· اغتصاب ثلاث منتقبات علي قارعة الطريق · عشرات القتلي والجرحي معظمهم أقباط · الأقباط قطعوا الطريق ومنعوا مرور السيارات والمارة · المحتجون أحرقوا محلات ومساكن الأهالي · بعض الأقباط تواجدوا في جانب من المشهد وسط المسلمين · مسلم يؤكد ان بعض المسحيين اشعلوا النار في مساكنهم · مسحيون ومسلمون تبادلوا الاتهامات بالمبادرة في استخدام العنف مصطفي الجمل - أحمد صبحي اقتلوهم باسم الرب.. كان هذا هو النداء الذي أطلقه أحد القساوسة بصوت جهوري في حواري المنطقة المنكوبة وسط جيش من البلطجية الذين يحملون المدافع الرشاشة وقنابل المولوتوف والسيوف والسنج والمطاوي، كأنهم في سبيلهم إلي ساحة حرب مقدسة! كان هذا أحد المشاهد المرعبة ليلة الأربعاء الدامي في حي منشية ناصر الذي شهد مذبحة مروعة بين جموع المسلمين والأقباط، شهدت كل أنواع الجرائم الوحشية: قتل واغتصاب وحرائق ودمار.. ودماء.. ودموع! كانت جحافل البلطجية في طريقهم لاحراق مسجد السيدة عائشة قبل الذهاب لمسجد الحسين! وفي مكان آخر كانت جحافل أخري من المسلمين تتوجه إلي دير أقباط بالقرب من منطقة الزرايب كانوا يتسلحون بالمدافع الآلية والأسلحة البيضاء.. وفي سبيلهم إلي حرب مقدسة.. أو هكذا كان المشهد. وقبل أن نمضي في رصد المأساة.. نتعرف علي واقع منطقة منشية ناصر وأبعادها التاريخية والجغرافية.. وأهم من ذلك الاجتماعية! منشية ناصر واحدة من أقدم وأكبر المناطق الشعبية في مصر.. يبلغ عدد سكانها 155 ألف نسمة.. تقع بجوار منطقة الجمالية وبالقرب من السيدة عائشة، يوجد بها حي «الزبالين»، حيث يقطنه جامعو القمامة كما يوجد بها «درب الزرايب» ويتمركز به الأقباط من مربي الخنازير. تتوافر بمنشية ناصر كل أسباب الفتنة الطائفية، حيث الفقر والجهل وانتشار المرض وانعدام المرافق والبطالة والمخدرات إضافة للبلطجة وانتشار السلاح الأبيض.. نحن بصدد شعب مسحوق ومقهور ومعتدي عليه من دون رحمة. أغلب أهالي المنشية من المهاجرين من الصعيد والوجه البحري هبطوا علي المنطقة بعد حرب 67 واستولوا عليها بوضع اليد في غياب القانون والأجهزة المحلية. يوجد بالمنشية منطقة الدويقة التي شهدت منذ عامين مقتل ما يزيد علي 100 شخص واصابة آخرين في انهيار كتل صخرية ضخمة علي مجموعة من بيوت المنطقة العشوائية. تعاني المنطقة من انخفاض عدد المدارس وانتشار العشش، حيث لا تزيد مدارسها علي 15 مدرسة في حين يوجد بها ما لا يقل عن 50 عشة. رغم قيام الراهبة إيمانويل القشرية التي كانت تقيم بمنشية ناصر وحاولت جاهدة تحسين مستوي المعيشة بهذه المنطقة. لم يكن أهالي منشية ناصر يعلمون أنهم علي موعد مع قرية صول بمركز أطفيح ولا أنهم سيدفعون ثمن حب أحد شباب هذه القرية من الأقباط لفتاة مسلمة بذات القرية، فعندما وقعت هذه الحادثة في قرية صول وقيام المسلمين بها بحرق كنيسة للأقباط بالقرية انتشرت الفتنة الطائفية خارج القرية ولكن أول من أكتوي بنارها هم أبناء أهالي منشية