أتابع عن كثب تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات عن أداء كافة مؤسسات الدولة وخاصة التقارير التي ترصد أداء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، الحقائق التي ترصدها تلك التقارير تجعلك تشعر أن هذا الكيان الضخم يدار وحده دون ضابط أو رابط، وأنه لا أحد يعمل هناك. أتابع عن كثب تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات عن أداء كافة مؤسسات الدولة وخاصة التقارير التي ترصد أداء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، الحقائق التي ترصدها تلك التقارير تجعلك تشعر أن هذا الكيان الضخم يدار وحده دون ضابط أو رابط، وأنه لا أحد يعمل هناك، وأن من يعمل يعمل لمصلحته الخاصة فقط، وأن هذا الكيان العريق أصبح نهباً لقلة تسترزق من هذا الفساد الذي استشري بلا نهاية، من هذه الخلفية البسيطة جدا نصل إلي سؤال، ماذا جاء في هذا التقرير؟ الإجابة وبدون تفاصيل مملة وطويلة تبدأ بحقيقة صارخة وهي استمرار ظهور العجز من سنة إلي سنة، حيث جاءت نتائج أعمال الاتحاد عن العام المالي 2008 /2009 عن عجز بلغ ملياراً و981 مليوناً و607 آلاف جنيه، مقابل مليار و166 مليونا و392 ألف جنيه عام 2007/2008 بزيادة 815 مليوناً و215 ألف جنيه. وذكر التقرير إن إجمالي العجز المرحّل بلغ 11 ملياراً و540 مليوناً و921 ألف جنيه في 30/6/ 2009، وهو يمثل أربعة أمثال رأس المال، حيث يبلغ رأس مال الاتحاد 3 مليارات و238مليوناً و459 ألف جنيه تساهم الحكومة فيه بمليار و127 مليوناً و175ألف جنيه. هذه تفاصيل عامة والحقائق الصغيرة الأخري تحمل وراءها ملايين أخري مهدرة. 1- شر البلية ما يضحك، أذكر ذلك المثل القديم الآن وأنا أقرأ تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن ديون الاتحاد وأتذكر حكايات لجان الاستماع الخاصة باختيار المشاركة في مهرجان الإعلام الماضي تلك الحكايات التي كان يقصها لي أحد الأصدقاء المشاركين في الاستماع والتقييم، لجان يومية للاستماع إلي الأعمال الإذاعية المقدمة من كافة الدول المشاركة لتقييمها وتحديد ما إذا كانت علي مستوي المشاركة في المسابقة أم لا، والحقيقة أن هذه اللجان التي كانت كل لجنة فيها تضم ما يزيد علي 30 عضوا من قيادات الاتحاد والنقاد والصحفيين والفنانين والمذيعين والإعلاميين، والحقيقة أن كل هؤلاء لا يستمعون ولا يقيمون ولا يحزنون، وإنما يتسامرون، يتحدثون، يأكلون ويشربون القهوة والشاي والساقع والسخن، ويأخذون أجرا معلوما، وكلما زاد عدد اللجان العداد بيعد. 2- مشروع إعادة هيكلة الاتحاد الذي تم تنفيذه في يناير 2010، ماذا قدم ؟ وما هي الإسهامات المذهلة للقيادات الجديدة والقطاعات المستحدثة والملايين التي صرفت علي إعادة هيكلة هذه القطاعات؟ ومن هم قيادات الاتحاد الآن غير الوزير أنس الفقي وأسامة الشيخ رئيس الاتحاد؟ وما هي سلطات رؤساء القطاعات ورؤساء القنوات؟ هل يستطيع رئيس قناة أو رئيس قطاع أن يتخذ قرارا منفردا ويتحمل مسئوليته؟ الإجابة علي هذا السؤال تحديدا .. لا.. فالقرارات والخطط وكل الخيوط في يد رئيس الاتحاد والوزير فقط، وكل قيادات التليفزيون الموجودين صورة فقط لا تنطق ولا تتخذ قرارا - اللهم إلا عمر زهران رئيس قناة السينما والإبن المدلل لأسامة الشيخ ورفيق رحلته الإعلامية التي انطلقت، من قناة ART. 3- بمناسبة مرور 50 عاما علي هذا الحدث، أطلق اتحاد الإذاعة والتليفزيون، في 21 يوليو الماضي، قناة التليفزيون العربي. وبدأ بث القناة الجديدة في نفس اليوم والتوقيت الذي بدأ فيه بث التليفزيون المصري في الستينيات. وأذاعت القناة مواد نادرة من التراث التليفزيوني، وكلها مواد أبيض وأسود فقط تعبر عن التليفزيون في بداياته، وتقدم القناة مجموعة من الحوارات مع كبار المذيعين، وهم ليلي رستم وطارق حبيب وسلوي حجازي وأماني ناشد وأحمد فراج، وغيرهم، توقفت القناة عن البث في شهر رمضان الماضي علي أن يعاد بثها بعد عيد الفطر مباشرة، ومرت شهور ودخل التليفزيون العربي في الثلاجة، كما لو أنهم اكتشفوا الخطأ الكبير في ظهور المواد الإعلامية الرائعة التي بهرت الناس وأظهرت فقر الإعلام المصري الحالي وجهله وتخلفه، وبعده عن الحقيقة والواقع والشارع، ولا نعرف هل يظل التليفزيون العربي في الثلاجة حتي يخرج إعلام الدولة الحالي من غفلته ويطور نفسه وموت يا حمار؟!