· رغم أن اسم الفيلم يقرر علي لسان البطل «لست إرهابيًا» في رسالة مباشرة إلا أنه يظل عملاً فنيا قويًا ومؤثرًا يقولون إن الفن يخسر الكثير من قوته وتأثيره إذا اتجه إلي طرح قضاياه بشكل مباشر، والفيلم الهندي «اسمي خان.. ولست إرهابيا» تصل فيه المباشرة إلي عنوان الفيلم نفسه، ولكنه يظل عملا قويا ومؤثرا.. لماذا؟ كانت بداية القرن الجديد أو الألفية الجديدة مع حادثة 11سبتمبر 2001، فالعالم بعد هذا اليوم أخذ مسارا مختلفا ودمويا، وأعلنت أمريكا ما يشبه الحرب العالمية الثالثة ضد «الارهاب»، وامتدت حروبها إلي العراق وأفغانستان، وأخذت تروج أن الاسلام هو دين العنف، وأصبحت هذه قضية «بوش» الأساسية، وعندما جاء «أوباما» كشف هذه الكذبة الكبري، وكان خطابه الشهير في جامعة القاهرة.. وفيلم «اسمي خان.. ولست إرهابيا» هو رد مباشر علي ادعاءات بوش الكاذبة، وتعصب اليمين الأمريكي.. وطوال الفيلم يفشل «خان» في الوصول إلي بوش، وينجح في النهاية عندما يلتقي بالرئيس الجديد «أوباما» ليقول له انه مسلم.. وليس ارهابيا. يتعامل فيلم «اسمي خان» طوال أحداثه ومن خلال سيناريو محكم للغاية مع مشكلة التعصب والصراع الدائر بين الأديان والمعتقدات، وتنطلق أحداثه من الهند نفسها، حيث الصراع بين الهندوس والمسلمين، وجاء ذكاء معالجة قضية الفيلم من اختيار بطل العمل مصابا أو مريضا بالتوحد، ومرضي التوحد يتمتعون بدرجة مثالية من البراءة والصفاء، ويتعلم بطلنا من أمه وهو ما زال طفلا ألا يصدر أحكاما ضد أي انسان علي أساس معتقداته أو ديانته، حيث يشاهد الطفل هذا الصراع الطائفي بين الهندوس والمسلمين في الثمانينيات، ولأنه مسلم فكان يردد عداءه للهندوس، ولكن الأم تشرح له من خلال رسم بسيط، أن الحكم علي الانسان من خلال معتقده أو ديانته أمر ليس صحيحا، انما الحكم الصحيح هو : هل يفعل هذا الانسان الخير أم الشر؟.. ويظل «درس» الأم هو مقياس الحكم عند البطل، ويقرر في النهاية أن يتزوج من هندوسية تعيش في أمريكا رغم رفض أخيه. يذهب «خان» إلي أمريكا ليعيش مع أخيه، وتقع أحداث 11سبتمبر، ويصبح هو وكل المسلمين الذين يعيشون في أمريكا يثيرون التوجس، ويتم التعامل معهم بكثير من التعصب والعنف، ويعاني «خان» من هذه العنصرية بشكل مباشر، فبعد أن تزوج من «الهندوسية» حمل ابنها اسمه، وظن زملاء الابن أنه مسلم فظلوا يضطهدونه حتي قتلوه، ورغم أن صديق هذا الابن «الامريكي المسيحي» كان شاهدا علي من قتلوه، إلا أن روح الاضطهاد تملكت منه، فرفض الاعتراف عليهم، لأن والده جندي أمريكي مات في أفغانستان وقد اعتبر أن موت أبيه كان بسبب المسلمين وليس بسبب الغزو الامريكي.. وترفض الزوجة الهندوسية الاستمرار مع «خان» رغم أنه يحبها كثيرا وهي تعلم ذلك، ولكنها فقدت ابنها، وأصبحت هي نفسها عرضة للموت لانها متزوجة من مسلم، وأصبح علي «خان» أن يحمل قضيته ويذهب إلي الرئيس الامريكي شخصيا، ويبلغه بأنه اسمه خان، وانه مسلم، وانه ليس ارهابيا .. وهذا ما يحاول أن يفعله «خان»، ويحققه فعلا في نهاية الفيلم، حيث تصل الرسالة إلي أوباما. ومن خلال ميلودراما مؤثرة، وحبكة درامية متطورة ومتفرعة الاحداث وتجمع بين مواقف وشخصيات كثيرة وتنتقل من مومباي إلي نيويورك ولوس انجلوس، حيث تم تصوير 75% من أحداث الفيلم في أمريكا، تصل رسالة «خان» بأن الشر الذي يسكن بعض الناس هو سبب كل الكوارث الدموية، وأن دين الانسان أو معتقده أو لونه أو جنسه ليست هي مصادر الحكم علي الانسان انما ما يفعله من شر ونزاعات الدموية.. وقد وصلت رسالة الفيلم بقوة وإقناع لان الهند تحديدا ذاق الامرين من العنف الطائفي، ولان الفيلم استطاع بذكاء حقيقي في المعالجة أن يثبت أن الناس الأكثر براءة، والأقدر علي التسامح هم الضحايا الحقيقيون للطائفية والعنف. وإذا كانت الميلودراما مع الغناء وبعض المواقف الكوميدية تمثل سمة أساسية في بناء الفيلم الهندي التجاري، فان فيلم «اسمي خان» ظل مخلصا لهذه المدرسة الهندية الناجحة، وحقق درجة عالية من التركيز في معالجة قضيته، فخرج مؤثرا وناجحا في أن تصل معالجته إلي أي مشاهد في العالم، ولذلك سارعت واحدة من أشهر شركات التوزيع الامريكية إلي تبني الفيلم وعرضه عالميا، خاصة أنه يتمتع بتقنيات عالية فنيا قدمها المخرج كاران جوهار باسلوب سينمائي يتمتع بسلامة الحكي وقوة التأثير، ولعب النجم الهندي شاه روح خان دوره ببراعة سواء في تقمص شخصية المتوحد، أو في اصرار هذه الشخصية علي ارسال رسالتها واقناع المتفرج بها.. إننا أمام فيلم هندي متميز بالفعل رغم أن مدة عرضه تمتد لثلاث ساعات كاملة!.