«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الجماعة» .. كراهية «الإخوان» وطبطبة علي «أمن الدولة»
حكايات فنية يكتبها: طارق الشناوي
نشر في صوت الأمة يوم 28 - 08 - 2010

· الهدف هو التأكيد علي أن جذور الإرهاب مرتبطة منذ النشأة مع بدايات التفكير في إنشاء الجماعة ولهذا تتواصل الحلقات في الزمنين الحاضر والماضي
· التجاوزات والممارسات التي أثرت علي جهاز أمن الدولة خلقت عند الناس صورة سلبية حاول وحيد حامد تغييرها خلال العمل الدرامي
· معركة مسلسل "الجماعة" بدأت قبل أن يشرع "وحيد" في الكتابة والاتهامات جاهزة ولهذا فإنه يحرص علي أن يبعد عن نفسه الشبهات فيقع فيها
قرأت واستمعت وشاهدت الاستفتاء الذي يتم تداوله عن أكثر عشرة أعمال درامية حققت رواجاً - ولا أقول نجاحاً أو قبولاً نقدياً - أكرر رواجاً جماهيرياً بين هذا السيل المنهمر من المسلسلات المعروضة وجاءت العشرة ليس من بينها مسلسل "الجماعة"!! لم أطمئن إلي هذه النتائج رغم تحفظاتي العديدة علي مسلسل "الجماعة" والسر وراء ذلك هو أن هذا المسلسل صار هو الخبر اليومي والخبز الدائم علي كل الفضائيات الناطقة بالعربية صار الحديث عنه يشكل الهدف الأول برغم أنه لا يزال يتواصل عرضه وتتابع حلقاته لم تكتمل بعد ملامحه النهائية علي شاشة التليفزيون التي تزخر بالعديد من الأعمال الدرامية التي تحمل أيضاً قضايا ساخنة ومثيرة إلا أن القسط الوافر من المساجلات كان من نصيب مسلسل "الجماعة" وما يجري عبر النت وليس فقط الفضائيات أكد علي أن توجه المؤشر توقف عند حدود الرؤية السياسية والفكرية للعمل الفني فصار هو المسلسل الذي استحوذ علي الاهتمام المبكر بين كل المسلسلات رغم التنوع الشديد والغزارة الإبداعية التي نراها علي الشاشة الدرامية حالياً.
الحدود الدنيا التي تجعلني أؤكد أن المسلسل لديه تواجد جماهيري ولا أقول قبول جماهيري هو هذا الجدل لدي الناس وحب الاستطلاع وبالتالي إدارة المؤشر إليه وبعد ذلك قد يحبونه أو يلعنونه.. "الجماعة" يستند إلي رؤية سياسية يطرحها الكاتب "وحيد حامد" لعب في تشكيلها العديد من العناصر لأن "وحيد" يحركه أكثر من مؤثر وهو ينسج أحداث المسلسل أولاً الجماعة جذورها المبكرة ولهذا يعود إلي طفولة الشيخ "حسن البنا" والتي تواكبت مع اندلاع الحرب العالمية الأولي 1914 . وفي نفس الوقت يحركه الواقع الآني للجماعة وتوقف أمام نقطة فارقة وهي العرض العسكري الذي تم في عام 2006 في جامعة الأزهر الشريف وكأنه استعراض للقوة وشعرت الدولة بأن هناك أشياء تعد في الخفاء تهدد أمن الدولة وأصبح هذا الاستعراض هو نقطة انطلاق رئيسية للمسلسل الذي يتحرك درامياً وفق خطي الماضي والحاضر وذلك من خلال مزج يبحث عن الجذور التاريخية للجماعة يؤكد من خلالها أن أفكارها راسخة ويتوارثونها جيلا بعد جيل والذي يحقق التلاقي بين الزمنين هو المستشار القانوني الذي يؤدي دوره "عزت العلايلي" في حواره مع حفيدته التي أدت دورها "يسرا اللوزي" بين ا لحين والآخر وينتقل إليه المسلسل ليقدم زاوية رؤية لطفولة "حسن البنا".. المؤثر الثاني الذي يحرك الكاتب "وحيد حامد" هو أمن الدولة أقصد الصورة الذهنية الراسخة لدي الجمهور في الشارع المصري بل والعربي عن تجاوزات لحقت بهذا الجهاز الحساس أثناء العديد من الممارسات والتي أدت إلي أن يتبادل الناس صورا عبر المحمول عن بعض وقائع التعذيب.. فكيف تستطيع الدراما خلق صورة ذهنية مضادة؟ كان علي "وحيد حامد" أن يقدم وجهاً آخر لهذا الجهاز لأن أي إدانة له سوف تفرض بالضرورة تعاطفاً مع الجماعة.. اختار الكاتب بذكاء شخصية محقق في نيابة أمن الدولة أدي دوره "حسن الرداد" بالطبع هو ينتمي للسلك القضائي وليس وزارة الداخلية إلا أنه يحرص علي أن يتعاطف معه الجمهور وذلك بتقديم تفاصيل دقيقة مثلاً علاقته بأمه "سوسن بدر" وهو يساعدها في أعمال المطبخ وموقفه من شقته القديمة التي كان يقطنها هو وأسرته في الماضي عندما علم أن ابن صاحب العمارة يتمني الزواج فيها فنجده يعرض عليه نقوداً من أجل شرائها لكي يمنح صاحب العمارة مبلغاً من المال يستطيع من خلاله أن يزوج ابنه ويساعده في الحصول علي شقة جديدة كلها ملامح المقصود منها تحقيق التعاطف مع هذا الجهاز.. أسلوبه الهادئ والحضاري في التعامل مع الطلبة المتهمين الذين يجري التحقيق معهم بتهمة الانتماء للجماعة المحظورة بل إنه أيضاً ينتقل إلي وزارة الداخلية يريد تحقيق نفس الهدف ولهذا لا ينسي أن يقدم بين الحين والآخر ضابط مباحث أمن الدولة في صورة إيجابية من خلال الضابط الكبير المسئول عنهم وهو حريص علي ألا يتم تعذيبهم حتي لو استفزوا رجال الشرطة لاستخدام العنف فإن العنف مرفوض وهكذا تزداد معدلات الدراما في تبييض وجه وزارة الداخلية؟!
في أكثر من مشهد كان السيناريو حريصاً علي ذلك، الكاتب أيضاً لديه أيضاً حسبة أخري وهي إحساس مسبق بأن هذا المسلسل مقدم من خلال إرادة دولة تريد إدانة جماعة تعتبرها محظورة ولهذا فليس أمامه سوي أن يهاجم الحزب الوطني بين الحين والآخر حتي لا يعتبر أحد أن المسلسل تمهيد لمعركة مرتقبة في شهر نوفمبر القادم عندما تبدأ انتخابات مجلس الشعب.. لا شك أن تلك الحسبة السياسية لم يكن من الممكن تجاوزها أيضاً.
معركة مسلسل "الجماعة" بدأت قبل أن يشرع "وحيد" في الكتابة والاتهامات جاهزة ولهذا فإنه يحرص علي أن يبعد عن نفسه الشبهات.. لا شك أن الحسابات خارج المسلسل تؤثر علي مسار الدراما داخله ولكن بترمومتر دقيق جداً ينبغي أن تتوافق كل هذه التفاصيل لأن المسلسل يتم بثه من خلال تليفزيون الدولة وحتي لا تتعادل الكفتان معاً عليه في النهاية رغم كل شيء الحفاظ علي أن الهجوم الموجه للحزب الوطني لا يصل إلي حدود تثير غضب الدولة.
الهدف هو التأكيد علي أن جذور الإرهاب مرتبطة منذ النشأة ومع بدايات التفكير في إنشاء الجماعة ولهذا تتواصل الحلقات في الزمنين الحاضر والماضي وذلك حتي يستكمل حياة "حسن البنا" برغم أن المسلسل ليس سيرة ذاتية لحسن البنا ولكنه في زاوية منه من الممكن قراءته علي هذا النحو من خلال الشخصية التي أداها الفنان الأردني "إياد نصار" وحتي كتابة هذه السطور أجاد تقديمها بدرجة من الحميمية والدفء والقناعة.. الدراما تتحرك في الزمنين معاً دائماً يعود إلي الطفل "حسن البنا" ولكنه عندما نشاهد ملامح الطفل "حسن البنا" في القرية نراه يزرع ملامح الشخصية المرفوضة في البداية في علاقته مع شيخ "الكتّاب" الذي يعلمه صحيح الدين ويحفظه القرآن لا نراه حقيقة طفلا في سلوكه ولكنه منذ البداية يحمل ميولاً لمطاردة الناس والتلصص عليهم ويتبني وجهة نظر قاسية جداً في مفهومه للإيمان فهو يطلق علي جماعة أسسها اسم "النهي عن المنكر" قبل ذلك يحيل اللعبة الشهيرة عسكر وحرامية إلي كفار ومسلمين.. فهو شخصية قيادية تتحدي الكبار ولكن السؤال: هل هذه هي حقاً الطفولة فهل مثلاً لو تصورنا طفولة أشهر قاتلتين في مصر "ريا وسكينة" سوف نعتقد أنهما بدأتا حياتهما وهما تخنقان الكتاكيت ثم تضعان الجثث تحت التراب وعندما مر الزمن صارا يقتلان الناس علي طريقة الكتاكيت.. الطفولة ينبغي ألا ننزع عنها ملامح الطفولة من أجل الوصول إلي إدانة للشخصية.. المسلسل لا يكتفي بتقديم مشاهد درامية فقط لفضح هذا التنظيم ولكن أيضاً من خلال حوار مباشر بين "عزت العلايلي" وحفيدته "يسرا اللوزي" أو مع زوج المستقبل لابنته "حسن الرداد" فإنه يبثه الكثير من الأفكار المباشرة للهجوم علي الإخوان؟!
