انطلاق اختبارات القبول بمدارس المتفوقين STEM في الفيوم    وزير الإسكان يتفقد مشروع بحيرات "نيو مارينا" و"البوغاز" والفيلات والشاليهات بمارينا 8    عمليات نسف واسعة وتهجير قسري في حي الزيتون بغزة    أكسيوس: إدارة ترامب تصنف 533 شركة وكيان داخل أمريكا بناءً على ولائها للرئيس    جيش شبه فيدرالى فى سوريا.. استر يا رب!!    كنائس هولندية تطالب الحكومة بالاعتراف بفلسطين ووقف تسليح الاحتلال الإسرائيلي    بث مباشر مباراة مانشستر سيتي وولفرهامبتون بالدوري الإنجليزي (لحظة بلحظة)| هدف ملغي لولفرهامبتون    ريو فرديناند: أرقام صلاح جنونية.. أين تصنفونه بين أساطير البريميرليغ؟    توتنهام يستهل الموسم بانطلاقة مثالية بثلاثية نظيفة أمام بيرنلي    صحة بني سويف تنعى باحثة بالشؤون قانونية بعد العثور على جثتها متحللة بمنزلها    تحذيرات للمصطافين من إرتفاع الأمواج فى جمصة بالدقهلية    3 حفلات متتالية فى القلعة.. هشام عباس وكايرو كافيه وفلكلور كازاخستان على مسرح المحكى    وفاة والدة الفنان صبحي خليل.. والعزاء غدًا بالحامدية الشاذلية    وداعًا صنع الله إبراهيم    في يوم واحد.. إجراء 20 عملية مياه بيضاء بمستشفى نجع حمادي العام بقنا    محامي عبدالرحمن خالد صاحب فيديو افتتاح المتحف المصري: لم يصل للنيابة أي تنازل عن البلاغ ضد موكلي حتى الآن    خبير اقتصادي: توجيهات وزير الصناعة تكسر جمود «البيروقراطية» وتُمهد الطريق لسيارة مصرية بالكامل    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 أدبي.. الكليات المتاحة بكل المحافظات    رئيس جامعة بنها يضع حجر الأساس للمعسكر الدائم لطلاب الجامعة بمطروح (صور)    عمرو يوسف: أستعد لتصوير «موسم صيد الغزلان» إبريل المقبل.. وأنتهي قريبًا من «السلم والثعبان2»    الشيخ خالد الجندي: الإسلام دين شامل ينظم شؤون الدنيا والآخرة ولا يترك الإنسان للفوضى    العلاوة التشجيعية.. شروطها ونص القانون الصادر لها    مستشار الرئيس الفلسطيني: أوهام "إسرائيل الكبرى" تعكس رفض السلام وتهدد بإشعال حرب دينية    وزير الرياضة يشهد ختام دورة الألعاب الرياضية ببورسعيد بمشاركة 10 دول عربية.. صور    شمال سيناء: استمرار حملات مواجهة الحمى القلاعية حفاظا على الثروة الحيوانية    30 ألف جنيه متوسط سعر المتر للوحدة السكنية فى مشروع ظلال بديل جنة مصر    وزير الرياضة: أهنئ جماهير بورسعيد على البداية الرائعة للنادي المصري    مسابقة "دولة التلاوة"..وزير الأوقاف يتفقد لجان التصفيات من مسجد عمرو بن العاص    نتائج بطولة كأس مصر للتجديف بالإسماعيلية.. نادي القناة يحقق الصدارة    سوريا: السيطرة على 80% من الحرائق بريف اللاذقية الشمالي    في 3 أيام.. إيرادات "درويش" تتجاوز 8 ملايين جنيه    بيان بالتفاصيل.. مدبولي يترأس اجتماع مجلس المحافظين    رئيس البرلمان العربي يعزي الجزائر في ضحايا سقوط حافلة نقل    إليسا تخطف الأنظار في العلمين الجديدة.. فستان وردي وحضور غير مسبوق    نائب وزير الصحة يكشف عن عدة سلبيات داخل منشآت طبية بالمنيا.. ويجازي عددا من الأطباء    إصابة 9 أشخاص باشتباه في تسمم غذائي إثر تناولهم وجبات بمكان ترفيهي بالشرقية    تفاصيل إصابة 6 أشخاص في تصادم دراجات نارية علي طريق في الدقهلية    ضبط 35 شيكارة دقيق مدعم و150 قالب حلاوة طحينية مجهولة المصدر في كفر الشيخ    نجم بيراميدز يتحدى الجميع: سننافس على كل بطولات الموسم.. ويورتشيتش «كلمة السر»    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    تنفيذ 47 ألف زيارة منزلية لعلاج لكبار السن بالشرقية    5 أطعمة تقلل من مستويات حمض البوليك في الجسم.. تناولها    السيسي يوافق على ربط موازنة الجهاز المصرى للملكية الفكرية لعام 2025-2026    تقليل الاغتراب 2025.. أماكن الحصول على الخدمة للمرحلتين الأولى والثانية    بالفيديو: عبيدة تطرح كليب «ضحكتك بالدنيا»    محافظ بورسعيد يعلن قبول جميع المتقدمين لمرحلة رياض الأطفال بنسبة 100%    موقف غير متوقع يختبر صبرك.. حظك اليوم ل مواليد برج الدلو 16 أغسطس    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولتكن البداية بميزان العدل والحق!?    