خبير آثار: قناة السويس أول قناة صناعية على وجه الأرض

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن قناة السويس هي أول قناة صناعية شقتها يد الإنسان لتصل البحر الأبيض بالبحر الأحمر لتربط الشرق بالغرب وتنقل حضارات العالم القديم عبر البحر الأبيض إلى شواطئ أوروبا الجنوبية والعالم الجديد وكانت وسيلة انفتاح مصر على العالم أجمع في مختلف العصور وكانت شريان التبادل التجاري بين شعوب الشمال والجنوب حفرها سنوسرت الثالث منذ 3950 عاما.
وقال ريحان بمناسبة الذكرى ال39 لإعادة افتتاح قناة السويس يوم 5 يونيو 1975 - إن سنوسرت الثالث أول من حفر القناة الثلاثية التي تربط البحرين الأبيض والأحمر تصل كلا منهما بالبحيرات المرة التي تربطها في نفس الوقت بممر مائي يصلها بنهر النيل عند مدينة منف.
وأضاف أنه قد سجل افتتاح هذه القناة على لوحة منحوتة على الواجهة الخارجية للجدار الشمالي بمعبد الكرنك واستمر الاحتفال بافتتاح قناة سنوسرت كعيد من أعياد سنوسرت المقدسة حتى أواخر الأسرة ال18.
وأشار ريحان إلى أن تلك القناة لعبت دوراً هاماً في تاريخ مصر العسكري والاقتصادي في عصرها الذهبي خلال الأسرة ال18 في كل فتوحات وحروب أحمس وتحتمس وأمنحتب الثاني، كما ورد ذكرها في وثائق حتشبسوت وإخناتون وأمنحتب الثالث، حيث كانت تمر خلالها السفن التجارية الكبيرة التي كانت تنقل أخشاب الأرز ومواد البناء والحيوانات والبضائع من مختلف موانئ البحرين الأحمر والأبيض وبلاد بونت وتمر في الفرع النهري لتصل إلى منف وطيبة على شاطئ النيل، وذلك طبقا لما جاء في كتاب الدكتور سيد كريم «لغز الحضارة المصرية».
وأوضح ريحان أن الملك نخاو الثاني (610 – 595 ق.م)، ثاني ملوك الأسرة 26، قام بحفر قناة تصل البحر الأبيض بالبحر الأحمر ولم يكملها بل توقف بعد أن حفر الجزء الجنوبي الذي يمتد من خليج السويس إلى البحيرات المرة وامتد حفر القناة في عهد بطليموس الثاني (285 – 246 ق.م) إلى البحيرات المرة لتتصل بفرع النيل الشرقي، كما تم حفر الجزء الشمالي منها الموصل للقنطرة والبحر الشمالي.
وتابع أن عرض القناة كان يسمح بمرور سفينتين كبيرتين متجاورتين وكانت سفن الشمال تحمل أخشاب الأرز والنسيج من شواطئ البحر الأبيض وسفن الجنوب تحمل التوابل والعطور والحيوانات والعاج والأبنوس والأحجار الكريمة، وكانت الرحلة تستغرق من كل من شاطئ البحر الأبيض والأحمر لبحيرة التمساح ثلاثة أيام، وافتتح بطليموس الثاني القناة في سفينته الخاصة أرسنوي الجميلة وأبحر بها من الإسكندرية ودخل القناة من بلوزيوم (الفرما) وعبر القناة حتى مدخلها من البحر الأحمر (أروتري) وأقيمت الاحتفالات في مدينة أرسنوي (السويس) وبحيرة التمساح.
وقال ريحان إن عمرو بن العاص عام 642م وضع مشروع قناة جديدة من مدينة الفرما لتصل البحر الأبيض بالبحر الأحمر، ولكن الخليفة عمر بن الخطاب عارض المشروع خوفا من طغيان البحر الأحمر على أرض مصر وأمر بالاستعاضة عنها بإعادة حفر القناة الرومانية القديمة التي تربط الفسطاط ببحر القلزم (السويس حالياً) لتحقيق التبادل التجاري ونقل الحجاج.
وأضاف أنه في العصر الحديث تقدم المهندس ديليسبس بمشروع حفر القناة في عهد سعيد باشا واستعداد شركته لتنفيذه بتكلفة 7 ملايين جنيه وتعثر المشروع لحملات التشكيك التي قامت بها الحكومة البريطانية لدى الباب العالي ومختلف الدول الغربية التي تساعدها خوفاً من نفوذ فرنسا.
وأوضح ريحان أنه عند تولي إسماعيل باشا الحكم 1863 لاحظ أن مهندسي شركة ديليسبس قد حفروا القناة بطول 160 كم وقام بتعديل عقد الشركة بعد أن كانت تسخر العمال المصريين في الحفر دون مقابل وفي ظروف غير إنسانية، وتم منع العمال المصريين من الحفر إلا برغبتهم وبأجر وتقديم الغذاء والعلاج والكساء المناسب لهم وتقوم الشركة بإعداد أجهزة الحفر ونقل الرمال وقطع الأحجار.
وأشار إلى أنه تم الاحتفال بافتتاح قناة السويس في 16 نوفمبر 1869 وحضر الاحتفال كل من الإمبراطورة أوجيني زوجة نابليون الثالث وإمبراطور النمسا وولي عهد روسيا وولي عهد هولندا، وقد تبع مشروع حفر قناة السويس شق ترعة الإسماعيلية للملاحة النهرية بين القاهرة والقناة لإمدادها بمياه الري والشرب، أسوة بالقناة الثلاثية التي حفرها سنوسرت الثالث منذ 3950 سنة.