كتب عبد الستار على مصطفى بعد31 عاما من عمر مشروع فوسفات الوادي الجديد أبوطرطور واستثمارات بلغت قيمتها10.8 مليار جنيه دون أن يحقق أيا من أهدافه الاقتصادية, يطالب الجهاز المركزي للمحاسبات في تقرير رفعه إلي مجلس الشعب أخيرا, بضرورة البت في جدوي استمرار مشروع أبوطرطور, منعا لمزيد من إهدار المال العام دون عائد أو فائدة . وأشار التقرير الذي حصل عليه عمرو فوزي مندوب الأهرام إلي أن هذا المشروع يعتبر مثالا بارزا لإهدار المال العام, نتيجة لسوء التخطيط والقصور الشديد في إعداد دراسات الجدوي والأخطاء الجسيمة في التنفيذ والتشغيل. الأهرام- 2006/3/5 هذا الخبر "النكتة" المنشور على الصفحة الأولى من الأهرام يطرح العديد من الأسئلة: ما هو بالضبط دور الجهاز المركزي للمحاسبات هل تبعية الجهاز لرئيس الجمهورية ميزة أم عيب ما علاقة الجهاز بمجلس الشعب هل يتم إعداد التقارير بصفة آلية أم عند الطلب ما المدى الزمني الذي يتطلبه إعداد مثل هذه التقارير هل هناك متابعة لهذه التقارير من أي جهة أما النكتة فمبعثها طول الفترة التي تم بعدها إعداد هذا التقرير و ضخامة حجم الاستثمارات المهدرة، وهى نكتة لا تدعو الى الضحك أبدا وإنما الى السخرية ، خاصة و أنها منشورة بالصفحة الأولى لكبرى الصحف القومية.. ما علينا ، و لنحاول أن نناقش الأسئلة السالفة الذكر. أولا ، و حسبما ورد في موقعه الالكتروني .. "الجهاز المركزى للمحاسبات هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية عامة تتبع رئيس الجمهورية. وتهدف اساسا الى تحقيق الرقابة على اموال الدولة واموال الاشخاص العامة الاخرى وغيرها من الاشخاص المنصوص عليها فى قانونه. كما تعاون مجلس الشعب فى القيام بمهامه فى هذه الرقابة." نظرا لتبعية الجهاز لرئيس الجمهورية.. و وفقا للنظام شبه الرئاسي الذي تسير عليه الدولة وأن رئيس الجمهورية "عمليا" هو مصدر السلطات ، لا مجلس الشعب ، فإن الجهاز و تقاريره لا يتمتعان باستقلالية تذكر. أما مسألة "تعاون مجلس الشعب.." فهي غامضة و مطاطة ولا تعني شيئا. و على هذا فإن تقارير الجهاز تشبه تقارير لجان تقصي الحقائق ذات الطبيعة المستأنسة غير الملزمة ، كما أنه يسهل توجيهها أو تسييسها. ثانيا ، المفهوم أن قانون إنشاء أي هيئة أو وزارة أو جهة، ينص على تبعيتها الإدارية والمالية و كيفية مراقبة وتقييم أدائها.. وأن المراقبة عادة ما تكون بصفة دورية على هيئة تقارير سنوية تقيس الأداء من كافة النواحي ، و خاصة المالية التي تنعكس عليها كافة أوجه الأداء الأخرى. والمفهوم أيضا أن تترجم تقاريرالجهاز، إذا ما تمتعت بالجدية والاستقلالية الواجبة ، إلى إجراءات محددة حسب طبيعة ما خلصت إليه هذه التقارير.. إما قرارات تصحيحية من جانب الحكومة، أو إجراءات إدارية من جانب الجهة القائمة على المشروع لمحاسبة المسئولين عن التقصير والإهمال ، أو اجراءات قضائية من جانب السلطات المختصة لملاحقة المجرمين إذا توافرت أدلة جنائية ، أو كل ذلك معا. ثالثا ، إن صدور تقرير بعد 31 سنة من بدء المشروع يطالب بالبت في جدوى الاستمرار فيه ، و يقدح في كل مراحله بدءا من التخطيط و دراسات الجدوى وانتهاء إلى التنفيذ والتشغيل، يطرح علامات استفهام بالمئات.. أولها هل كانت هناك تقارير سنوية أو دورية فيما يخص المشروع سابقا؟ فإن لم يكن فتلك مصيبة و إن كان فالمصيبة أعظم. كما أن التقرير- حسب الخبر- يطالب بالبت في جدوى الاستمرار في المشروع.. ألم يكن من الأجدى أن يوصي التقرير بشئ محدد إما الاستمرار أو عدمه؟ رابعا ، حسب الخبر أيضا ، فإن التقرير مقدم إلى مجلس الشعب.. أي أن التكليف بإعداد التقرير جاء من المجلس الموقر ، مما يوحي بعدم وجود تقارير أو أي أنشطة رقابية سابقة فيما يخص المشروع. إن 31 سنة تكفي لبناء هرم رابع ، فأين كان المجلس طوال هذه الفترة و أين كان الجهاز؟ الأمر – نظريا - لا يخرج عن أحد احتمالين ، إما أن المجلس قد طلب إعداد التقرير منذ فترة أو طلب ذلك مؤخرا. في الحالة الأولى يكون التقصير من الهيئتين معا ، و في الثانية يكون المجلس وحده هو المقصر. أن خللا هائلا قد تم كشفه بمجرد إعلان صدور التقرير بعد هذه الفترة الطويلة من بدء المشروع و بعد إنفاق هذا الكم من الاستثمارات التي هي في الأساس دم المواطن البسيط و عرقه ، فماذا يكون الشأن لو تم الكشف عن التفاصيل. أننا في شوق لمعرفة تفاصيل هذا التقرير ، و في شوق أكبر لمعرفة كيف سيكون التصرف من جانب الأطراف صاحبة العلاقة. [email protected]