سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مجرد سؤال أو قل استفسارات: هل سمعنا يومًا عن هروب «مستثمر» في مجال السياحة للخارج بأموال المواطنين كما كنا نسمع عن اختفاء العديد من رجال الأعمال الفاسدين؟
· من المسئول عن فشل بيع أرض العين السخنة التابعة للقابضة للسياحة بمحافظة السويس؟ هل كان من الممكن أن تقوم في مصر نهضة سياحية دون وجود البنية الأساسية التي ترتكز عليها السياحة والبنية الفوقية التي تخدمها؟ سؤال يطرح نفسه والاجابة المنطقية عليه هي النفي، ومن ثم فإن القائمين علي التخطيط السياحي تبنوا استراتيجية لجذب الاستثمارات في القطاع السياحي والتعويل علي الامكانيات المتوفرة لدي القطاع الخاص للمساهمة في تنفيذ المشروعات السياحية التنموية التي تخدم أهداف تجهيز البنية الأساسية والفوقية وخلق فرص العمالة، فقامت الحكومة المصرية منذ عقدين من خلال الهيئة العامة للتنمية السياحية بتخصيص أراضي للمستثمرين الراغبين في اقامة مشروعات سياحية في إطار السياسة العامة للدولة وتنفيذا لخطتها الاقتصادية وحيث تقوم الاستراتيجيات علي تشجيع الاستثمار السياحي من خلال ما تضعه من مخططات لتنمية مراكز سياحية متكاملة وحيث يعد المركز مدينة سياحية ذات كيان وبنية تحتية مركزية تخدمها مجموعة من الأنشطة والخدمات ويتم تنفيذ هذه المشروعات السياحية في الأراضي النائية التي تقع خارج كردونات المدن وهي مناطق بكر غير مزودة بأي مرافق علي الإطلاق ولم تصلها يد العمران. وقد حدد قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2908 لسنة 1995 القواعد والشروط المنظمة لإدارة واستغلال والتصرف في الأراضي المخصصة للهيئة العامة للتنمية السياحية لاقامة مشروعات التنمية، وحيث يتولي المستثمر تزويد جميع المرافق علي نفقته «طرق - مياه عذبة - صرف صحي - كهرباء - اتصالات - معالجة مخلفات»، ومن ثم فإن تحديد سعر تنافسي بقيمة دولار واحد للمتر المربع هو بدافع تشجيع الاستثمارات السياحية إذ يقوم المستثمرون بتحمل العبء عن الدولة والمساهمة في اقامة مجتمعات عمرانية جديدة والمساهمة في تطوير البنية الأساسية للدولة إلي جانب البنية الفوقية، مما يساعد الدولة علي توجيه موازنتها العامة نحو الوفاء بالاحتياجات الأكثر أولوية وإلحاحا، وعلاوة علي ذلك فإن اسناد مسئولية تنفيذ مشروعات التنمية السياحية إلي القطاع الخاص يكفل التنفيذ في مدي زمني قصير ويفتح المجال أمام القطاع الخاص للقيام بالدور المنوط به في المساهمة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية ولقد كان هذا هو الفكر السائد منذ عام 1986 وخلال عقد التسعينيات في أثناء ولاية الوزراء السابقين والذي عضدته آراء الخبراء والاستشاريين الذين استندوا إلي مرجعية الأسباب المتقدم ذكرها في تفسير الحكمة من تحديد السعر الرمزي لتخصيص الأراضي للمستثمرين، وقد أيد السيد رئيس الجمهورية السابق هذا الفكر وشجع علي استمرار العمل به. وتجدر الاشارة إلي أن تنفيذ مثل هذه المشروعات السياحية يحقق عوائد متكررة للدولة يتمثل في الموارد الضريبية وإعادة توزيع الكثافة السكانية وتوفير فرص عمل، فصناعة السياحة من الصناعات كثيفة العمالة التي تستوعب أعدادا ضخمة من الأيدي العاملة سواء في مرحلة تنفيذ المشروعات أو مرحلة تشغيلها، فهي متصلة بكثير من القطاعات والصناعات الأخري مثل القطاع الهندسي وقطاع التشييد والبناء وصناعات السيراميك والزجاج.. الخ، وهي متشابكة مع غيرها من الصناعات فتعتمد علي عدد من الصناعات كما تقوم بتغذية صناعات أخري فهي علي سبيل المثال وليس الحصر، إذ تعتمد علي الإمدادات التي يقوم بتزويدها أصحاب الصناعات الغذائية والمشروبات، فهي تسهم بشكل كبير في تشغيل قطاعات أخري مثل قطاع النقل الجوي، الزراعي، النقل البري، الصناعة، أصحاب الحرف.. الخ. وهذا ما حدا بالحكومات المتلاحقة ومن خلال الفنيين المتخصصين وبالاشتراك مع الاتحاد المصري للغرف السياحية وجمعيات المستثمرين وبموافقة المجلس الأعلي للسياحة في إطار من الحرص علي المصلحة العامة للدولة ورغبة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية نحو طرح الأراضي بأسعار تشجع المستثمرين علي الاستثمار في المجال السياحي، وضمان عدم إحجامهم عن ضخ استثماراتهم في هذه المشروعات التنموية، علما بأنه في