كواليس الجلسة الثالثة لمحاكمة الرئيس السابق مبارك لم تحظ بنفس الاهتمام الطاغى والشغف المعهود من جانب الصحف العالمية لمتابعة ما دار فى كواليسها، وعلى ما يبدو أن البث التليفزيونى الذى قررت المحكمة التخلى عنه، كان له عامل السحر فى المحاكمة التى أطلق عليها البعض محاكمة القرن. تغطيات الصحف الغربية اقتصرت على متابعة أجواء المحاكمة، وما دار خلالها من مفاجآت فى أقوال شهود الإثبات الرئيسيين، والاشتباكات الدموية التى اندلعت خارج قاعة المحكمة. موقع «بيج بوند نيوز» قال إن أيا من الشهود الأربعة الذين هم جميعا من ضباط الأمن المركزى الذين يعطون الأوامر لشرطة مكافحة الشغب فى البلاد، لم يلمح أو يشر إلى أن الرئيس مبارك أو حتى شركائه المتهمين، وحبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، قد أعطوا أوامر بإطلاق النار. واعتبر الموقع الإخبارى أن القضية المرفوعة ضد مبارك وستة من كبار قادة الأجهزة الأمنية وعلى رأسهم وزير داخليته حبيب العادلى، تعثرت وشهدت ضربة أخرى عندما ظهر أن شاهد الإثبات الرئيسى قد أدين بتهمة تدمير قرص مدمج يحوى تسجيلات لمحادثات هاتفية لقيادات الشرطة وحكم عليه بالسجن 3 سنوات. علاوة على ذلك، كانت المفاجأة عندما شهد اثنان من ضباط الشرطة بأنهما أُمرا بممارسة «ضبط النفس» فى حين أنه قد تم استدعاؤهما لتعزيز الاتهام بأن مبارك وقادة الأمن الستة أمروا بإطلاق النار على المتظاهرين ضد النظام. الموقع أشار إلى سخرية أهالى بعض الشهداء الذى سقطوا خلال الانتفاضة المصرية من الشهود، عندما قال أحد الضباط إنه أمر بمعاملة المتظاهرين ك«الإخوة أو الأبناء». صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» ذهبت إلى أن إجراءات المحاكمة أخذت منحى غير متوقع، بعدما ذكر شاهد الإثبات وهو الضابط الكبير والمسؤول السابق بقيادات الأمن، أنه لا علم له بأوامر إطلاق النار على المتظاهرين فى الثورة التى أطاحت بزعيم مصر. وأشارت إلى الاشتباكات التى اندلعت خارج المحكمة. الصحيفة وصفت يوم المحاكمة بأنه كان صاخبا، وشهد اشتباكات بالأيدى خارج القاعة وداخلها، وكانت البداية موجة من الغضب اندلعت خارج المحكمة، مما أدى إلى إصابة العشرات فى اشتباكات بين أنصار الرئيس مبارك وأسر الشهداء، فى حين لاكم المحامون المؤيدون والمناهضون لمبارك بعضهم البعض داخل القاعة. صحيفة «نيويورك تايمز» لفتت النظر إلى أن مبارك هو الحاكم الديكتاتورى الأول الذى يخضع للمحاكمة من قِبل حكومة جُلبت إلى السلطة بواسطة الحركة الديمقراطية المعروفة فى المنطقة باسم الربيع العربى، وجذبت محاكمته انتباه العالم. الصحيفة أوردت رأى فقهاء القانون المصريين بأنه من السابق لأوانه استخلاص النتائج حول الحكم النهائى. مشيرة إلى أن الشهادات فى جلسة الإثنين أثارت شكوك المصريين للمرة الأولى فى إمكانية أن يحصل مبارك على البراءة. الصحيفة الأمريكية نقلت عن لسان المحامى والناشط الحقوقى جمال عيد قوله إن «الشهود غشوا الناس». إلا أنها اعتبرت أن أعمال العنف التى دفعت القاضى أحمد رفعت لترك المنصة لمدة 45 دقيقة، تأتى فى مصلحة مبارك، وترمز إلى المشاعر العميقة والمتضاربة التى لا يزال يثيرها فى بلد يكافح، بطريقة خرقاء غالبا، لتجاوز حكمه الوحشى.