ناصر، حيث عاشت المنطقة ليلة من الرعب لم يعرف أهلها طعم النوم أو الراحة وإنما رأوا القتل والجحيم، وشهدت منطقة منشية ناصر والمقطم حادثا مروعا التقي فيه الأقباط بالمسلمين، حيث قام الأقباط بتنظيم وقفة احتجاجية قطعوا فيها طريق صلاح سالم والأتوستراد تعبيرا عن غضبهم من هدم الكنيسة وأسفرت هذه الاحتكاكات عن وقوع عشرات القتلي والمصابين إذا وصل عدد القتلي داخل المستشفيات إلي 13قتيلا والمصابين إلي 113مصابا.وقامت مجموعة من الأقباط بإيقاف إحدي عربات النقل العام وضرب سائقها والتحرش بثلاث سيدات منتقبات كن متواجدات داخل العربة. وهو الأمر الأكثر استفزاز الجموع المسلمين، وتوجه آخرون من الأقباط إلي منطقة الزرايب لهدم أحد المساجد وقال بعض الأقباط المشاركين في الوقفة الاحتجاجية المنددة بهدم كنيسة أطفيح ل«صوت الأمة»: كنا نتظاهر منددين بهدم إحدي دور العبادة لنا وهذا حق مشروع ولم يكن أحد منا يحمل أي سلاح من أي نوع، ولكننا فوجئنا بأعداد هائلة من المسلمين تتوجه نحونا حاملين أسلحة نارية وأسلحة بيضاء، مما أفزعنا وجعلنا نتساءل فيما بيننا لماذا كل هذه الأسلحة فنحن لم نتوجه إليهم بأي هتافات؟ وعندما اقتربوا منا طلبنا منهم الرجوع إلي منازلهم أو الانضمام إلينا للتنديد بهدم الكنيسة فنحن أخوة في وطن واحد ولكنهم لم يستمعوا إلينا وقاموا بإشعال النيران في بعض منازلنا، مما دفعنا إلي التوجه إليهم لمنعهم من إشعال النيران في باقي منازلنا فأطلقوا الرصاص علينا وضربونا بالأسلحة البيضاء، مما أسفر عن وقوع قتلي ومصابين. وعلي الجانب الآخر وجه المسلمون الاتهامات المضادة للأقباط، حيث أكد محمد أحمد شاهد عيان للوقائع كنت أجلس مع بعض أصدقائي علي أحد المقاهي وسمعنا أن الأقباط اغتصبوا ثلاثا من النساء المنتقبات علي طريق صلاح سالم، بالإضافة إلي أنهم يتوجهون إلي مسجد السيدة عائشة ناوين هدّمه، مما دفعنا إلي التوجه لمنطقة الزرايب، حيث مكان وجودهم لمنعهم من الوصول إلي مسجد السيدة عائشة، وهناك وجدناهم محملين بأسلحة نارية وبيضاء وعندما اقتربنا منهم قاموا بإطلاق الرصاص علينا مما أسفر عن إصابتي في كتفي ومقتل بعض أصدقائي واصابة البعض الآخر. وقال أشرف حسنين شاهد عيان علي الحادثة: عندما توجهنا إلي منطقة الزرايب رأيت بعض أصدقائي عائدين من هناك وبهم بعض الإصابات الخطرة وأخبروني بأن هناك أناسا كثيرين قتلي ومصابين وهناك بعض أصدقائنا المحتجزين، مما دفعني إلي الاتصال بباقي أصدقائي للتوجه إلي مكان الدير القريب من منطقة الزرايب لتخليص أصدقائنا الذين تم احتجازهم في الدير ولكن قبل وصولنا الدير أطلقوا الرصاص علينا وضربوا بعض أصدقائنا بالأسلحة البيضاء، مما دفعنا إلي العودة إلي مكان تواجد المسلمين. وأضاف أشرف إن هناك بعض المسلمين مازالوا محتجزين في الدير. وأشار أشرف إلي أنه لم يقم أي مسلم بهدم أي منزل من منازلهم بل هم الذين قاموا بحرق منازلهم، مما أسفر عن اشتعال الحريق في باقي