لا يمكن لأمة من الأمم أن تنهض من غفوتها ،لتمتطي ركب الحضارة دون أن يستيقظ عقلها ،ليتساءل ما أسباب هذه الغفوة ؟أو النوم العميق الذي أصابها ، وما هذه الآفات الخبيثة التي سكنت أركان الروح والجسد علي حداً سواء. استيقاظ الفكر أولاً وقبل تحرك الجسد؛ فلا سبيل لنهضة أمة دون اتخاذ موقف فلسفي متكامل ،يعالج من خلاله الفكر ذاته ويرتب أولوياته ، في نسق فكري متكامل ،يستطيع من خلاله سبر أغوار الجسد ليعين أماكن الداء ،ليبتر ما لابد له من بتر ،ويداوي ما يمكن تداويه. وعندما يتعافي جسد الأمة تتولد فيه روح الإرادة ،ليحقق فكرها وتطلعاتها المستقبلية؛ فلا جدال في أن قيام امة علي إرادة غير واعية، ودون فكراً جماعياً موحداً ،ودون تصور لدور حضاري محدد ؛يجعلها تتطاحن فيما بينها ،ويسكنها صراعاً تنازعي بين مكوناتها ؛لأنها نتاج رد فعل لا فكر. و يصبح الفعل سابق علي المنهج ؛ فلا تتوحد إلا لتتصارع. فإذا اعتبرنا فكرة التغيير :فكرة لأجل إزاحة نظام فاسد اثبت فشلة. كانت مقولة مفردة ؛أريد بها تغيير واقع متعدد الجوانب ،واقع تراكم من خلال العديد من المقولات.. فإذا لم تقوم فكرة التغيير بالنقد والتفنيد، لتلك المقولات التي ولدت الواقع ،وابتكار آليات لمجابهتها ؛لا تصبح إلا مجرد مقولة ؛تداعب حلم الخلاص ؛الذي يراود كل من يكتوي بلظى الواقع أو يتعايش معه. وهكذا لا تصبح مقولة التغيير غير حلم ،دون طريق أو آليات للوصول إليه، حلم يراودنا في لحظات العجز الجماعي. لكنه حلم يفرض علينا مراجعة الذات ،لتحقيقه بالفكر أولا وقبل كل شيء لنرسم الخطى التي نخطوها. فليكن كفاح مسلح بالفكر؛ لينتج منهج متكاملاً لا تتعارض أجزاءه. فلا تولد إرادة امة إلا من خلال فكرها وحدها دون غيرها ،وهذه الأمة أنتجت العقول التي ملأت الدنيا قديماً وحديثاً ،وأثرت الأرض بكافة معطيات الحضارة .فماذا ننتظر ؟