مر البابا شنودة بفترة صدام حادة مع السادات، بدأت بأحداث الخانكة عام 1971 وانتهت بتحديد إقامته في وادي النطرون في سبتمبر 1981، خسر البابا والنظام معا، ارتفعت درجة الاحتقان الطائفي واهتزت هيبة البابا. في عهد النظام الحالي تحول البابا من مناضل إلي سياسي، تبلورت في عهده ما عرف بالقضية القبطية، ونجح بكاريزميته وخبراته الممتدة وسلطته الدينية في التحول إلي زعيم سياسي يقود الأقباط. اعتبر المسيحيين شعبه ومواطنيه، وهم بدورهم وثقوا فيه، عززت العلاقة جرعات من التمييز زادت من المرارة في الحلوق، إضافة إلي انعزال شبه تام داخل أسوار الكنائس والأديرة بعد سد مسام الحياة السياسية أمام الجميع مسلمين وأقباط، أفضت الأمور إلي طريق واحد يراه الأقباط الحل الواقعي لنيل الحقوق، وهو الضغط من قبل الكنيسة علي النظام للحصول علي مكاسب للطائفة، ترهلت أمام الوضع سبل تحول الأقباط إلي مواطنين بعيدا عن السلطة الدينية. في علاقته مع النظام الحالي استخدم البابا أوراقا عديدة للحصول علي مكاسب للطائفة، أو بمعني أصح لشعبه، بعضها إيجابي يصب في مصلحة النظام، والأخري سلبية تنال من سلطة النظام وتضغط عليه. أما الأوراق الإيجابية فمنها موقفه من القضية الفلسطينية ومنعه المسيحيين من زيارة القدس رغم أهمية المكان في العقيدة المسيحية، وهو موقف ثابت تقاطع أيضا إيجابا مع مشاعر شعبية لعامة المسلمين، كان البابا أيضا ولا يزال من الداعمين لاستمرار النظام الحالي ضد المعارضة، أبدي تأييدا مستمرا لشخص الرئيس مبارك، وأعلن استعداده (ولو بشكل شخصي) لدعم وريثه، في حين تجاهل طموحات البرادعي وساهم في تعزيز صورة الإخوان السلبية لدي بسطاء الأقباط. علي الجانب الآخر لجأ البابا إلي خيارات سلبية للضغط علي النظام دون الوصول لمرحلة الصدام، ومن بينها توسيع نطاق امبراطوريته عالميا، بني أكبر عدد من الكنائس في عهده، زاد من الصلات مع أقباط المهجر، حتي رجال الدين المهاجمين للآخر المسلم أو النظام المصري لم تتخذ الكنيسة الأم معهم قرارات حادة، فلا يزال إلي الآن القمص زكريا بطرس علي ذمة الكنيسة ولم يتم شلحه، بينما بقي مرقص عزيز مثلا في الخارج يواصل هجومه علي النظام المصري فيما يخص القضية القبطية بلا مجرد لوم كنسي. اعتبر البابا أقباط المهجر ميليشيا جاهزة للضغط والتظاهر ضد النظام للحصول علي مكاسب.. بمرور الوقت ظهرت أوراق سلبية أخري للضغط علي الدولة و منها الاعتكاف في الدير والبكاء في عظات الأربعاء أمام جمهوره ، وصلت مرات الاعتكافات مثلا خلال فترة جلوسه علي الكرسي البابوي 7 مرات رسمية، كما لوح البابا مؤخرا بإلغاء احتفالات عيد الميلاد والاكتفاء بقداس بسيط في الدير. المظاهرات في باحة الكاتدرائية من أهم الأوراق السلبية تجاه النظام، سمح الرجل بعشرات التظاهرات دون بادرة إشارة لوقفها ، أوقفها فقط مؤخرا بعد مجموعة من المكاسب، منها مثلا تحدي أحكام القضاء في قضية الزواج الثاني، ورضوخ النظام أمام الكنيسة، إضافة إلي مكاسب أخري منها عودة كاميليا شحاتة وقبلها وفاء قسطنطين، في تحد واضح لقوانين الدولة ودستورها. تتنوع أساليب الضغط لدي البابا السياسي، يعرف متي يثور ومتي يصافح ومتي يبكي، هدفه في النهاية تعزيز سلطته علي أتباعه وأسرهم بالكاريزما، يهاجم ويدافع، من أجل هدف واحد فقط .. هو المكسب، ربما يشبه مدرب الأهلي التاريخي جوزيه .. يدافع ويهاجم لكنه لا يخسر الجماهير أبدا.