يحفل سوق السيارات المحلي بالكثير من النماذج الناجحة التي تمكنت في خلال سنوات مضت من ترك بصمات لا ينساها أحد. وفي الوقت ذاته يحفل السوق أيضاً ببعض النماذج الغريبة التي بلغت من الفشل مبلغاً لم يصله أحداً قبلها. من بين تلك الشخصيات الفاشلة قصة لنموذج غير عادي من البشر لا يمكن لأحد أن يغفل "إنجازاته" علي مدار سنين. فتلك الإنجازات لم تتمثل في تحقيق مبيعات ضخمة أو التقدم بأفكار مبهرة أو النهوض بالتوكيل الذي يديره، بل كانت تلك الإنجازات علي العكس من ذلك تماماً. فقصة هذا القيادي الجهبذ بدأت منذ سنوات عندما تولي إدارة توكيل معروف تمكن بفضل جهوده العظيمة من الدخول بهذا التوكيل في نفق مظلم حتي أن تلك الماركة التي كانت شهيرة في مصر يوماً ما لا يكاد أحد يذكرها اليوم. تلك الجهود الجبارة التي بذلها هذا العبقري وحطمت أعمال توكيله دفعت بمالكي توكيل أخر إلي إسناد قيادة ماركة عريقة أخري إليه سعياً للاستفادة من خبراته العظيمة. وبالفعل كان فألاً حسناً ليس علي التوكيل المصري فحسب، بل علي الشركة بأسرها حيث تعرضت لكارثة مدوية لا تزال الشركة الأم تعاني من آثارها حتي يومنا هذا والغريب أن تعامله مع تلك الأزمة لم يكن - كما كان متوقعاً علي مستوي الأزمة - حيث توهم أن المستهلك المصري أقل وعياً من المستهلك في أي مكان أخر بالعالم. أو ربما توهم هذا المدير أن المستهلك المحلي لم يعلم بالكارثة متناسياً أن العالم صار اليوم قرية صغيرة ولم يعد من الممكن - كما كان الحال في الماضي - إخفاء ما يحدث بباقي أرجاء الأرض. بالطبع كانت النتيجة المنطقية لهذا التراخي في التعامل مع الأزمة هي انصراف عشاق تلك الماركة عن شراء موديلاتها الجديدة خوفاً من تكرار ظهور العيوب. والمؤكد أن تعاطي هذا المدير مع الأزمة كان سبباً وراء ذلك بسبب العجرفة التي شكا منها البعض عند علاج المشكلة في مراكز الخدمة وبسبب البط في رد الفعل عند وقوع الأزمة. والنتيجة المنطقية هي تراجع المبيعات تماماً كما حدث مع التوكيل الأول الذي كان يديره. المعروف عن هذا الوكيل نرجسيته الواضحة والتي تتمثل في اهتمامه بنفسه بصورة مبالغ فيها حتي أن بعض الإعلانات الخاصة بسيارات شركته تحمل أحياناً صورته الشخصية وكأنه أحد المرشحين لعضوية مجلس الشعب رغم أن الباحثين عن سيارة جديدة لا يعنيهم من قريب أو بعيد تأمل طلعته البهية في تلك الإعلانات. مهارة هذا المدير الفذ لم تقتصر علي "تطفيش" الزبائن فحسب، بل أضاف إليه إنجازا جديداً تمثل في "تطفيش" الغالبية الساحقة من الكفاءات العاملة في التوكيل والسبب واضح وهو نزعاته الاستبدادية والتي لا تقبل رأياً يعارضه أو يصوب تفكيره المغلوط الذي سيؤدي بتوكيله الجديد إلي كارثة لا يمكن تفاديها. بالتأكيد كل هذا بسبب مواهبه في تحويل الذهب إلي تراب وليس العكس.