نسمع دائما عن الأوكازيونات في الملابس أو الأدوات المنزلية، لكن في تقييم حياة المواطن فهذا ما لا تراه إلا في أم الدنيا مصر فقط ؟! فبعد نجاح الثورة فى الإطاحة برموز النظام الفاسد، وضع الكثيرون أمالا كبيرة في تحسن الأوضاع ، وحلموا أن تتعامل معهم الحكومة كبشر لكن أحلامهم اصطدمت بالواقع الذي يحاصر مصر من تفشى الفساد كمرض "السرطان"، والبطالة والتضخم وغيرها من المشكلات. شهداء الثورة لم يبخل هؤلاء الشهداء بدمهم من أجل تراب وطنهم، لكن التعويضات التي صرفتها الحكومة المصرية بعد الثورة لأسرهم جاءت صادمة حيث قدرت الشهيد بخمسة آلاف جنيه بالإضافة إلى 1500 جنيه كمعاش شهري لأسرته، أما المصاب فلم يساوى في نظرها سوي ألف جنيه. وبحسبة بسيطة لكنها غريبة لتقريب الصورة فأننا إذا اعتبرنا متوسط وزن المصريين حوالي 65 كجم، فإن سعر الكيلو من الشهيد كلف الحكومة تعويضا يقدر ب 77 جنيها، أما المصاب فلم يساوى في نظرها سوى 15 جنيه. وعلى نفس المنوال، جاءت التعويضات لأسر ضحايا أحداث إمبابة والتي توفى فيها 15 مواطن ما بين مسلم ومسيحي. فأعطت الحكومة خمسة آلاف جنيه لأسرة كل قتيل، ومن ألف إلي ألفين جنيه للمصابين حسب حالتهم، وبالتالى لم تختلف الحسبة كثيرا عن السابق. كوارث سابقة أسر ضحايا العبارة الغارقة شهدت مصر خلال الحكومات المتعاقبة فى عهد الرئيس السابق حسني مبارك الكثير من الحوادث المأساوية التى دفع ثمن فاتورتها المواطنين "الفقراء". وكان من أبرزها حادث غرق العبارة "السلام 98" والذى هرب صاحبها ممدوح إسماعيل إلي الخارج. ففي فبراير/شباط 2006، صدم المصريين جميعا بخبر غرق 1033 شخصا ونجاة 486 فقط من ركاب العبارة. ودفعت الحكومة وقتها 30 آلف جنيه لأسر القتلى و15 ألف للمصابين والمفقودين، ويعد هذا المبلغ الأفضل فى تاريخ مبارك مقارنة بباقى التعويضات فى حوادث أخري. ومن المضحك، أن تستقطع الحكومة برئاسة أحمد نظيف ربع ساعة من وقتها لزيارة موقع الحادث، فى حين خصصت خمس ساعات كاملة لحضور مباراة مصر وقتها بكأس الأمم الإفريقية 2006. شهداء ثورة 25 يناير وفى حادث آخر لا يقل بشاعة، قتل أكثر من 350 مصريا في حريق قطار العياط عام 2002، دفعت الحكومة وقتها ثلاثة آلاف جنيه لأسر المتوفين وألف جنيه للمصابين بما يعادل 46 جنيه للكيلو "المحروق" و15 جنيه لل "شبه المحروق". مقارنة بسيطة ولا نجد وجه مقارنة بين ما دفع من تعويضات للمصريين المتضررين فى الحوادث المختلفة، وبين تعويض الحكومة للسائحين الناجين من هجمات أسماك القرش فى شرم الشيخ والذين حصلوا على 50 ألف دولار لكل سائح. احد شهداء الثورة المصرية وفى النهاية، فإن ما قيل ليس تقليل من قيمة المواطن المصري الذي غيّر مصيره بيده بدون مساعدة من الخارج ولكن بإصراره على تحقيق ما يطمح إليه، وإنما هي دعوة للإسراع في محاسبة المسئولين السابقين الذين ساهموا بفسادهم وإهمالهم في وقوع مثل هذه الحوادث التي حصدت أرواح الأبرياء منا وأفلتوا من العقاب مرارا ..... وما زالوا.