كل ذلك لا يمكن بالطبع أن يؤدي إلي نجاح الخطة لو لم يتم إحاطة تلك اللمحات بتفاصيل في العمل الفني به قدر لا ينكر من الجاذبية ولهذا نجد أن عددا من النجوم يشاركون كضيوف شرف في المسلسل مثل "أحمد حلمي" ، "منة شلبي" ، "كريم عبد العزيز" ولا أجد في هذه المشاركة سوي مؤازرة من هؤلاء النجوم لأفكار مسلسل الكل يعلم مدي حرص الدولة عليه.. إنه بمثابة رسالة يقدمها هؤلاء النجوم للدولة يؤكدون من خلالها أنهم يقفون معها في نفس الخندق.. من المشاهد التي رأيت فيها إبداعا فنيا التتابع الذي قدمه المخرج "محمد يس" بين مشاهد تداخل الدعاة في بداية تكوين تنظيم الإخوان حيث شاهدنا كلا منهم بدأ موعظة من مقهي إلي آخر وردود الفعل والتركيز علي أن الدعوة ينبغي أن تبدأ في أماكن تواجد الناس ولا ننتظر من يأتي إلي الجامع.. كل شيء مصنوع بدقة الرؤية الإخراجية لمحمد يسن يصل بها للذروة من خلال ضبط إيقاع المشاهد وحركة الممثلين.. الانتقال الزمني والذي يتجاوز 80 عاماً يستند إلي تفاصيل في الملابس والإكسسوار ولغة الحوار استطاع المخرج أن يضبط تماماً كل هذه التفاصيل مع مهندس الديكور المبدع "أنس أبو سيف".
المسلسل يسير علي حد السيف فهو يخشي أن يتهم بالانحياز للدولة وتحديداً للحزب الوطني وفي نفس الوقت يراعي أن الجرعة التي ينتقد بها فساد الدولة ينبغي ألا تتجاوز المسموح به حتي لا يبتعد الهدف عن التوجه الأساسي وهو إدانة الجماعة ويجب أيضاً ألا ننسي في نفس المعادلة أنه بقدر ما ينتقد الجماعة فإنه يدافع عن صحيح الدين حتي لا يفقد جمهوره المتدين بطبعه.. إنها جرعة ينبغي مراعاتها بدقة متناهية وإلا فإن الهدف قد ينتقل إلي الناحية الأخري تماماً.. المسلسل يثير ولا شك الاهتمام الإعلامي علي الساحتين المصرية والعربية فكيف نصدق أن مسلسلات من نوعية "الفوريجي" و "العتبة الحمراء" تتفوق عليه في الاهتمام والمتابعة الجماهيرية وإنه لم يستطع حتي أن يحظي بالمركز العاشر في تلك القائمة.. لي تحفظات عديدة علي المسلسل خاصة وهو يحرص علي الجانب التلقيني للهجوم علي الإخوان في هذا الحوار الذي يعيده بين الحين والآخر يجمع بين "عزت العلايلي" وكل من "يسرا اللوزي" و "حسن الرداد" وكأنه يخشي ألا يعرف الناس بالضبط رسالة المسلسل أو أنهم قد يختلط عليهم الأمر بين كراهية الإخوان وكراهية النظام ولهذا فإن عليه أن يؤكد دائماً أن المقصود هو كراهية الإخوان.. أما النظام القائم فإنه لا يستحق سوي فقط قليل من العتاب وقرصة ودن.. وتبقي جرعات لا نهائية من الحنان والطبطبة لأمن الدولة!!
***********
جريمة لا تسقط بالتقادم
يظل السؤال عن القواعد الأخلاقية ومدي تأثيرها علي التقييم الفني ليس فقط سؤالاً مصرياً أو عربياً أو حتي شرقياً ولكن في العالم أجمع لا يمكن أن نضع خطاً فاصلاً بين الإنسان وإبداعه وبالطبع مع اختلاف الدرجة!!