الصحة: تدريب أطباء الأسنان وتقديم خدمات مجانية ل86 مواطنًا    أمين الفتوى يوضح حكم من تسبب في موت كلاب بغير قصد وحقيقة طهارتها    محاكمة 6 متهمين في خلية «بولاق أبو العلا» الإرهابية| بعد قليل    وزارة الأوقاف تحدد 15 نقطة لاستغلال وقت الفراغ والإجازة الصيفية.. اعرفها    مصرع وإصابة 15 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بسيارة نقل بالوادي الجديد    بوتين يدعو كييف والقادة الأوروبيين إلى عدم عرقلة "التقدم الناشئ"    بالأسماء.. تفاصيل إصابة 10 أشخاص من أسرة واحدة باشتباه تسمم جنوب المنيا    بقيادة صلاح.. ليفربول يفوز بصعوبة على بورنموث برباعية في افتتاح البريميرليج    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهمة الحقيقية لحكومة الجنزورى
نشر في التحرير يوم 22 - 12 - 2011

فى شهر يونيو الماضى التقيت فى العاصمة تونس رئيس الحكومة المؤقتة الباجى قايد السبسى، وهو أحد رجال الرئيس الراحل الحبيبب بورقيبة البارزين والمخضرمين، عمل معه فى عدة وزارات منذ الستينيات من القرن الماضى أهمها وزارة الداخلية وقد اعترف السبسى فى لقائى معه بأن كل الانتخابات التى جرت فى عهد بورقيبة وبن على هى انتخابات مزورة، غير أن أهم ما قاله السبسى فى مقابلتى معه هو أن المهمة الأساسية لحكومته هى وضع خطة الطريق بل تحديد مسار الحكومة القادمة من بعده لخمس سنوات على الأقل، وهذا يعنى أن السبسى والفريق المتعاون معه كان يدرك أن الشعب التونسى قرر التغيير، والتغيير يعنى المجىء عبر الانتخابات بفريق جديد كانت التلميحات تشير إلى أنه سيكون من الإسلاميين وتحديدا من حركة النهضة التى شرد رجالها فى أنحاء العالم ومَن بقى منهم سُجن داخل تونس واستمر هذا الوضع ثلاثة عقود كاملة من عام 1981 حتى عام 2011، حيث أُفرِج عن المعتقلين منهم وعاد المطارَدون بعد نجاح الثورة التى اندلعت قبل عام من الآن وتحديدا فى السابع عشر من ديسمبر الماضى.
قضى الباجى قايد السبسى عشرة أشهر يضع القيود الاقتصادية والسياسية لمن سيأتى من بعده، وكانت النتيجة هى إغراق البلاد فى مزيد من الديون، وتقييدها بمزيد من الاتفاقيات، أما العقبة الكبيرة التى وضعها أمام الحكومة القادمة بعدما حققت حركة النهضة الفوز الكاسح فى الانتخابات وكلفت بتشكيل الحكومة فهى قرار بزيادة رواتب كل موظفى الدولة (نحو نصف مليون موظف) زيادة تُقدّر بمليار دينار تونسى فى وقت تواجه فيه الموازنة والخزينة حالة صعبة للغاية، الأمر الثانى هو ترقية معظم موظفى الدولة، حتى الضباط المتهمين بقتل الثوار تمت ترقيتهم، كما أجرى تغييرات هائلة فى السلك الدبلوماسى للدولة بحيث يصعب على من يأتى وزيرا للخارجية إجراء أى تغيير على اعتبار أن التغييرات التى أجريت هى حديثة والعادة أن لا يتم إجراء تغييرات للموظفين إلا كل أربع سنوات، كما أجرى تغييرات هائلة فى إدارات الدولة المختلفة ووضع رجال بورقيبة وبن على فى القمة بحيث يصعب على من يأتى أن يدخل فى متاهة الصراعات الإدارية فى ظل أن الوزراء تقريبا كلهم لم يسبق لهم العمل داخل دوائر الدولة، إما كانوا فى السجون وإما كانوا مطاردين وإما كانوا من المغضوب عليهم فى ظل نظام بن على، وقد أكد السبسى ما قام به حينما قال فى كلمة له أمام مؤتمر «تبادل خبرات المرحلة الانتقالية» الذى عقد فى العاصمة تونس فى 13 ديسمبر الماضى «إن الحكومة التى سيعلن عن تشكيلها قريبا ستجد تركة من التحديات فى انتظارها». وقد أكد الجانب الاقتصادى المقيد بقوله «حكومتنا أعدت برنامجا اقتصاديا يقطع مع أى مرجعية أيديولوجية ولهذا أعتقد أن المجموعة الوزارية الجديدة ستواصل تنفيذ هذا المخطط الذى أعدته شبكة من الخبراء التونسيين».
