قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، إن «الولاياتالمتحدة قد تخسر فرصتها فى إعادة رسم السياسات فى الشرق الأوسط، إذا تسببت ضغوط الميزانية فى تقييد الدعم الأمريكى للقوى الديمقراطية الناشئة فى دول مثل مصر وتونس». وعارضت كلينتون ووزير الدفاع ليون بانيتا، فى أثناء حضورهما، أول من أمس، لقاء على غرار اجتماعات المجالس البلدية، بقوة إجراء تخفيضات إضافية فى الإنفاق العسكرى، والدبلوماسى، ومجالات التنمية، فى الوقت الذى تكثف فيه الولاياتالمتحدة جهدها لخفض عجز فى ميزانيتها يبلغ 1.4 تريليون دولار. وقالت كلينتون «أمامنا فرصة فى الوقت الراهن فى الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، لكننى غير واثقة من أننا سنتمكن من انتهازها، لأننا لا نملك الموارد لاستثمارها»، وأشارت كلينتون إلى أن مصر وتونس وليبيا فى حاجة ماسة إلى المساعدة الأمريكية. وتابعت قائلة «ينبغى أن نقتنص الفرص إذا كان لنا أن نبقى أقوياء وقادرين على إظهار القوة الأمريكية، وسنبذل كل ما فى وسعنا لإظهار أن القوة الأمريكية هى قوة للخير.. نأمل أن يجد ذلك آذانا صاغية فى الكونجرس عندما تستأنف هذه المناقشات.» وتصريحات كلينتون هى الأقوى، حتى الآن، فى التحذير من أن التقشف المالى فى الداخل، وكيفية تطبيقه يمكن أن يضعف الدور القيادى للولايات المتحدة فى الخارج. التعليق: الشوربجى: تصريحات طبيعية تتفق مع أهداف ونفوذ الولاياتالمتحدة فى المنطقة الدكتورة منار الشوربجى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: لست مندهشة من تصريحات كلينتون، فمن الطبيعى أن يصدر هذا الكلام من وزير خارجية أمريكا، فالقروض والمعونات الأمريكية دائما كان لها أهداف سياسية، وعجز الميزانية الأمريكية لا بد وأن يؤثر على هذه المساعدات الخارجية التى تهبها أمريكا من أجل أن يكون لها موطئ قدم، يحقق لها نفوذا فى الدول التى تتلقى منها المعونات، وهذه التصريحات تؤكد قلق كثير من القوى السياسية فى مصر بشأن تدفق الأموال الأمريكية إلى منظمات المجتمع المدنى، وبعض الجماعات السياسية، وهو قلق مشروع لأن أمريكا ليست جمعية خيرية بل هى دولة عظمى ذات مصالح تقدم أموالها من أجل أن تحقق بها أهدافها السياسية فى السيطرة والتحكم فى سياسات هذه الدول. التحليل: الأزمة الاقتصادية تجبر أوباما على التراجع عن دعم «الربيع العربى» ليقف عند مرحلة «مبادلة الديون» الأزمة الاقتصادية ستجبر الإدارة الأمريكية على خفض نفقاتها فى مجالات عدة، من أجل تقليل عجز ميزانيتها البالغ 1.4 تريليون دولار، وتخوض الإدارة الأمريكية مفاوضات مع أعضاء الكونجرس، والحزبين الجمهورى والديمقراطى، من أجل الوصول إلى أنسب صيغة لخطة التقشف تلك، أما أوباما الذى كان قد أكد مرارا وتكرارا دعمه للثورات العربية، تشير التوقعات إلى أن الحالة الاقتصادية لبلاده لن تمكنه من الوفاء بتعهداته، خصوصا على المستوى اللاقتصادى، بعد أن طالب أعضاء الكونجرس بتخفيض مصروفات الخارجية الأمريكية للعام القادم بنسبة 18% عن ميزانية2011، وبنسبة 22% عما طلبه أوباما من أجل مواجهة العجز. مساعدات الولاياتالمتحدة لمصر عقب الثورة كان أبرزها فقط مبادلة الولاياتالمتحدة ديون تبلغ قيمتها مليار دولار من أصل 3.6 مليار دولار، فى ظل تأكيد الظروف الراهنة -التى تمر بها أمريكا- شبه استحالة إسقاط تلك الديون، كما أن الدعم الذى تقدمه الولاياتالمتحدة لمصر، يتم على مسارين متوازيين، الأول هو المسار الحكومى، والثانى ما يقدم لمؤسسات المجتمع المدنى التى تعمل فى مجالات التنمية، والتوعية الصحية، والتعليم، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، وهى مؤسسات حظيت بهجوم شديد على مدار الأيام السابقة، ووجهت إليها اتهامات بالعمالة والخيانة، رغم أن ذلك الدعم يتم عبر أطر قانونية معلنة.