زيارة عائلية قمت بها في وقت قصير لكنه بالنسبة لي من أسعد الأوقات ولإني ألمح لدي القارئ الكريم علامات تعجب كيف تكون زيارة عائلية في مستشفي عسكري ؟! نعم هناك يجري عمي الكبير لواء محمود خواسك بعض الفحوصات والإجراءات العلاجية وهورجل يمثل بالنسبة لي القدوة والمثل الأعلي بعد والدي ،حين مررت في طرقات المستشفي تملكني شعور بمهابة تاريخ مصر العسكري وتاريخ الجنرال كما يطلقون عليه في العائلة لم يعرف مشاعري نحوه لكنه عن غير عمد شارك بشكلِ أوبآخر في تكويني وأفكاري علمني حسن الحوار الراقي والجدية في التعامل نظرا لنشأته العسكرية، والجنرال ليس مثقفا فحسب بل هوموسوعة متنقلة خاض حروبا عدة حين خدم في الجيش المصري ، أعترف عزيزي القارئ أني معجبة كثيراً بهذا الرجل لذا أستهل كتابتي في جريدة هي الأفضل الآن في مصر بالإعتراف بالجميل نحوكبير عائلتي وأتصور أننا بحاجة جميعا وفي هذا الزمن للإعتراف بجميل الكبار علينا علي مرأي ومسمع منهم ، دار حديثا بيننا كنت أحتاجه كثيرا ، لم أنتقي كلماتي في الحديث ، علي غير العادة كنت مسترسلة في خجل يسيطر علي بمجرد لقائه فهوكبير العائلة الذي يضفي بجلسته مع صغارها وكبارها خفة ظل مصرية تمتزج بهيبة وكبرياء ومعلومات قيمة تتسم بالصراحة والإفتخار والشموخ بأننا مصريون نحيا بشرف ، لم تتلوث أيدينا ولم نعرف الفساد حدثني عن والدي وقد لمحت في عينيه عبرات هي مزيج صادق لم يستطع إخفائه يحمل معاني الود والخوف علي إبنة أخيه من المجهول الذي يخشاه عليها ، حدثني عما أكتب ناقشني مناقشة الآباء ، لامني علي بعض ما كتبت ، يري مصر هي الأروع برغم الفقر والأمية برغم الفساد وقسوة الحياة التي يعيشها المصريين إلا أنه يراها الأجمل والأفضل ، حاولت الإنصراف لتركه في هدوء يحتاجه الكبار لكن قدماي لم تساعدني بسهولة فقد تعودت أنه البادئ للجلسة والحوار وبالرغم من حلوحديثة واسترساله بما يثير الإنتباه والفضول هوأيضا الذي ينهي الجلسة مع شعور المحيطين أن الحديث إنتهي قبل الأوان ، وحين هممت بالإنصراف غمرني عمي الكبير بكثير من الدعاء الصادق وقد امتزج بعبارات كانت بمثابة خاتم النسر العسكري الذي يدفعني إلي الإنطلاق دون خوف ، وفي ممرات المستشفي الذي يتميز بالفخامة والأناقة ولافتات معلقة تبعث علي الهمة والأمانة وحب الوطن إصطحبني أبناء العم الذين إختلطت دمائهم بحب مصر بالفطرة ليبدأ حوارا آخر يرتكز علي سخطهم للمعارضين للسلطة والحكومة في مصر وإستعراض ما قام به الرئيس مبارك وما اجتنبه من مخاطر كان من شأنها إنهيار مصر بالكامل ولا أخفي عزيزي القارئ علامات التعجب التي ارتسمت علي وجهي أثناء حديث شباب العائلة كنت أنتظر منهم سخطاً علي حال البلد الذي إختلف إلي درجة كبيرة ، أومعارضة لاختلاف جيل والدهم وأفكاره إلا أني لمحت في حديثهم إنتماء بلا حدود رسخ معه إحتراماً وتقديراً لعمي وأبنائه ، كانت زيارة عائلية لكنها مثلت قيمة كبيرة واعذرني عزيزي القارئ إذا كنت قد تحدثت عن شأن خاص لكني أعتقد أننا بحاجة لعودة الأسرة المصرية وشعور الإنتماء وحوارا مفتوحاً في حب مصر. حنان خواسك