شاهد الناخبون مظهراً من مظاهر الانتخابات، لا يمكن إغفاله.. وهو أسراب من العجول، يقتنيها المرشحون ويجمعونها من الأسواق.. سواء من الصعيد أو من الدلتا.. بعضهم ذبح منها، بمجرد إعلان قرار ترشيحه على قائمة الحزب الوطنى.. والبعض الآخر ينتظر حتى يذبحها فى عيد الأضحى.. وهى فرصة لتكون اللحمة «عربون انتخابى» قبل الانتخابات، أو تكون «عيش ولحمة»، بين المرشح والناخبين! والمصريون ابتكروا فى رمضان شنطة رمضان، كما ابتكروا فى الانتخابات لحمة العيد.. وفى الحقيقة فهى فرصة كبرى للذين لم يذوقوا اللحم طوال الشهور الماضية، ليأكلوا الفتة بالهبر، وليس برائحة قوالب مرقة الدجاج.. أرزاق فعلاً.. فالمرشحون رجال الأعمال، قد احتشدوا فى هذه الأيام، لسداد فواتير غيابهم عن دوائرهم طوال خمس سنوات.. وهاهم يدفعونها لحمة درجة أولى، وليس شغتة! لا تظنوا أنها أضاح يقدمها المرشحون عن طيب خاطر.. إنها لحمة حلال للناخبين.. خذوها وانتخبوا من تشاؤون.. فلا تكن أكياس اللحم قيداً عليكم.. كلوها هنيئاً مريئاً.. وانتخبوا من ترونه صالحاً لتمثيل الأمة.. وليس من يشترى إرادتها.. صوتكم أغلى من كيلو اللحمة.. ولولا أن المرشح له عندكم حاجة، ما قدم لكم لحمة ولا رغيف عيش.. كلوا لحمته ثم ضحوا به، وعلموه درساً فى الانتخابات! حكى لى صديق أن مرشحاً من الوزن الثقيل، كان يشرف بنفسه على إعداد العجول، التى اشتراها رجاله.. كأنه اشترى مزرعة كاملة.. طبعاً هى من حق الغلابة وحظ الغلابة.. لكن هناك سؤالاً للجنة العليا للانتخابات: كيف تم تحديد سقف الدعاية بمائتى ألف جنيه؟.. إذا كانت لحمة العيد وحدها، تقترب من هذا الرقم، فما بالكم باللافتات؟.. وما بالكم بيوم الانتخابات، وأجرة المندوبين والسماسرة والبلطجية؟! وللأسف فإن المرشحين، الذين تنفطر قلوبهم على الناخبين، فقاموا بتحضير اللحوم والعجول، يسيرون فى اتجاهين متوازيين تماماً.. الأول تحضير العجول من مظانها المتعددة.. الثانى تحضير البلطجية، والإشراف على هذا البند بكل دقة.. العجول والبلطجية.. ثم يدفع عداً ونقداً.. وبعدها ينام ملء الجفون.. يستعد بسيف المعز وذهبه.. والعصا لمن عصى.. فأصبحنا أمام موسم للبلطجية والعجول! المثير أن المرشحين هذه المرة، لا يعولون كثيراً على الكتل التصويتية.. بقدر ما يعولون على الحزب الوطنى.. من الذى سيلعب معه، ويزوّر له؟.. من الذى يضحى به الحزب فى عيد الأضحى؟.. من الذى سيفوز بالصفقة؟.. من الذى يعتبره النظام رمزاً من رموزه؟.. فلا يجوز أن يسقط، ولو كان عضم فى قفة؟.. من الذى يعتبر نفسه الحصان الأسود، لأنه رئيس لجنة برلمانية مثلاً، ومن يبقى خارج السياق؟! كيف يلعب الحزب الوطنى فى هذه الانتخابات؟.. وما هى الطريقة التى يلعب بها؟.. حتى يواجه احتمالات الانفجار من الداخل، أو يواجه احتمالات الاستقالات الجماعية؟.. كيف يتصرف، بل كيف يتصرف المرشحون الذين تم بيعهم؟.. وكيف يتصرف المستبعدون؟.. هل يلتزمون حزبياً، أم يتحالفون مع الشيطان، كما هدد بعض المرشحين المستبعدين.. هل تفيد لحوم الوطنى فى حصد الأصوات؟! اللحمة لا تفيد.. كما يقولون أيضاً، إن الجريمة لا تفيد.. فقد باع المرشحون أبناء دوائرهم، وتم تدوير الفقر على الجميع.. وتسول أكثر من خمسين بالمائة لقمة عيشه.. فماذا تفيد لحوم الأضاحى، أو لحوم الانتخابات؟.. لا شىء.. والحل أن يضحى الناخبون بهؤلاء المرشحين.. يأخذون لحمتهم وينتخبون غيرهم.. فالعيش والملح يبقى على العيش واللحم فى موسم الانتخابات!! المصرى اليوم