شهدت الأيام الأخيرة عدة قرارات صادمة، تمس رموز الإعلام المصري، بدأت بتوقف برنامج "القاهرة اليوم" الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب، ثم الصدام بين إبراهيم عيسى، رئيس تحرير "الدستور"، ود. السيد البدوي، رئيس مجلس الإدارة، وقتها، مرورا بقرار حظر بث وإذاعة فعاليات المحاكمات وتحقيقات النيابة، وانتهاء بقرار وقف بث رسائل الأخبار ال"sms" إلا بعد حصول الشركات على تراخيص، وأخيرا إغلاق عدد من القنوات الفضائية على القمر الصناعي المصري "نايل سات". البداية.. عمرو أديب
أفادت تقارير إخبارية أن سبب توقف برنامج "االقاهرة اليوم " للإعلامي عمرو أديب، هو عدم سداد قناة "أوربت" السعودية لمبالغ مالية مستحقة لمدينة الإنتاج الإعلامي، فيما أكدت مصادر أخرى أن المسئولين عن إدارة القناة ذهبوا لسداد هذه المبالغ، إلا أن مسئولي المدينة رفضوا استلامها؛ مما طرح علامة استفهام كبرى حول مشكلة أوربت- أديب. كان أديب قد صرح قائلاً: "إننا في (القاهرة اليوم) نعمل بدون ظهر يحمينا، فأوربت- وهي قناة سعودية- لا تخضع للقواعد التي تخضع لها القنوات المصرية، التي يمتلكها رجال أعمال، لهم توجههم في الحزب الحاكم، وقادرون على حماية العاملين في قنواتهم.. لكن قليلا من يعرف من هو صاحب قنوات أوربت ".. فكيف له أن يحميني ولا أحد يعرفه؟". وصرح عمرو أديب، في وقت سابق لبرنامج "48 ساعة" على قناة "المحور"، أن عودته مرة أخرى للظهور أمام الشاشة مسألة وقت، خاصة أنه يأمل أن يتم حل الأمور، مطالبا الجميع بأن يتوقفوا عن تحليل ما حدث؛ إيمانا منه بأن سقف الحرية في مصر لا يزال يتسع له. غموض أزمة الدستور وإبراهيم عيسى
لم يكن عمرو أديب هو الإعلامي الوحيد الذي اختفى عن الفضائيات؛ حيث تم بشكل مفاجئ في الأسبوع الماضي، إقالة إبراهيم عيسى، رئيس تحرير صحيفة "الدستور"، وقد جاء هذا القرار بالتزامن مع منعه من الظهور في برنامجه "بلدنا بالمصري" الذي كان يذاع على قناة "أون تي في"؛ وهو ما بررته القناة بأنه جاء بناء على طلب عيسى، للتركيز في عمله بجريدة "الدستور". وقد أشار السيد البدوي، في تصريحات سابقة له، إلى أن قرار الإقالة، جاء لما وجده من "فساد إداري" في إدارة جريدة "الدستور"، وأيضا كان قرار الإقالة بسبب خلافات بينه وبين بعض أعضاء مجلس إدارة "الدستور"، حول نشر مقال للناشط المعارض د. محمد البرادعي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق. على خلفية ما حدث مع إبراهيم عيسى، قامت نقابة الصحفيين المصريين بانتقاد الحكومة المصرية؛ لقيامها بقمع "الإعلام الحر" الذي ينتقد النظام قبل الانتخابات البرلمانية في نوفمبر القادم، بحسب رؤيتها. حظر إذاعة وبث المحاكمات وتحقيقات النيابة
لم تقتصر الأحداث على ما سبق، إذ استمرت تلك الإجراءات بشكل متتالٍ، وذلك بعد أن أصدر المجلس الأعلى للقضاء قرارًا بعدم السماح بنقل أو بث أو تسجيل أو إذاعة وقائع المحاكمات بواسطة أية وسيلة من وسائل الإعلام، أو قيامها بتصوير هذه الوقائع أو هيئات المحاكم، أو الدفاع، أو الشهود، أو المتهمين أثناء إجراءات تلك المحاكمات، مؤكدًا أن للصحفيين الحق الكامل في الحضور والنشر، مع تحمل المسئولية في نقل النصوص كاملة. وأكد رئيس المجلس الأعلى للقضاء، أن المقصود بفحوى القرار التصوير الفوتوغرافي والتليفزيوني، نافيا امتداد تأثيره على الصحافة المطبوعة، موضحا أن من حق الصحفي حضور الجلسة وكتابة مجرياتها، مع مراعاة نشر حيثياتها بالكامل دون التحيز لأحد الأطراف على حساب طرف آخر. إيقاف بث الرسائل الإخبارية عبر ال"sms"
استمرت وتيرة الأحداث السابقة بملابساتها المختلفة، بتعليمات الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، أمس الاثنين، إلى شركات الدعم الفني للمؤسسات الصحفية والإعلامية التي تقدم خدمة الرسائل القصيرة على الموبايل، تقضي بضرورة الحصول على تصريح من وزارة الإعلام ومن المجلس الأعلى للصحافة، حتى يتسنى لها الاستمرار في تقديم هذه الخدمة. كما قضت هذه التعليمات، بضرورة توقيع شركات الدعم الفني على إقرار بتنفيذ التعليمات الجديدة حرفيا، وإلا تعرضت لغرامات مالية جديدة. من هنا، تطرح هذه الأحداث والقرارات العديد من علامات الاستفهام، وتفتح الباب أمام الاجتهادات المختلفة، التي تربط بينها وبين الفترة السياسية المقبلة، التي تشهد انتخابات برلمانية ورئاسية، ستحدد مستقبل مصر السياسي.