قبل نحو شهر أفرجت السلطات السويسرية عن المخرج العالمي "رومان بولانسكي" والذي كان قيد التوقيف علي مدي سبعة أشهر ثم سمح له بالعودة إلي فرنسا وهو ما دعا السلطة القضائية في أمريكا إلي التعبير عن غضبها!! ظل اسم "رومان بولانسكي" البولندي الأصل الفرنسي الجنسية يتردد ملتصقاً بفضيحة ارتكبها عام 77 في أمريكا عندما اعتدي علي فتاة قاصر وقبل إصدار الحكم بإدانته كان قد سافر خارج أمريكا ولم يعد إليها منذ ذلك الحين رغم الملاحقة القانونية له حتي تم توقيفه قبل سبعة أشهر في زيورخ بسويسرا استعداداً لترحيله إلي الولايات المتحدة الأمريكية وذلك تنفيذاً للقانون؟!
البعض أعلن وقتها غضبه من هذا الإجراء خاصة أن الجريمة مر عليها 33 عاماً بل إن الفتاة القاصر التي كان عمرها 12 عاماً عند وقوع الجريمة صارت زوجة وأما في الخامسة والأربعين من عمرها وقد تسامحت معه ولا تريد فتح الملف مرة أخري.
ولكن هل حقيقة أغلق الملف؟! الاتهام من الممكن أن يظل مفتوحاً ولا يستطيع أحد في نفس الوقت إغلاقه حتي بفعل قانون التقادم - وهو أحد القوانين المعمول بها في العالم كله - وذلك لأننا بصدد جريمة لها جانبها الأخلاقي.. قد تسقط الأحكام الجنائية ولكن الحكم الأخلاقي دائماً له حضوره فلا تسامح أيا كان نوعه للاعتداء علي فتاة قاصر حتي ولو كانت هذه العلاقة قد تمت برضاها.. لأن القانون يعتبر أن هناك طرفاً واحداً أصيلاً في ارتكاب الجريمة وهو الطرف البالغ.. قد يتعاطف البعض مع المخرج باعتباره واحداً من أفضل مخرجي السينما العالمية وعند تقييمه الفني ينبغي ألا نضع في الميزان سلوكه الشخصي؟! أوافق علي هذا الرأي إلا أنني أري أيضاً أن القانون ينبغي أن يأخذ مجراه حتي ولو انتهت القضية إلي تبرئة "رومان بولانسكي" فإن من حقه أن ينعم بإحساس البراءة لو حدث ذلك بعد أن تجاوز السبعين من عمره فلقد كان في مطلع الأربعنيات عندما لاحقه هذا الاتهام الجنائي!!
لقد اعتبرت فرنسا حيث يقيم علي أرضها "رومان بولانسكي" ويحمل الجنسية أن هذا التوقيف الذي حدث في سويسرا ينتقص منها واعترض وزير الثقافة الفرنسي "فريدريك ميتران" ابن عم الرئيس الأسبق "فرانسوا ميتران" رسمياً لدي سويسرا حيث أن الشرطة السويسرية تعقبت "رومان" أثناء توجهه إلي مهرجان "زيورخ" وبعد إلقاء القبض عليه لم يلغ حفل التكريم ولكن قدم عنه شهادات من المخرجين والنقاد الحاضرين للمهرجان وحصل علي التكريم الذي يستحقه.
هل تقييم الفنان في الغرب يختلف عنه في الشرق أي أنهم يتجاوزون عن أخطائه الشخصية كإنسان ويعزلونه تماماً ولا يتبقي سوي الإبداع؟ الحقيقة هي أن هذا الرأي ليس صائباً علي إطلاقه الجرائم من هذا النوع لا يتسامح معها المجتمع الأوروبي وهم يعتبرون الجميع ملتزمين وسواسية أمام القانون.. جرت بعض ضغوط علي المستوي الرسمي لمنع ترحيل "بولانسكي" إلي أمريكا ونجحت ليس بسبب الخواطر ولكن لأن هناك منفذا قانونيا عثر عليه المحامون الفرنسيون سمح لبولانسكي بالعودة إلي باريس بدلاً من تقديمه للمحاكمة في نيويورك إلا أن الملف لم يغلق بعد.. وأتصور أن الأيام القادمة في ظل قوة القانون سوف تحمل الكثير من المفاجآت ويبقي أن الإدانة الأخلاقية حتي لو لم يدعمها القانون تظل إدانة سواء في الشرق أو الغرب!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.