كنت أنوي مواصلة الكتابة عن عالم الطب والأطباء.. وكنت أنوي تسليط الضوء علي تجربة عايشتها وكنت شاهداً عليها خلال الأيام الماضية.. التجربة التي عشت تفاصيلها كشفت لي عن حقائق لم أكن علي علم بها.. من هذه الحقائق وهي للأسف مؤلمة أن مهنة الطب تحولت علي يعد البعض من مهنة سامية تعالج الآلام وتداوي الجراح إلي مجرد عملية تجارية أو بيزنس أو سبوبة!.. أو مقاولة يضع شروطها المالية الطبيب المعالج وكلها شروط اذعان وتصب كلها في صالح الطبيب الذي يشترط علي المريض أن يدفع الآلاف مقدماً قبل إجراء العملية إلي جانب آلاف أخري تدفع للمستشفي الذي يحدده الطبيب! ويدخل المريض غرفة العمليات «وهو وحظه»! ممكن يخرج علي قدميه أو يخرج محمولا علي الأكتاف! هذا بالضبط ما عشته وكنت شاهداً عليه خلال الأيام الماضية.. وكنت أنوي الكتابة عنه.. وكنت أنوي أيضا الكتابة عن واحد من عمالقة الطب في العالم.. الجراح المصري العالمي الدكتور مجدي يعقوب.. هذا العالم الفذ الذي قدم الدليل والبرهان علي أن مهنة الطب سامية ومهمتها في الأساس التخفيف من آلام البشر.. هذا الإنسان النبيل والمواطن المصري الأصيل الدكتور مجدي يعقوب تبرع من ماله الخاص بعشرين مليون جنيه لإقامة معهد عالمي لجراحات القلب في محافظة أسوان من أجل علاج وإجراء جراحات القلب لغير القادرين ماديا علي دفع الآلاف التي يطلبها تجار تلك العمليات..! وكنت كما قلت أنوي الكتابة عن كل ما سبق بالتفصيل مدعمة بالاسماء والمبالغ التي دفعوها والتقارير الطبية قبل وبعض إجراء عمليات القلب المفتوح.. ولكن الحادث المؤلم الذي وقع في كنيسة القديسين بمحافظة الإسكندرية جعلني أرجئ الكتابة في هذا الموضوع، ما حدث في الإسكندرية جريمة ترفضها كل الأيان السماوية.. ولا يمكن لمرتكبها أن يكون في قلبه ذرة من الإيمان أوينتمي إلي البشر!.. المتدين حقا هو من يعرف الله.. ومن يعرف الله حقا لا يمكن أن يقتل نفساً بغير حق.. لأن من يفعل ذلك فكأنما قتل الناس جميعا، فهل هناك دين سماوي يحض علي قتل الناس جميعا؟!.. مصر منذ الفتح الإسلامي وانتشار الإسلام بها لاتعرف التعصب.. ولم يكره الإسلام يوما أي صاحب دين آخر علي ترك دينه والدخول إلي الإسلام،وبالتالي استبعد تماما أن يكون المجرم مسلما!.. وعلي الجميع أن يتروي ويمعن النظر والفكر ويبحث عن المستفيد الأكبر من وراء ارتكاب الجريمة! الذي ارتكب هذه الجريمة البشعة يريد شق صفوف الأمة.. واحداث، الانقسام بين أهلها.. منذ دخول الإسلام إلي مصر والجامع والكنيسة متجاوران.. والشارع الذي وقعت فيه الجريمة في الإسكندرية يوجد جامع بجوار كنيسة القديسين.. وفي العمارة الواحدة يسكن المسلم بجوار المسيحي ويركبان مواصلات واحدة ويشربان من نهر واحد وإذا ألمت مصيبة أو وقع حادث لمصري واستنجد بمصري آخر فإنه يبادر إلي نجدته ولا يسأله هل هو مسلم أو مسيحي! والمستشفي الذي أقامه الجراح العالمي المصري المسيحي دكتور مجدي يعقوب في أسوان يخدم المسلمين قبل المسيحيين.. وأنا شخصيا طوال عمري الذي قارب علي الستين تعلمت في المدرسة الابتدائية بقريتي علي يد المرحوم الاستاذ إبراهيم نجيب وفي المدرسة الاعدادية كان معلمي للاستاذ صلاح روفائيل وفي السعيدية الثانوية كان الفضل في حصولي علي الدرجات النهائية في مادة التاريخ للاستاذ صلاح دميان والدرجات شبه النهائية في اللغة الفرنسية الاستاذ نجيب فلتس.. وكان أقرب أصدقائي في تلك المرحلة الجميلة الأخوين سامي ووديع توفيق زخاري.. والآن أول من يقدم لي التهنئة في عيدي الفطر والأضحي اللواء الدكتور نبيل لوقا بباوي ورجل الأعمال المعروف ممدوح قسطور.. خلاصة القول أنك لاتعرف ولا يمكن أن تفرق بين المواطن المصري المسلم والمواطن المسيحي.. كل ما يحدث في الأيام الأخيرة دخيل علينا ويخدم أطرافا أخري لا علاقة لها بالإسلام ولا المسيحية!.. أطراف تريد تحويل مصر إلي عراق أخري وتسعي بكل ما أوتيت من قوة ومكر ودهاء إلي تحويل مصر إلي سودان أخري جنوب وشمال.. ورب ضارة نافعة.. فربما كان الشر الذي أرادوه لنا خيراً ومصر طوال تاريخها لم تنجح معها محاولات تقسيمها علي أساس ديني أو طائفي، فمصر التي انطلقت منها أول دعوة للتوحيد في التاريخ ستظل علي ذلك حتي يقضي الله أمراً كان مفعولا.. والرب الواحد في علاه هو رب موسي عليه السلام ورب عيسي عليه السلام ورب محمد صلي الله عليه وسلم وسيظل الدين دوما لله والوطن للجميع، وكل عيد واخواني وأحبائي وأصدقائي وجيراني من اتباع نبي الله عيسي عليه السلام في خير ووئام. نجاح الصاوي