ربما تبرر الأرقام الشرط الذي وضعه الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما لمساعدة جنرال موتورز ماليا والذي قضي بإقالة أو إستقالة ريك واجونر رئيس الشركة. فخلال العام الماضي خسرت جنرال موتورز قرابة 31 مليار دولار وصاحب ذلك إنخفاض أسعار أسهم الشركة في البورصات الأمريكية إلي مستوي لم تشهده جنرال موتورز في تاريخها كما أنخفضت نسبة مبيعات الشركة في السوق الأمريكي الذي يعد مصدر دخلها الأساسي وشهد عهده وصول جنرال موتورز إلي حافة الهاوية. وبالطبع حكم البعض علي واجونر بأنه فاشل "بالثلث" إن حكمنا عليه بلغة الأرقام. ولكن قد تجعلنا تلك الأرقام نصل إلي حكم خاطئ عن الرجل الذي قد يكون فشل علي المستوي الأمريكي ولكنه حقق نجاحات بارزة علي المستوي العالمي، فواجونر كان أول قيادات جنرال موتورز إدراكا لأهمية السوق الصيني ولهذا شهد عهده توسعات عديدة قامت الشركة من خلالها بمنافسة المارد الألماني فولكس فاجن فيما صار اليوم أكبر أسواق العالم. وجازف واجونر أيضا عندما أشتري شركة دايو المفلسة في أوائل العقد الحالي وتمكن من تحويلها إلي قصة نجاح كبيرة مكنت جنرال موتورز من المنافسة بقوة في كوريا الجنوبية وباقي أسواق اسيا كما ساعد نجاح دايو علي توفير سيارات منخفضة التكاليف تحمل شعار شيفروليه. إستعان واجونر أيضا ببوب لوتز الذي أضفي بعض الإثارة علي سيارات جنرال موتورز بافكاره الثاقبة كما أجبر أقسام الأبحاث والتطوير التابعة للمؤسسة في مختلف أنحاء العالم علي التفكير ككيان واحد ووفر ذلك مليارات الدولارات من تكاليف أبحاث التطوير للموديلات الجديدة. وأسفرت تلك الجهود في واقع الأمر عن أيجابيات تشهد عليها موديلات كاديلاك CTS وفوكسهول وهولدن مونارو وسلبيات تبدو واضحة في موديلات ساب 9-2X وكاديلاك BLS. والواقع أن تلك الطريقة بدأت الكثير من الشركات المنافسة في إتباعها لتحقيق نفس الهدف كما أن موديلات جنرال موتورز بشكل عام صارت أفضل بمراحل مما كانت عليه في السابق. إذن ما السبب الرئيسي الذي أدي إلي تلك النتائج الكارثية التي شهدها عهد واجونر؟ الإجابة عن ذلك تتمثل في أنه ورث عمن سبقوه تركة هائلة من المشاكل التنظيمية التي لم ينجح في حلها وأهمها التكاليف الباهظة للرعاية الصحية والمعاشات والتي قدرها البعض بنحو 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس عشر الأخيرة وهي أرقام هائلة تحد بطبيعة الحال من القدرات التنافسية لأي عملاق صناعي. وحقيقة الأمر أن واجونر خفض في تكاليف الإنتاج وأغلق عدة مصانع ولكن تلك القرارات التي إتخذها لم تكن كافية. لوعدنا إلي الوراء قليلا وتحديدا في عام 2006 وتذكرنا التقارب الذي أبداه تحالف رينو نيسان مع جنرال موتورز والذي لم يسفر عن شئ في النهاية، لوجدنا من يقول اليوم أنه لو نجح هذا التحالف ووصل غصن إلي منصب رئيس جنرال موتورز علي حساب واجونر لتمكن من إنقاذ جنرال موتورز من عثراتها الحالية. ولكن لم يتذكر هؤلاء أن غصن نفسه لم يتمكن من تغيير الكثير من الأوضاع التي لم تعجبه في رينو رغم تمكنه من تحقيق ذلك في نيسان. ويري الخبراء أنه حتي كان غصن قد أعتلي عرض جنرال موتورز لكان سيواجه نفس العقبات التي واجهها واجونر. ليس الهدف من ذلك الدفاع عن واجونر، فللرجل أخطاؤه التي تسببت في الحالة التي وصلت اليها جنرال موتورز ولكن السبب الرئيسي فيما حدث هو الازمة الإقتصادية التي أدت إلي ما وصل إليه الحال اليومز وطبيعي أن تغيير واجونر لن يحل الأزمة الإقتصادية أو المصاعب التي تعاني منها جنرال موتورز حاليا.