حَللوا يا حللوا.. رمضان كريم يا حللو.. فك الكيس.. وادينا بقشيش.. لاتروح ماتجيش ياحللو!.. منذ أكثر من خمسين عاما.. وأنا أبحث عن حَللو!!. من أيام الفانوس أبوشمعة الذي كنا كأبناء الفلاحين نستعيض عنه بعلبة من الصفيح ونضع بداخله شمعة: وحتي الاختراع الصيني المصنوع من البلاستيك ويعمل بالبطارية والذي يغني كل الأغاني الرمضانية بالأصوات المصرية الصميمة التي تعيش في وجداننا مثل الفنان الكبير الراحل محمد عبدالمطلب وغيره من المطربين التي ارتبطت أغانيهم بشهر رمضان.. بالذمة مش خيبة ووكسة أن يغزو الفانوس الصيني بيوتنا وشوارعنا! ويحمله أولادنا وأحفادنا.. ونحن حكومة وشعب نقف موقف المتفرج أمام هذا الغزو الذي يستنزف ملايين الدولارات من اقتصادنا! أنا واثق أن أصغر ورشة في أصغر حارة من حواري القلعة أو السيدة أو درب البرابرة قادرة علي تصنيع مثل هذا الفانوس.. وربما تتفوق عليه في الشكل والمضمون! وربما تكون المشكلة في الدائرة الكهربائية الصغيرة الملحقة بالفانوس! وأنا واثق أيضا أن أي طالب مصري يدرس الكهرباء في إحدي كليات الهندسة بالجامعات المصرية قادر علي تصميمها وابتكار مثلها أو أحسن منها! ولكن المشكلة.. أو قل الاستسهال! تكمن في اللجوء إلي الاستيراد حتي لو كان ما نستورده شيئا بسيطا يمكننا عمله بأيدينا! ولكي نغلق باب الاستيراد لتوفير ما ندفعه من عملات فلابد من قرار! والقرار لايصدر إلا من بيده إصدار القرار! فمن هو القادر علي ذلك! هل هو وزير الصناعة والتجارة! هل هو القائم علي وزارة الاستثمار! أيا كان المسئول فلابد من قرار الآن المفروض أن الأوضاع قد تغيرت بعد الثورة! ولكن للأسف لا أحد من السادة الوزراء يتخذ أو يصدر أو يوقع علي قرار! ولذلك تزداد الأمور سوءا! ولاحتياطي الدولاري في البنك المركزي المصري يتناقص بسبب الاستيراد! وقد يتهكم أحدكم علي كلامي ويقول.. يعني فانوس رمضان السبب في نقص الاحتياطي الدولاري! يعني جت علي الفانوس! أيوه يا سيدي.. جت علي الفانوس.. وسجادة الصلاة و«السبحة» كلها أشياء بسيطة يمكن صناعتها بأيد مصرية ولكن للأسف نستوردها كلها وندفع مقابلها ملايين الدولارات كل عام! إنني أخشي أن يأتي يوم فنجد مسحراتي صيني يسير في شوارعنا! استيراد سلعة معناه أنك لا تنتج ما يكفيك منها! نضطر إلي استيراد القمح لأن انتاجنا منه لايكفي استهلاكنا وبالتالي نضطر إلي سد الفجوة بين الانتاج والاستهلاك بالاستيراد! والغريب والمثير في الأمر أن سلعاً معينة كنا ننتج منها كميات كبيرة وكان انتاجنا منها أكثر من استهلاكنا وبالتالي كنا نصدر الفائض منها! علي سبيل المثال كان انتاجنا من الفول أكثر من استهلاكنا! رويداً رويداً تناقصت المساحات المزروعة بالفول حتي أصبح انتاجنا لايكفي إلا 30% من استهلاكنا! وكان الفول «المنياوي» أي المزروع في محافظة المنيا من أجود الأنواع! ورويدا رويداً تناقصت المساحات المزروعة وتدهور الانتاج بفعل فاعل! بدعوي تشجيع الفلاح علي زراعة نباتات تدر عليه ربحا يزيد علي العائد من زراعة أنواع أخري! والغريب أن السلع التي تناقصت أو تراجعت زراعتها كلها زراعات استراتيجية مثل القطن والقمح والفول والعدس! وكلها نباتات مصرية اشتهر بزراعتها الفلاح المصري منذ فجر التاريخ! ومع التدخل الأجنبي في شئون حياتنا تبني بعض المسئولين المصريين سياسة زراعية معينة بتوجيهات خارجية لتوجيه الدعوة إلي الفلاح المصري بعدم زراعة هذه المحاصيل الرئيسية وإغراءه بزراعة أصناف أخري مثل الفراولة والكانتلوب بحجة أنها أكثر ربحية! في نفس الوقت الذي تسربت التقاوي المصرية من المحاصيل الاستراتيجية إلي دول مجاورة وصدروا إلينا تقاوي أخري فاسدة! فظهر القطن الطويل التيلة الذي كانت تشتهر به مصر! ظهر هذا القطن في إسرائيل وظهر القطن القصير التيلة في الأراضي المصرية! ولم تكتف إسرائيل بذلك ولكن وبالتنسيق مع المسئولين المصريين في ارسال خبراء إسرائيليين في مجال الزراعة ليكون لهم الأمر والنهي في سياستنا الزراعية! ولذلك تدهورت الزراعة المصرية وأوشكت بعض الزراعات المصرية المعروفة علي الاختفاء وبالتالي عدم القدرة علي المنافسة! وحتي لا نستورد فعلينا أن ننتج ما يكفينا! ولكي ننتج فلابد أن نعمل ولابد أن يعود الفلاح المصري إلي سابق عهده ويعود الصانع! وكما كنا نسميه في الأيام الخوالي «الأسطي» وحتي يتحقق ذلك سنقول مع المسحراتي المصري اصحي «يناير» قصدي اصحي يانايم! وكل عام وأنتم بخير واللهم بلغنا رمضان. نجاح الصاوي