ارتكبت الجماعات الإرهابية جريمة نكراء بالاعتداء على كمين للشرطة العسكرية بمنطقة مسطرد، أسفرت عن استشهاد ستة جنود، وتم إبطال مفعول عبوات ناسفة زرعها الإرهابيون قبل الفرار من الموقع. وتأتى الجريمة استمرارًا للجرائم التى ترتكبها الجماعات الإرهابية ضد الدولة المصرية ردًّا على عزل مرسى والإطاحة بحكم المرشد. قالوا لنا بوضوح إنه ما لم يعد مرسى فإن العنف سيتصاعد من شمال سيناء، وهدّدوا بعمليات تفجيرية فى شتى أنحاء البلاد. إذن الجريمة التى وقعت فى مسطرد هى استمرار لمسلسل الاعتداء على المصريين ومؤسسات الدولة المصرية ردًّا على عزل مرسى وإنهاء حكم الجماعة. ما إن وقعت الجريمة حتى بدأ شباب الجماعة فى حملة شماتة على مواقع التواصل الاجتماعى، هناك مَن كتب يقول بأن «ليس كل الدماء حرام»، بما يعنى استحلال دماء الشباب المصرى الذى استشهد فى هذه الجريمة، وهناك مَن ذهب أبعد من ذلك إلى القول بتكفير أفراد الشرطة والجيش، ومن ثَم استحلال دمائهم أيضًا. القصة باختصار هى أننا أمام جماعة متطرفة لا تؤمن بالدولة المصرية ولا بأى دولة، تؤمن فقط بالجماعة وتضع مصالحها فوق مصالح الوطن، لا تؤمن بمؤسسات الدولة، بل تراها عائقًا أمام تنفيذ مخططات الجماعة، لا فارق بين أى فرع للجماعة، الكل يؤمن بما تؤمن به الجماعة الأم ويضع مصالحها فوق مصالح الوطن، انظر إلى الجماعة الأم فى مصر وفروعها فى الدول العربية (حماس فى فلسطين، النهضة فى تونس، وغيرهما من فروع الجماعة) سوف تجد رؤية واحدة تقدّم مصالح الجماعة على مصالح الوطن، سوف تجد مجموعة من البشر يوزّعون الأدوار فى ما بينهم، تجد المتشدد والعنيف، وتجد الهادئ المتمسك بالسلمية، تجد مَن يرفض التنسيق مع الجماعات المسلحة، ومنهم مَن يتعمّد كشف الارتباط بهذه الجماعات. سوف تجد مَن يخرج عن الجماعة ويعلن أنه انشق عنها وأنشأ حزبًا سياسيًّا جديدًا، أو وضع أساس حزب جديد، يتعمد التهجم على الجماعة ورموزها، ويبدو لك الموقف وكأنه خلاف حقيقى، ثم تكتشف أنه مسرحية تدخل فى إطار توزيع الأدوار، وتُفاجأ بالهادئ المتزن يتحدّث نفس اللغة ويروّج لنفس الأفكار بل ويطلق نفس التهديدات وربما أكثرها خطورة. نشير هنا إلى الحوار الذى أجراه الدكتور جمال حشمت مع قناة «الجزيرة» وتعهّد فيه بعدم وصول المشير السيسى إلى مقعد الرئاسة فى مصر، ملوّحًا بعمليات إرهابية تزلزل البلاد وتحول دون إتمام الانتخابات الرئاسية ودون جلوس السيسى على كرسى الرئاسة. إذن نحن أمام جماعة تكره الوطن وتمقت الشعب الذى لا يسير وراءها، تستحل دماء المصريين من غير أعضاء الجماعة، تعادى مؤسسات الدولة وتعمل على هدمها، لا تتورّع عن التعاون مع أعداء الوطن لتحقيق أهدافها، لا تؤمن بالمواطنة بل تعطى الأولوية لعامل الدين بل الطائفة، فترى المشابه الدينى فى أى بقعة من الأرض أقرب من شريك الوطن، بل ترى فى التشابه الطائفى أولوية على الدينى. فى تقديرى أننا لا ينبغى أن نفاجأ بما ترتكبه هذه الجماعات من جرائم واعتداءات بل وتعاون مع العدو على حساب الوطن، فالوطن لا وجود له فى فكر هذه الجماعات، كما أن الوطنية والمواطنة لا تشغلان أى مساحة فى عقيدة هذه الجماعات، وبالتالى لا ينبغى التوقف أمام ما يقول أعضاء هذه الجماعات، فقد بات فكرها معروفًا تمامًا كما أن تجربتها فى الحكم خلال عام مرسى برهنت عمليًّا على كل ما تؤمن به هذه الجماعات من فكر وهو فى جوهره معاد للوطن والوطنية، ومن ثَم فإن تكفير أفراد القوات المسلحة والشرطة واستحلال دمائهم أمر لم يعد محل نقاش. المهم هنا هو سياسات الدولة تجاه هذه الظاهرة والتى ينبغى أن تركز على ملاحقة هذه الجماعات والتوقف تمامًا عن حديث المصالحة الذى بات يضعف الوطن، فلا مجال لمثل هذا الحديث فى وقت قررت فيه الجماعة ورفاقها من التنظيمات المسلحة شن حرب شاملة على الوطن.