هذه المقدمة الطويلة للهدف الرئيسى من المقال تؤكد باختصار أن المهمة الأساسية والحقيقية لحكومة الجنزورى فى مصر هى نفس المهمة تقريبا التى قامت بها حكومة السبسى فى تونس لرجل من نفس الطراز ولكن فى مصر الثورة، فبعدما قام المشير طنطاوى رئيس المجلس العسكرى بإقالة حكومة المنطفئين وهى حكومة عصام شرف جاء برجل من زملائه القدامى وأحد رجال مبارك المخضرمين الذين لعبوا دورا أساسيا فى بيع ممتلكات الشعب وهو كمال الجنزورى رئيس الوزراء الأسبق، ففى عهده وخلال ثلاث سنوات بيع من أملاك الشعب 133 شركة من شركات القطاع العام، ووضع الأساس لمشروع من أفشل المشاريع الاقتصادية فى مصر لا من حيث الفكرة ولكن من حيث التطبيق وهو مشروع توشكى، لكن لأن ذاكرة الشعوب ضعيفة، وتقيّم الناس بالانطباعات لا بحقائق الأعمال، ولأن كل من أقاله مبارك نُظِر إليه على أنه من معارضيه وأنه من الشرفاء نظيفى اليد دون تمحيص حقيقى فى الملفات، فقد ساد هذا الانطباع العام عن الجنزورى متناسيا أعماله طوال أكثر من خمسة عشر عاما عملها مع مبارك ونظروا فقط إلى أن مبارك قد أقاله دون دراسة الأسباب أو التعرف عليها. وما يؤكد أن الجنزورى جاء حتى يحقق نفس النتائج التى حققها السبسى أن الجنزورى يتصرف ويتحدث كأنه جاء ليبقى إلى الأبد وأنه سيضع السياسات لسنوات قادمة ويتعاقد من أجل الاستثمارات القادمة فى الوقت الذى من المفترض فيه أن حكومته التى ستبقى ستة أشهر فقط جاءت لتسيير الأعمال لا للبقاء إلى الأبد، لكنها باختصار جاءت لتضع طوقا حديديا اقتصاديا وسياسيا وإداريا ودبلوماسيا فى رقبة أى حكومة قادمة حتى لو أسسها الخلفاء الراشدون لا الإخوان المسلمون، وتجعلها عاجزة أمام الشعب ومقيدة أمام الخارج، فالوضع الاقتصادى فى مصر مزرٍ للغاية بل «غير متصور» حسب وصف الجنزورى نفسه. وقد أكدت التقارير أن الحكومة المنتخبة القادمة سوف تجد نفسها طوال عامين أمام قروض قصيرة الأجل عالية الفائدة علاوة على الديون طويلة الأجل التى وصلت فى حد الدين الداخلى وحده إلى أنه أصبح موازيا الدخل القومى للبلاد، حسب آخر التقارير التى نشرت يوم الأربعاء الماضى، وهذا ما دفع حكومة الجنزورى إلى أن تطرح يوم الإثنين 19 ديسمبر أذونات للخزانة تقدر بخمسة مليارات جنيه بفائدة عالية جدا تقدر ب14٫06% على أذون ثلاثة أشهر، و15٫14% على أذون تسعة أشهر ومع ذلك لا تجد من يشتريها بسبب عزوف البنوك عن الشراء وكذلك عدم الثقة بالحكومة، وهذا -حسب الخبراء- اتجاه يزيد من مخاطر الدين الداخلى.
إذن المهمة الأساسية لحكومة الجنزورى واضحة، وعلى الشعب العظيم الذى قام بهذه الثورة العظيمة أن يدرك حجم المخاطر التى تحيق بها وأن يتخلى عن عاطفته وانطباعاته فى تقييم الأشخاص وأن يقف عند حد أدوارهم وإنجازاتهم لا عند الانطباعات التى ترَّوج عنهم، وأن يدرك أن المستقبل لا يصنعه رجال الماضى.
إن الأشهر الستة القادمة المهمة الأساسية فيها هى تكريس سياسة الطوق الحديدى لأى حكومة قادمة حتى تبقى أسيرة لنظام مبارك وسياساته وسياسات رجاله مهما كانت وعودها للشعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.