· د. علي حسين : هناك تناقضات في تقرير الطب الشرعي تنم عن جهل وإهمال جسيم · أهالي التلاميذ فوجئوا بالنيابة في الشقة · عينة الدم تعفنت داخل الطب الشرعي · بسبب الإهمال ضاع حق التلاميذ الثلاثة · المعمل فشل في تحليل الدم الفاسد هذه القصة ليست فيلما سينمائيا ولا قصة خيالية ولا مجرد موضوع صحفي نسعي من ورائه للإثارة إنها مأساة حقيقية بكل المقاييس لمصرع ثلاثة شباب في ظروف غامضة هم : محمد سيد علي وأحمد عبد الله إبراهيم وإرشيليدس أشرف صادق لم يتجاوزوا ال 16 عاما زملاء دراسة في الصف الأول الثانوي . الواقعة حدثت فصولها في بني سويف في 15 ديسمبر الماضي بالعمارة رقم (7 ه) مساكن التعاونيات ، أما تفاصيلها فجاءت علي النحو التالي : محمد وأحمد وإرشيليدس جيران في مدينة سمالوط بالمنيا قرروا بعد انتهاء المرحلة الإعدادية الالتحاق بمدارس الأورمان الثانوية الفندقية بشرق النيل ببني سويف وهناك استأجروا الشقة مع خمسة طلاب آخرين والتي يشرف عليها مدرسون تابعون للمدرسة وفي يوم الحادث كان أولياء أمور الطلاب الثلاثة يحاولون الإطمئنان علي ابنائهم من خلال اتصالات هاتفية مع مدرس التربية الرياضية ويدعي معتز الذي هو في نفس الوقت المشرف علي مسكن الطلاب وكان في كل مرة يؤكد أن الأولاد بخير وأنهم منشغلون في حصصهم إلي تسرب الشك إلي نفس والد إرشيليدس الذي أسرع بالسفر إلي بني سويف وهناك لحقا به والدا محمد وأحمد وفوجيء والد إرشيليدس بوجود رجال النيابة أمام باب الشقة الذي وضع عليه قفل من الخارج وبعد فتح الباب شاهدوا الطلاب الثلاثة فارقوا الحياة وملقون علي ظهورهم داخل إحدي الغرف بينما هناك طالب آخر ملقي علي الأرض في حجرة أخري تم نقله إلي مستشفي بني سويف العام في حالة إعياء شديد وتم أخذ عينة منه لتحليل الدم والبول وتحويل الجثث الثلاث إلي المشرحة وأذيع أنها حالة تسمم أدت إلي مصرع الثلاثة وإعياء الرابع ، المثير في الأمر أن تقرير الطب الشرعي للطالب محمود محمد عبد الجواد الذي أصيب بالإعياء وكما جاء في التقرير الطبي لمستشفيات جامعة عين شمس ذكر أنه بالكشف عليه اتضح أنه تسمم غير معلوم أما تقرير الطب الشرعي للطلاب المتوفين فجاء به : بعد الإطلاع علي مذكرة النيابة وتقرير الطب الشرعي رقم 2008/556وكذا التقارير الكيماوية والخاصة بالمتوفين تبين أن الجثث كانت خالية من الاصابات الظاهرية المشتبهة والتي قد تكون سببا في إحداث الوفاة وجاءت التقارير الكيماوية تفيد خلو عينات أحشاء المتوفين من المبيدات الحشرية السامة واشباه القلويات السامة والمخدرات وعليه فإنه لا يوجد ما يثير الشبهة الجنائية ولا يوجد ما ينفي من امكانية حدوث الوفاة من التسم بأول اكسيد الكربون وذكر التقرير أيضا تعذر البحث عن أول أكسيد الكربون لعدم صلاحية عينة الدم نتيجة تعفنها الشديد وتحللها. أما الأكثر إثارة فهو تعليق الدكتور علي حسين رئيس قسم الطب الشرعي جامعة المنيا بأن هناك تناقضات في تقرير الطب الشرعي فأولا: ذكر في تقرير الطب الشرعي الزرقة الرمية التي تعقب الوفاة "وهو اللون الأزرق " وانتهي التقرير إلي الوفاة بأول أكسيد الكربون ورغم أن التسمم يظهر في الكشف الظاهري وبالعين المجردة فبدلا من اللون الأزرق علي الجثة يظهر اللون الأحمر القاني أي رسوب دموي أحمر اللون ويسمي " كربوكسي هيموجلبين " ولم يكتب في تقرير الطب الشرعي في الكشف الظاهري للجثة وأيضا نتيجة المعمل لم تكن لصالح النتيجة التي توصل إليها في التقرير حيث إن المعمل لم يستطع تحليل الدم لفساد العينات إذا لا يوجد دليل علي أن سبب الموت هو أول أكسيد الكربون لا الأعراض الظاهرية علي الجثة في التشريح ولا استطاع أن يأخذ النتيجة من المعمل وبهذا تعارض الكشف الظاهري مع النتيجة التي وصل إليها . ثانيا : في التشريح عند فتح البطن لم يذكر أنه قام بالشق علي المعدة " فتح المعدة" والكشف علي أنواع الأكل ووصف الهضم هل تم هضم الأكل كله أم جزء منه؟ وهل توجد رائحة كريهة أم لا ؟ ويذكر أي صفات أخري يجدها ويجب تحليل هذا الأكل فمن الممكن أن يكون التسمم ميكروبيا والتحاليل التي أجريت ليست بها تحليل ميكروبي فهو غير السموم فكان يجب أخذ عينة من الأكل وإرسالها لمعامل التحليل الميكروبيولوجي . ثالثا: والأهم أن عملية إفساد عينات الدم من المتسبب فيها؟ فالمسافة بين بني سويفوالقاهرة ساعتان بالمواصلات العادية والوفاة كانت في 15 ديسمبر وفحص عينة الدم تم يوم 25 ديسمبر فهناك 10 أيام فهل تركت العينات في بني سويف حتي فسدت ثم أرسلت للقاهرة ؟ أم أن المعمل تركها في القاهرة حتي فسدت ؟ وكل هذا إن دل علي شيء فيدل علي جهل وإهمال جسيم في الطب الشرعي الذي هو الجزء الفني والأساسي الذي يساعد العدالة في معرفة أسباب الوفاة وبسبب الإهمال ضاعت معرفة الأسباب الحقيقية للوفاة وأصبح الأهالي في حيرة مريرة وتشكك. والسؤال الذي يطرح نفسه إذا كان للطب الشرعي دور كبير في تشخيص الجريمة وفي تحديد الأفعال الإجرامية وكشفها وكشف مرتكبيها لذلك فإنه يؤثر بصفة مباشرة في تحريك الدعوي العمومية من طرف النيابة وعلي التكييف القانوني للوقائع ويظهر ذلك جليا في حالة الوفاة فكيف ونحن في عام 2009 يكون تقرير الطب الشرعي أن السم غير معلوم!!!! تترك عينات الدم الدليل الوحيد علي معرفة أسباب الوفاة حتي تفسد !!! وهل ترك العينة وإفسادها نتيجة إهمال أم أنه إهمال متعمد ؟!!!