المنازل المجاورة ، وخلال لقاء «صوت الأمة» ببعض أسر القتلي والمصابين للتعرف عن سبب خروج أولادهم، قالت أم كريم أحد القتلي وهي تنهمر من البكاء: لم يكن لابني أي توجهات سياسية وكان معظم أصدقائه مسيحيين ولكنه علم بتواجد أخيه في مكان المعركة فتوجه إلي هناك لانقاذ أخيه وهناك لقي مصرعه بعد إصابته اسفل سرته برصاصة كانت هي السبب في استشهاده. وقال محمد مجدي عبدالعزيز أحد المصابين وشقيق إسلام مجدي أحد القتلي، توجهت أنا وأخي لمنطقة الزرايب عندما علمنا بهدمهم للزاوية القريبة منهم وهناك وجدنا بعض أصدقائنا مصابا برصاصة في كتفه وأخبرنا بأن هناك كثيرين قد وقعوا قتلي وعندما توجهنا بالقرب منهم تم إلقاء الحجارة علينا لكي نرجع وعندما بادلناهم رمي الحجارة قاموا باطلاق الرصاص علي أخي فاصابته رصاصة أسفل الكبد فلقي حتفه بعدها ولم يكتفوا بذلك بل استمروا في إطلاق الرصاص فأصابتني رصاصة في قدمي. وأثناء تواجد «صوت الأمة» في مكان وقوع المعركة شاهدت بعض الأقباط المصابين والمتواجدين وسط جموع المسلمين وعندما سألناهم عن كيفية تواجدهم وسط جموع المسلمين أجابوا بأنهم أخوة لهم وخرجوا سويا من مكان واحد متوجهين إلي مكان المعركة لمشاهدة ما يجري هناك، فقال جمال حبيب سعد الله كنت أجلس مع مجموعة من أصدقائي المسلمين وسمعنا أن هناك مجزرة تجري في منطقة الزرايب وعلي طريق صلاح سالم فقررنا التوجه إلي هناك لنعرف ما الذي يحدث في هذه المعركة وهناك رأينا قذفا للحجارة لا يتوقف فأصبت في قدمي بإحدي الحجارة ،مما شل حركتي ونصحني بعض أصدقائي بالعودة حتي لا يتعرف علي أحد اخوتي من الأقباط فيقومون بقتلي، وبالفعل حملني أحد أصدقائي إلي منزلي وعندما انتهت المعركة وجه إلي تهديدات بإخلاء بيتي وإلا سيتم حرقه فقام جاري المسلم بضيافتي في بيته. وأوضح وحيد راضي أحد الأقباط الذين تم حرق محلاتهم عشت عمري كله وسط المسلمين وكنا اخوة لم تفرق بينا ديانة وأثناء وقوع الحادث كنت متواجدا بمنزلي وتم إبلاغي بأن المحل قد تم حرقه من قبل البلطجية وعندما توجهت إلي مكان المحل وجدت جيراني المسلمين يقومون بإطفاء الحريق واتهم وحيد أمن الدولة باشعال الفتنة بين أهالي منشأة ناصر الذين عاشوا سنين طويلة يدا واحدة في مواجهة كل الصعاب. وأكد مجموعة من شهود العيان أن الأقباط هاجموا مسجد السيدة عائشة وكانوا يحملون السلاح بمباركة الأب سمعان راعي كنيسة منشأة ناصر بأعلي جبل المقطم، حيث نزل مع الأقباط بسيارة بيجو زيتي موديل 504 وهتف بالمتظاهرين «اضربوا والرب راعيكّم»!! ويؤكد خالد عبدالفتاح رئيس حركة «مواطنين ضد الغباء» والذي يسكن بمنطقة السيدة عائشة أنه لا يقدر حجم القتلي والمصابين، حيث امتلأ مستشفي أحمد ماهر وتوفي العديد من المصابين في اشتباكات أمام المسجد، مشيرا إلي أنه سيتقدم ببلاغ للنائب العام ضد الأب سمعان راعي كنيسة منشأة ناصر لأنه قاد المسيحيين إلي تلك المجزرة. وأوضح أن هناك مخططا لثورة مضادة يقوم