حدثتني تطلب لقائي ، لديها مشكلة ، أجبتها بلا تردد تفضلي.. بدأنا الحوار لكن هناك حديثا آخر لا تجد بدايته حيرة تصل إلي الشرود.. توقفت عن حديثي التمهيدي وسألتها: ماذا عندك؟ وإذا بالرد حائر حزين به عذاب قاس لا تقوي المسكينة علي احتماله دموع تنهمر صامتة لكنها صادقة لم تأت من عينيها بل جاءت من قلب تمزقه مشاعر فياضة وأمام دموعها التزمت صمتاً يعينها علي الكلام قالت: أنا باحب واحد! قلت متهكمة طبيعي! قالت: مسيحي أصابني السكوت المفاجئ.. لم أجد عبارات أهدئ بها من روعها.. تركتها تبكي وتكمل لإنه الحب وإذا أصابتك نيرانه التهمتك دون رحمة خاصة إذا امتزج بمعاناة، قالت: أسمعت أغنية أليسا أواخر الشتا ؟ قلت نعم ، قالت هي حالنا سوياً ، وظلت تبكي وتسترسل بأدق التفاصيل دون مقاطعتها: لكنه دائم التهديد لي أنه سيتزوج مسيحية مثله وأني فقط للعشق ، يتركني ثم يعود ثم يتركني ليعود لكنه الآن تركني ولم يعد.. قالتها وشعور بالوحدة والضياع والحنين يؤلمها.. قلت: لن تتخيلي كم أحترم المشاعر الإنسانية بكل صورها.. كلنا ضعفاء.. كلنا تعرضنا لذلك العذاب الأعمي.. واكتوينا بناره! قالت: لا أقوي علي فراقه ، قلت: ارجعي إلي الله وليعوضك خيرا عنه ، وتذكرت في الحال صديقتي هالة صبحي كانت تسبقني في العمر وصاحبة أول واقعة بالنسبة لي في هذا النسيج الإنساني، متزوجة من ضابط شرطة مسيحي لديها طفلان أحبت طبيب أسنانها المسلم تألمت في حبه كثيراً ، رآها زوجها تغلق بابها أهملت أطفالها وتقرأ القرآن بل وابتعدت عنه ، تذكرت حديثي معها عن قراءتها القرآن حباً في شخص وليس الإسلام قالت أحب ما يحبه! قلت: وأطفالك ؟ قالت: لن يشعر سآخذهم وأهرب بعيداً! قلت لها: هراء.. تزوجتي صغيرة فتعيشين المراهقة من جديد ، علم زوجها بكل شئ ، حدثتني لتخبرني أن زوجها يعذبها يهدد بحرمانها من أطفالها والحياة ، لم تنصت له استمرت في الحب اللعين..هددها سيمحو حبيبها تراجعت إبقاءً علي حياته.. اختفت صديقتي واحتجبت أخبارها وسافرت أنا الأخري بعيدا أخذتني الحياة لكني لم أنس صديقتي ، ظللت أفكر بين الحين والآخر ماذا فعلت بها الأيام ؟ مرت خمسة عشر عاماً لنلتقي صدفة نجلس علي مقعدين متجاورين في الكوافير! حين وقعت عيناي عليها حدثتها فوراً: هالة ؟! هالة صبحي ؟! ردت متحفظة: نعم أنا.. سألتها مباشرةً كما لو كنا لم نفترق يوماً واحداً: ماذا حدث لك ؟ ماذا فعلتِ ؟ كيف حالك وزوجك وأطفالك ؟ ردت والدموع تنهمر من عينيها ويبدو عليها آثار البكاء المستمر لكنه يبدو مختلفا بكاء العاشقة عن بكاء الأم: أعيش كارثة حقيقية ، ماذا بك ؟ قالت: أحبت ابنتي شاباً مسلماً هربت معه خارج البلاد ونعيش في حالة يرثي لها!! شعرت بحديثها أكثر نضجاً.. اختلف عن تلك العاشقة الصغيرة.. طمأنتها: لا تقلقي ستعود لانك غير راضية.. وعدت إلي ضيفتي الجالسة أمامي أنصت لحديثها المتواصل عن حبها الجارف بلا عقل أو دين ، لكنها مريضة بالعشق! تحبه رغم اختلاف الدين.. قالوا: في مصر فتنة طائفية.. قلت: لا أراها! أين هي ؟ قالوا في نجع حمادي.. قلت: أليس هذا النجع الذي أنقذ فيه المسلم ابن أخيه المسيحي ؟! وكل حالات الحب هذه ؟! إنه القدر يأتي بمشاعر إنسانية.. تخترق سهامها ولا تفرق بين إسلام أو مسيحية. حنان خواسك