ثمرة " الفاقوس " تشبه ثمرة " الخيار" غير انها ليست مميزة الطعم و ليس لها إستخدام بين الناس و من هنا ظهر شعار " الخيار و الفاقوس" كتعبير عن الظلم و المحسوبية .. إذا كانت العدالة تقتضي أن نعطي الناس جميعاً " خياراً " ..إلا أن الظلم أحياناً يجعل للبعض " الخيار " بينما يكون للبعض الآخر " الفاقوس" ..وهو ما كان سائداً في مصر طوال خمسين عاماً أو يزيد... فكانت الإحالة للمحاكمة أو العقوبة تطبق علي من لا ظهر له ..بينما ينعم بالأمان كبار المجرمين .وكانت هناك أمور تسير بسرعة الصاروخ لأن صاحبها من أهل الحظ و النصيب بينما تقف رخصة كشك عم "صابر" بسبب أن النسر الذي ختم به الطلب كان بجناح واحد..أي أنه مكسور الجناح.. و قد ظننت أن ثورة 25 يناير سوف تقضي علي نظرية الخيار و الفاقوس و ان هذه السياسة الظالمة سوف تزول إلي الأبد فلا المجلس العسكري ولا مجلس رئيس الوزراء" شرف" قد يقبل أي منهما أن يقدم للبعض خياراً و البعض الآخر فاقوساً لكن الحقيقة كانت غير الاعتقاد فقد أفرجوا عن بعض المعتقلين لكنهم أيضاً لم يفرجوا عن البعض الآخر بل إنهم في الحقيقة لم يفرجوا إلا عن عدد قليل بينما تركوا الأكثرية داخل السجون وفعلوا كما فعل السابقون فلم يعلنوهم بأسباب اعتقالهم و لم يقوموا بتنفيذ القرارات القضائية الصادرة بالإفراج عنهم ...هذا عن المعتقلين أما عن الذين يقضون فترة الحبس التنفيذي عن بعض الجرائم فإن الحكومتين العسكرية و المدنية قد أفرجتا عن بعض منهم تارة بنصف المدة ..و تارة بثلاثة أرباع المدة..و تارة ثالثة دون قضاء أي مدة .. إلا أن حكومة شرف و معها المجلس العسكري و لأسباب غامضة امتنعت عن الإفراج عن العديد من المسجونين الذين قضوا ثلاثة أرباع المدة..بل وعن العديد من الذين قضوا كل المدة ..وكان الأشد من ذلك غرابة أن هذه المجالس الحاكمة و معها النائب العام قد امتنعوا جميعاً عن تنفيذ أحكام قضائية واجبة النفاذ و امتنع النائب العام نفسه عن تنفيذ هذه الأحكام رغم أنها صادرة في مواجهة سيادته..و عندنا من الأمثلة الكثير و الكثير .. فمن الأمثلة مثلاً أن القضاء الإداري قد أصدر حكماً بتاريخ 24/1/2009 ضد السادة وزير الداخلية و النائب العام و مدير مصلحة السجون ..و ذلك في الطعن رقم 34171 لسنة 63ق و ألزمهم بالإفراج عن أحد المواطنين بعد أكثر من 20 عاماً قضاها الرجل بين السجون وفي الوقت الذي أفرج فيه عن كل من كانوا معه بقي هذا المسكين يبحث عن ظهر يحميه و ظل يستصرخ المحكوم ضدهم..حتي بعد قيام الثورة في 25 يناير و لكنهم جميعاً قد أصموا الآذان ..و أخيراً صدر الحكم في مواجهتهم جميعاً بتغريم كل منهم مبلغ ثمانمائة جنيه و تم رفض جميع الإشكالات المقدمة ضد هذا الحكم بالذات و التي قدمت لأسباب غامضة غير مفهومة و مع ذلك رفضها القضاء و ما زال الامتناع مستمراً إلا أنهم و في ظل هذا الامتناع يقومون بالإفراج عمن يريدون دون إتباع لقواعد العدالة أو لأحكام قضائية ..وذلك كله وفقاً لنظرية الخيار و الفاقوس ...كل هذا من ناحية .. و من ناحية أخري فبدلاً من أن تقوم السلطات العسكرية بإلغاء العقوبات عن الإخوان المسلمين الذين صدرت ضدهم أحكام ظالمة من محاكم عسكرية غير مختصة ...ذهبت لتمنحهم عفواً صحياً هو أقرب إلي الإهانة منه إلي الإجراء القانوني ..فحق الإخوان في العفو الصحي غير متوافر كما أنه غير لائق..بينما حقهم في إسقاط العقوبة و إلغاء المحاكمات هو الذي يليق بهم، فالإخوان المسلمون أهل نضال وضحايا وليسوا أهل مرض وإستثناء.. إلا أن السلطات العسكرية بهذا الإجراء الخاطيء قد وقعت بين أنياب الخيار و الفاقوس..ففي الوقت الذي منحت الإخوان المسلمين عفواً صحياً..تركت العشرات من المسجونين يموتون تحت عذابات السرطان و فيروس سي .. المهم يا سادة أن العدالة لها رائحة ..يشمها المرء من علي بعد مئات الأميال اما الاستثناء و المحسوبية و التفرقة بين الناس حتي و لو كان لأسباب سياسية فهو لا يدل إلا علي أننا مازلنا نعيش في إحدي حلقات الفساد ..فمتي تكون كلمة النهاية .. وعجبي مختار نوح