كنت أنوي الكتابة عن وزارة الكهرباء ووزيرها الذي اشفق عليه من الحملات الشرسة التي يتعرض لها.. قد يكون الوزير مخطئا.. قد يكون قصر في عمله.. قد تكون الشركة القابضة أو الشركات التابعة قد حجبت معلومات أو قدمت للسيد الوزير بيانات غير صحيحة عن المحطات! كل ذلك وارد.. ولا يعفي الوزير ومساعدوه من المسئولية! ولكن هل هو وحده الذي يتحمل المسئولية! هل تعمل وزارة الكهرباء بمعزل عن باقي الوزارات المسئولة تضامنيا بين أكثر من وزارة.. وكنت أنوي التعليق علي التصريح المثير الذي أدلي به الدكتور هاني الناظر أمين الحزب الوطني بمحافظة أكتوبر والذي قال فيه: «انه لامكان في انتخابات مجلس الشعب القادمة علي مستوي المحافظة لنواب القمار والمخدرات والآثار.. وطبعا لايمكن للسيد أمين الحزب أن يدلي بهذا التصريح ويحذر هذا التحذير.. إلا إذا كانت قد وصلت إليه معلومات عن بعض الاشخاص الموصومين بالممنوعات الثلاثة القمار والمخدرات والآثار وبالتالي اراد الدكتور هاني أن يقطع الطريق علي من ينوي الترشيح منهم و«يخدوها من قصيرها» ولايتقدمون بأوراق الترشيح! عموما سننتظر لنري إن كانت اللاءات الثلاثة التي اطلقها السيد أمين الحزب الوطني بمحافظة أكتوبر سيكتب لها النجاح وتطبق علي أرض الواقع! أم أن كلام سيادته من اساسيات حفل الافطار!.. هذه الأفكار والموضوعات وغيرها تزاحمت في رأسي.. ولكنها توقفت فجأة.. ووجدتني انحيها كلها جانبا وأنا أقرأ في جريدة الاهرام عن مأساة إنسانية وقعت في مدينة أبو النمرس بمحافظة أكتوبر وانقل اليكم سطور الحادث الأليم كما جاءت في الاهرام، مأساة إنسانية عاشتها أسرة بأبو النمرس.. عندما فقدت ثلاثة من ابنائها خلال اقل من نصف ساعة.. بينما اصيب الرابع بهبوط حاد بالدورة الدموية وكذلك الأم التي شاهدت ابناءها يموتون الواحد تلو الآخر بسبب الحزن علي موت شقيقهم الاكبر.. بدأت المأساة عندما توفي ممدوح محمد الدلال «50 سنة» لاصابته بهبوط حاد في الدورة الدموية.. وعندما علم شقيقه الذي كان مسافرا وعاد ليكتشف موت شقيقه الاكبر الذي كان يقوم بالانفاق عليه وتولي شراء شقة له استعدادا للزواج فلم يصدق أنه مات.. وظل يصرخ في وجود والدته العجوز السيدة محمود «75سنة» ليسقط علي الارض ويتوفي في الحال.. فقامت الاسرة باخطار طبيب في محاولة لاسعافه ظنا منهم أنه فقد الوعي.. إلا أنهم فوجئوا بموته فظلوا يصرخون لوفاة شقيقهم ماهر واثناء جلوس الشقيق الثالث سعيد «41سنة» مع اقاربه من المعزين سمع صوت استغاثة أمه فهرع إلي الطابق الثاني ليكتشف موت شقيقه فيلقي مصرعه هو الآخر حزنا علي شقيقه.. وهنا جن جنون الأم المكلومة وتسقط مغشيا عليها فيحضر الشقيق الرابع رضا «30 سنة» ليكتشف موت اشقائه الثلاثة فيسقط علي الأرض مغشيا عليه.. وقد سارع الجيران بنقله إلي المستشفي في محاولة لاسعافه بعد أن بقي هو الأمل الوحيد لهذه الأسرة في موت غامض سببه الحزن الشديد والارتباط الوثيق بالاشقاء.. هل هناك عظة وعبرة أكثر من ذلك.. هل كانت تتخيل الأم المكلومة أنها ستفقد ثلاثة من اولادها في أقل من ساعة حقا إنها ارادة الله وقضاؤه ولكل اجل كتاب.. فإذا حل أو حان موعد الرحيل الذي يحدده المولي بالساعة والدقيقة والثانية فلا يمكن لمخلوق ولا في استطاعته أن يؤخر موعد الرحيل.. وهنا لافرق بين خفير ووزير.. بين محكوم وحاكم.. بين فقير وغني.. هل رأيتم أو سمعتم أن ملكا أو رئيس جمهورية أو مليارديرا استطاع أن يرهب ملك الموت أو يقدم إليه رشوة.. ابدا والله. قلبي مع الام المكلومة في ابنائها.. والهمها الصبر والسلوان.. واتمني أن يقرأ هذه السطور المحافظ الإنسان الدكتور فتحي سعد محافظ أكتوبر والذي يتبعه مسقط رأس الاشقاء الثلاثة ويفعل شيئا يمكن أن يخفف عن الأم والشقيق الوحيد الباقي علي قيد الحياة، صحيح أنه لايمكن تعويض إنسان فقد عزيزا لديه ولو بكنوز الدنيا فما بالك بهذه الأم التي فقدت ثلاثة من ابنائها في يوم واحد.. هذه الأم لا أعرفها ولكنني أشعر بأنني ابنها فأبكي لبكائها.. ولن يخفف هذا البكاء والحزن من قلب هذه الأم إلا إذا ذهبت للحج أو اداء العمرة.. انني واثق أن المحافظ الدكتور فتحي سعد لو قرأ عن مأساة هذه الأم سيبذل كل جهده من أجل تقديم شئ بسيط لها.. وإنا لله وإنا إليه راجعون. نجاح الصاوي