجليات الفرح والتراث: مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم 2024 في مصر    حقيقة زواج مصطفى شعبان من هدى الناظر وأبرز المعلومات عنها    الكشف وتوفير العلاج ل1600 حالة في قافلة طبية بقرية ميانة في بنى سويف    البنك المركزي يبيع أذون خزانة ب980 مليون دولار اليوم    خبير تربوي يكشف عن 12 خطوة لتوطين تدريس تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها بالمدارس    إزالة 22 حالة تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالشرقية    «القومي لثقافة الطفل» يقيم حفل توزيع جوائز مسابقة رواية اليافعين    تراجع نسبي في شباك التذاكر.. 1.4 مليون جنيه إجمالي إيرادات 5 أفلام في 24 ساعة    التضامن : سينما ل ذوي الإعاقة البصرية بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    عامر حسين: الكأس سيقام بنظامه المعتاد.. ولم يتم قبول فكرة "القرعة الموجهة"    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    مسابقة المعلمين| التعاقد مع 18886 معلمًا.. المؤهلات والمحافظات وشرط وحيد يجب تجنبه -فيديو    الرئيس السيسي: مصر تحملت مسئوليتها كدولة راعية للسلام في العالم من خلال مشاركتها بعملية حفظ وبناء سلام البوسنة والهرسك    قبل الحلقة المنتظرة.. ياسمين عبد العزيز وصاحبة السعادة يتصدران التريند    مصرع 42 شخصًا على الأقل في انهيار سد سوزان كيهيكا في كينيا (فيديو)    "سنوضح للرأي العام".. رئيس الزمالك يخرج عن صمته بعد الصعود لنهائي الكونفدرالية    تحرير 186 مخالفة عدم التزام بقرار الغلق للمحلات لترشيد استهلاك الكهرباء    1.3 مليار جنيه أرباح اموك بعد الضريبة خلال 9 أشهر    إصابة عامل بطلق ناري في قنا.. وتكثيف أمني لكشف ملابسات الواقعة    عواد: كنت أمر بفترة من التشويش لعدم تحديد مستقبلي.. وأولويتي هي الزمالك    515 دار نشر تشارك في معرض الدوحة الدولى للكتاب 33    «العمل» تنظم فعاليات سلامتك تهمنا بمنشآت الجيزة    الأنبا بشارة يشارك في صلاة ليلة الاثنين من البصخة المقدسة بكنيسة أم الرحمة الإلهية بمنهري    «البحوث الإسلامية» يطلق حملة توعية شاملة بعنوان: «فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا»    بالاسماء ..مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    ولع في الشقة .. رجل ينتقم من زوجته لسبب مثير بالمقطم    مؤسسة أبو العينين الخيرية و«خريجي الأزهر» يكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين.. صور    أسوشيتد برس: وفد إسرائيلي يصل إلى مصر قريبا لإجراء مفاوضات مع حماس    ضحايا بأعاصير وسط أمريكا وانقطاع الكهرباء عن آلاف المنازل    ضربه بالنار.. عاطل ينهي حياة آخر بالإسماعيلية    خلي بالك.. جمال شعبان يحذر أصحاب الأمراض المزمنة من تناول الفسيخ    رئيس الوزراء: 2.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة تدهورت حياتهم نتيجة الحرب    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    أمين لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب: هذا أقوى سلاح لتغيير القدر المكتوب    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الاثنين 29-4-2024 بالصاغة بعد الانخفاض    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيكيتى.. نافذة على بستان اسمه العدالة الاجتماعية «1»
نشر في التحرير يوم 11 - 06 - 2014

أعاد عالم الاقتصاد الفرنسى الشاب توماس بيكيتى الروح إلى قضية العدالة الاجتماعية فى النظام الرأسمالى. وطرح بيكيتى للمرة الأولى منهجا واضحا لفهم ظاهرة التفاوت وانعدام العدالة فى النظام الرأسمالى المعاصر، ليس بقصد إزاحته، لكن بقصد إصلاحه. وهو عبر عن ذلك بقوة فى مقال نشره أخيرا فى صحيفة «الفاينانشيال تايمز» (29 مارس 2014) بعنوان «أنقذوا الرأسمالية من الرأسماليين»! بعد أن اتهمه لفيف من الليبراليين المحافظين بأنه «كارل ماركس الحديث»، وهو اتهام كان المقصود منه تخويف الشباب من الالتفاف حول بيكيتى، وإبعاد نقاد النظام الرأسمالى من الاقتصاديين التقليديين عن المنهج، الذى قدمه العالم الفرنسى الشاب (42 سنة)، الذى توصل به إلى نتائج دامغة تدين الرأسمالية المتوحشة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. والحقيقة أن بيكيتى ليس أبدا كارل ماركس، فهو لم يؤسس منهجه التحليلى على نظرية فائض القيمة ولا على نظرية الاستغلال الناتج عنها. ولم يقسم بيكيتى الناس على أساس مواقعهم من علاقات الإنتاج داخل المجتمع. ولم يستند بيكيتى إلى «ثورية» الطبقة العاملة، ولم يدع عمال العالم للثورة كما فعل ماركس فى صيحته الشهيرة «يا عمال العالم اتحدوا».