بها البعض لافشال ثورة 25 يناير والتحام المسلمين والمسيحيين فيها. تدخل الجيش في اليوم الثاني من الأحداث وشكل حائط صد عن مسجد السيدة عائشة إلا أنه لم يتدخل في أحداث منشأة ناصر ومنطقة الزرايب، نظرا لصعوبة السيطرة علي ضرب النار من أسفل الجبل، حيث إن منطقة الزرايب تقع أعلي الجبل. وحاول مجموعة من ضباط الشرطة تأمين منطقة منشأة ناصر بعد أحداث اليوم الثالث. انتقل فريق من النيابة الكلية لمعاينة موقع الأحداث وحصر التلفيات والتي قدرت بأكثر من 3 ملايين وستمائة ألف جنيه وشملت التلفيات احتراق واتلاف خمس سيارات ملاكي وأجره وتحطيم زجاج وواجهات 7محلات تجارية بمنطقة الزرايب والسيدة عائشة، كما انتقل فريق من النيابة إلي مستشفي ناصر وقصر العيني والحسين الجامعي للاستماع لأقوال المصابين، وتسلمت النيابة التقارير الطبية الخاصة بحالتهم الصحية والتي جاء بها اصابتهم بشظايا طلق ناري وجروح وكسور وكدمات متفرقة بأنحاء الجسم. وأكد شهود عيان في تحقيقات النيابة أنه حوالي الساعة الرابعة مساء يوم الثلاثاء الماضي فوجيء المارة بمجموعة من الأقباط يقدر عددهم بنحو 3 آلاف قبطي قطعوا طريق الاوتوستراد وصلاح سالم وتسببوا في إحداث شلل تام بالحركة المرورية وكذا وقوع حوادث تصادم بسبب الازدحام وأن الأقباط منعوا قائدي المركبات والمارة من السير علي الطريق اعتراضا علي حرق كنيسة القديسين بقرية صول بأطفيح التابعة لمحافظة حلوان فوقعت مشادات كلامية بينهم وبين المارة والأهالي من المسلمين أدت إلي تشابك بالأيدي بينهم ودخلوا في اشتباكات استخدم خلالها الطرفان الأسلحة النارية وقاموا باطلاق أعيرة نارية واستخدم شباب الأقباط والمسلمين زجاجات المولوتوف وأشعلوا الحرائق بالطريق وهدد الأقباط بالوصول إلي مسجد السيدة عائشة ومسجد الحسين لاشعال الحريق بهما انتقاما لكنيسة القديسين التي شهدت اعتداء عليها إثر شائعة انتشرت بالقرية عن علاقة غرامية بين فتاة مسلمة وشاب قبطي، مما أثار حفيظة المسلمين الذين اعترضوا علي تهديدات الأقباط بحرق المساجد فاشتبكوا في معركة دامية راح ضحيتها 13قتيلا و140 مصابا من الطرفين وقام الأقباط بإرهاب المارة بعدما حاولوا صعود أتوبيسات النقل العام وسيارات الأجرة وتعدوا بالسب والشتم علي الركاب المسلمين، مما أدي لإثارة الذعر بين الأهالي إلي أن تصدي لهم رجال الأمن والقوات المسلحة وقاموا بتفرقة المتجمهرين ونقل جثث الضحايا إلي المشرحة والمصابين إلي المستشفي، بينما ألقت القوات المسلحة القبض علي أكثر من 500 شاب قبطي ومسلما للتحقيق معهم بتهمة إتلاف وتخريب ممتلكات عامة وخاصة واستخدام أسلحة نارية بدون ترخيص والقتل العمد والإصابة الخطأ وقد تجمهر أمام النيابة أهالي الأقباط والمسلمين المقبوض عليهم وطالبوا النيابة بسرعة الإفراج عنهم وإلا هددوا بتصعيد الموقف. وتسلمت النيابة تحريات المباحث حول الواقعة والتي أيدت ما جاء بمعاينة النيابة وأقوال شهود الواقعة والمصابين.