بداية عقد التسعينيات لم يكن هناك إقبال كبير من جانب المستثمرين علي الاستثمار في مشروعات التنمية السياحية المتكاملة لاسيما وأن العائد علي الاستثمار السياحي طويل الأجل، ومن ثم فقد كان السعر المعمول به في تحديد ثمن الأراضي يحظي بمباركة القيادة العليا في الدولة حيث إنه يتفق مع سياساتها وتوجهاتها، بل إنها كانت تقر هذا السعر وتشجع علي الاستمرار في التعامل به في عمليات تخصيص الأراضي، ويكفي أن نقول إن أهداف الدولة في ذلك الوقت كانت تتجه نحو التنمية وليس المتاجرة في الأراضي وتحصيل مقابل مادي مرتفع بصرف النظر عن سوء الممارسات التي يقوم بها المشترون بعد ذلك (ونعني بذلك ظاهرة «تسقيع الأراضي»)، أما السياسات التي تم تبنيها في مجال التنمية السياحية فقد أثمرت عن بناء أكثر من 75 ألف غرفة ووجود عدد مماثل تحت الإنشاء كما بلغ حجم الاستثمارات المنفذة علي أرض الواقع أكثر من 30 مليار جنيه. ومن ناحية أخري ينبغي الإشارة إلي أنه توجد جهات عدة مشاركة في عملية صنع القرار بالنسبة لتخصيص الأراضي للمستثمرين، حيث تصدر قرارات التخصيص من مجلس إدارة الهيئة الذي يضم في عضويته عناصر متعددة من الأطراف المعنية إذ يضم ثلاثة محافظين يختارهم رئيس مجلس الوزراء، بالإضافة إلي المحافظ المختص عند نظر مشروعات المناطق السياحية بالمحافظة، ورئيس الجهاز التنفيذي للهيئة ورئيس إدارة الفتوي المختصة بمجلس الدولة، ووكيل وزارة السياحة وممثلين من وزارات النقل والدفاع والنقل البحري والمالية والتخطيط والتعاون الدولي والإسكان.. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن هذه الطفرة التنموية التي شهدها القطاع السياحي قد عززت وخدمت الأهداف الاستراتيجية الموضوعة من أجل تشجيع التدفق السياحي إلي مصر وزيادة أعداد السائحين الوافدين إلي البلاد والتي تستلزم في المقام الأول توفير الأماكن الإيوائية لهم.. وأخيرا وعلي سبيل التذكرة ليس أكثر وردا علي الإدعاءات بأن أسعار الأراضي في مناطق بعينها يفوق الأسعار المحددة لبيع الأراضي الخاضعة لولاية الهيئة العامة للتنمية السياحية نود الإشارة إلي قضية بيع الأرض التابعة للشركة القابضة للسياحة والفنادق السينما «ايجوث» بالعين السخنة التي تم الإعلان عنها في عام 2008 والتي كانت خير دليل علي فشل السياسات السعرية التي تقوم علي تحديد ثمن باهظ للمتر المربع عند طرح الأراضي للبيع، حيث فشلت الصفقة بقيام الشركتين اللتين جاءتا في المركز الأول والثاني في المزايدة بالانسحاب منها وباعتذار الشركة الثالثة أيضا مما أجبر لجنة البت في الشركة علي التفكير في إعادة طرح الأرض علي مستثمرين محليين، ثم قررت وزارة الاستثمار ممثلة في الشركة القابضة للسياحة والفنادق السينما «إيجوث» عدم بيع الأرض، فهل لو كان تم طرح الأراضي التابعة للهيئة العامة للتنمية السياحية بأسعار غير رمزية كنا لنحظي اليوم بما نحظي به من نهضة تنموية استفاد منها المواطن المصري قبل الزائر الأجنبي؟ أفلا يري المجتمع المدني الذي يردد أنه قد تمت التضحية بأسعار الأراضي وإهدارها كل ما تحقق علي أرض الواقع من انجازات هائلة لم تقتصر عوائدها علي القطاع السياحي فقط بل انعكس مردودها علي القطاعات الأخري في الدولة؟ وأيهما أعظم فائدة للوطن: بيع الأرض بثمن رمزي نظير إحيائها وتنميتها وضخ استثمارات وتشغيل عمالة وتهيئة بنية تحتية وفوقية وتمهيد طرق وإنشاء مرافق مختلفة من محطات كهرباء ومياه.. الخ، مثلما تم في عديد من مراكز التنمية السياحية مثل الجونة ومرسي علم لتوليد إيرادات تصب في الدخل القومي للبلاد، أم حد فرص الاستثمار وعرقلة طريق المستثمرين بفرض اشتراطات طاردة للاستثمار بدلا من جذبه وما يترتب علي ذلك من تهديد فرص تحقيق ما تحقق من مكاسب بفعل إنشاء هذه المراكز السياحية؟ تساؤل أخير: هل سمعنا يوما عن هروب مستثمر في مجال السياحة إلي الخارج بأموال المواطنين كما كنا نسمع عن هروب عديد من رجال الأعمال الآخرين؟ هل يخشي علي أراضي الدولة التي تم تخصيصها للمستثمرين لاستغلاها سياحيا من تعرضها للتهريب خارج البلاد وخسارتنا للعوائد التي تأتي منها؟! نقول إن الأراضي التي تم تخصيصها موجودة ولن تبرح الحدود المصرية ونعتقد أن الجميع متفقون علي أنه من المستحيل نقل البنية الأساسية والفوقية والهروب بها إلي خارج البلاد.