لقد وعى توماس بيكيتى حقيقة أن «ثورية» الطبقة العاملة تأسست على قواعد «الرأسمالية السلعية»، التى مارست تاريخيا دورا ثوريا ضد «النظام الإقطاعى المحافظ». الآن تخلى الطبقة العاملة من ذوى الياقات الزرقاء مكانها لفئات اجتماعية أخرى أكثر ديناميكية وأكثر قدرة على الحركة ترتبط جميعا بمجتمع «اقتصاد المعرفة» وليس بمجتمع «الاقتصاد السلعى». كارل ماركس كان ثوريا بمقدار ما كانت الطبقة العاملة، المرتبطة بالإنتاج السلعى المعتمد على الآلة التقليدية، طبقة ثورية. بيكيتى نشأ فى عالم مختلف توارت فيه الثورة الصناعية خلف سرعة البرق الخاطف للإلكترونيات وأشباه الموصلات والتراكم التكنولوجى المعرفى الذى يكاد يخترق إلى نهاية المدى حدود عالم «الندرة»، الذى ظلت البشرية حبيسة له منذ نشأتها. لقد انقسم المجتمع فى عصر بيكيتى إلى 1% من أصحاب الثروة بمصادرها المختلفة يسيطرون على مقادير 99% من بقية أعضاء المجتمع من أصحاب الدخول المختلفة الأقل. المجتمع إذن منقسم بين 1% و99%، وليس بين الطبقة العاملة التقليدية وبين أصحاب المعامل الصناعية. هذا هو عالم بيكيتى المختلف. أقول هذا منذ البداية لمحاولة قطع الصلة بين بيكيتى وبين الماركسيين التقليديين. فهم إذا احتضنوه فإنهم لا محالة قاتلوه بأنساقهم الفكرية المتحجرة وطريقة تفكيرهم السلفية التى تقوم على تجويد ما قاله كارل ماركس.
وعندما طرح بيكيتى نظريته فى كتابة الشهير «رأس المال فى القرن الواحد والعشرين» (بفونط كبير وعريض لكلمتى رأس المال وفونط رفيع أصغر كثيرا لبقية العنوان)، فإن كثيرين ربطوا بين رأسمال كارل ماركس ورأسمال بيكيتى! وقد أثار الكتاب الذى نشر للمرة الأولى فى مارس 2013 فى فرنسا دهشة الفرنسيين وبعض الأوروبيين، خصوصا فى الوسط الأكاديمى. لكنه بعد ذلك أثار دهشة العالم كله عندما ترجمته «هارفارد» فى الولايات المتحدة ونشرته بالإنجليزية هذا العام، فبيعت منه نحو نصف مليون نسخة فى أشهر قليلة. والأكثر من ذلك أن توماس بيكيتى العالم الاقتصادى وكتابه «رأس المال فى القرن الواحد والعشرين» أصبحا هذا العام حديث الدنيا كلها، يسارا ويمينا. فالثائرون على حال التفاوت الحاد وانعدام العدالة فى الرأسمالية المتوحشة الحالية وجدوا فى الكتاب طريقهم لفهم ظاهرة التوحش الرأسمالى وليس فقط للاحتجاج ضدها. أما أولئك الليبراليون الجدد والمحافظون الذين أرجفتهم أفكار توماس بيكيتى فإنهم حشدوا كل قوتهم للوقوف ضده ومحاولة كسر موجته العالية قبل أن تغرقهم.
ومن المثير للدهشة أن كبير المستشارين الاقتصاديين فى إدارة أوباما حاليا (جيسون فيرمانز) قاد هجوما حادا فى الولايات المتحدة على بيكيتى، فى حين أن الرئيس الأمريكى نفسه كان قد استعان بأفكار بيكيتى خلال حملته الانتخابية الأولى فى عام 2008 متأثرا بكتابات الاقتصادى الفرنسى الشاب التى كانت قد بدأت الانتشار فى أوساط الاقتصاديين بعد نشر كتابه المشترك عن الضرائب التصاعدية مع زميله عالم الاقتصاد الفرنسى إيمانويل سايز (2003). أما على الجانب الآخر من الأطلنطى فإن صحيفة «الفايننشال تايمز» البريطانية هى التى قادت الحملة الضارية على بيكيتى فى بريطانيا وأوروبا فى محاولة لشحذ همم اليمين المحافظ والليبراليين الجدد ضد بيكيتى الذى تحول إلى نجم ساطع، وضد أفكاره التى تحولت بسرعة إلى حمى ملتهبة تجتاح أوروبا وأمريكا. إن عظمة بيكيتى إنه وضع للعدالة الاجتماعية مفهوما علميا تجريبيا ومؤشرات مادية قابلة للقياس. كما أنه قدم للفكر الاقتصادى العالمى نقدا مريرا لتركز الثروة بين أيدى الأغنياء وتفسيرا للميل التاريخى لهذا التركز منذ نشأة النظام الرأسمالى حتى الآن.
لقد توارت شمس العدالة الاجتماعية لفترة طويلة من الزمن، لكنها تعود الآن لتشرق من جديد، بعد فترة عانت فيها مصر من تبديد للثروات وزيادة فى حدة الانقسام بين من يملكون ومن لا يملكون، ترافقت مع اتجاه مماثل على المستوى العالمى، يضع لنا بيكيتى الإطار المعرفى لتفسيرها وفهمها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.