اتخذ شهر رمضان طابعاً خاصاً بالنسبة لأسر الشهداء الذين وجدوا في «ميدان التحرير» مأواهم وملاذهم الآمن والمريح لنفوسهم فأقاموا به الخيام وأعدوا عدتهم لقضاء رمضان والافطار وسط المعتصمين والصلاة والابتهال في جماعات لله ليستجيب لهم ويحقق آمالهم في القصاص. وعلي هذا النحو تبدل رمضان فأصبح بالنسبة لهم مصدراً لاثارة ذكريات ومتاعب قد تؤلمهم بل والأكثر من ذلك إثارة خلافات تحث علي الأخذ بالثأر بعد أن كان مصدراً للسعادة والترابط الأسري. يقول الحاج «صالح» والد الشهيد إسلام والمستشهد عن عمر 14 سنة: ابني استشهد من جراء رصاصة في الرأس أودت بحياته يوم جمعة الغضب وذلك اثناء خروجه من المسجد الذي اعتاد ان يؤذن به ومحاولته الهروب من طلقات الرصاص العشوائية والتي يطلقها ضباط قسم إمبابة.. وأضاف: اسلام أكبر أبنائي كان سندي وعوني في الدنيا وعمري ما هحس بفرح بعده دموعي مبتنشفش ومن كتر همي بحكي لكل الناس عنه ووالدته ليل نهار تنضفله فرشته وأوضته وتصلي وتدعي علي اللي قتله مبتعملش أي حاجة تانية غير كده.. ده غير أنها من شدة حزنها عليه دايماً تقولي انت قاعد في البيت وسايب حق ابننا أنا هاخد حق ابني بايدي لو المحاكمات مجبتليش حقه وريحت قلبي وهنفضل هنا في الميدان في رمضان وفي العيد هافطر مع المعتصمين وهبات ومش همشي غير لما المحاكمات تنتهي تماماً. ولم تكن حالة «عم شاكر» أفضل كثيراً من حالة الحاج صالح فيقول العم شاكر والد الشهيد مصطفي والمستشهد بطلقات نارية في الرأس والقلب اثناء وجوده بمسيرة سلمية يوم جمعة الغضب: هنعيش في رمضان علي الميه والبلحة لحد حق ابننا ما يرجع أنا ووالدته مش هنسيب الميدان لآخر يوم في عمرنا ده أول رمضان يمر علينا من غير ابننا اللي كانت دخلته علينا بتشفينا وحنيته بالدنيا كلها ومش هنشوف العيد ولا نقضيه غير لما قضيته يتحكم فيها. أما عن حالة أمهات الشهداء فكانت أكثر مأساوية، احداهن «مدام سناء» والدة الشهيد «معاذ السيد محمد» الطالب بجامعة الأزهر والبالغ من العمر 20 عاماً الذي استشهد بميدان التحرير يوم جمعة الغضب والتي قالت باكية: «أنا مش هفطر في البيت ولا دخلت اي حاجة من حاجات رمضان بيتي بعد معاذ، معاذ كان أكبر أولادي وكل حاجة بالنسبة لنا جميعاً كان بيشتغل في الأجازة ويساعد والده وكان حنين علي اخواته وفي دخول رمضان كان بيجيب الزينة للشارع والفوانيس لاخواته وكان حريصاً علي الوقوف في الشارع ساعة الافطار عشان يفطر الناس وياخد الثواب وبعد الفطار كان بيشترك في عمل الدورات الرمضانية مع أصحابه، ازاي هفطر في البيت من غيره هو صحيح كان بيتمني الشهادة طول عمره وكان حافظ القرآن وأنا فرحانة له وبقول أنا أم البطل اللي هيدخلني الجنة لكن قلبي بيتقطع عليه من الألم لما بشوف اللي قتلوه احياء بينعموا بحياتهم ومش هحس برمضان أو بالعيد أو بأي فرحة غير لما أشوف اللي اتسببوا في قتله معدومين ومش هقبل بأقل من الاعدام ومش هاخد منهم أي فلوس ولا حتي المعاش احنا ولادنا استشهدوا عشان يطهروا البلد دي تطهير بجد مش علشان شوية فلوس وتعديلات في الداخلية صورية والمجرومين هما المجرمين. فيما تقول الحاجة «ألفت» والدة الشهيد «إسلام علي» الطالب بكلية الحقوق والبالغ من العمر 18 عاماً الذي استشهد أمام قسم شرطة «السيدة زينب»: أنا عملت شنط رمضانية ووزعتها علي