من شاءت له الأقدار زيارة الرسول، فعلا يمتليء قلبه بنوره ومن منا يغفل أو يتناسي ما تغنت به «ليلي مراد» في فيلم «ليلي بنت الأكابر» والذي كتب قصته وأعد السيناريو أيضا أبوالسعود الأبياري والذي كتب أغنية «يارايحين للنبي الغالي.. هنيا لكم وعقبالي.. ياريتني كنت وياكم وأروح للهادي ورسوله.. أبوس من شوقي شباكه وقلبي يتملي بنوره.. وأحج وأطوف 7مرات وألبي وأشوف مني وعرفات وأقول «ربي» كتبها لي .. يارايحين للنبي الغالي.. إلي آخر الكلمات الإيمانية الصادقة.. هذا الشعور الروحاني يتملكك فور قدومك للمدينة المنورة.. حيث الراحة والهدوء ومظاهر الإيمان الخاشع لرب الكون واقتداء بما ابلغنا به رسوله الكريم «محمد» خاتم الانبياء والمرسلين وأشرف الخلق أجمعين.. فما بالكم بالحج الركن الخامس للإسلام وهو فرض عين علي كل مسلم قادر، لقول الله تعالي:«ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين»، والحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة فقط، تبدأ مناسك الحج في شهر ذي الحجة بأن يقوم الحاج بالإحرام من مواقيت الحج المحددة، ثم التوجه إلي مكة لعمل طواف القدوم، ثم التوجه إلي مني لقضاء يوم التروية ثم التوجه إلي عرفة لقضاء يوم عرفة، بعد ذلك يرمي الحاج الجمرات في جمرة العقبة الكبري، ويعود الحاج إلي مكة لعمل طواف الإفاضة، ثم يعود إلي مني لقضاء أيام التشريق، ويعود الحاج مرة أخري إلي مكة لعمل طواف الوداع ومغادرة الأماكن المقدسة.. الحج طقس ديني موجود من قبل الإسلام، إذ يعتقد المسلمون أنه شعيرة فرضها الله علي أمم سابقة مثل الحنيفية أتباع ملة النبي إبراهيم، يقول الله تعالي:«وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق»، فكان الناس يؤدونها أيام النبي إبراهيم ومن بعده، لكنهم خالفوا بعض مناسك الحج وابتدعوا فيها، وذلك حين ظهرت الوثنية وعبادة الأصنام في الجزيرة العربية علي يد عمرو بن لحي. وقد قام النبي بالحج مرة واحدة فقط هي حجة الوداع في عام 11ه، وفيها قام النبي بعمل مناسك الحج الصحيحة، وقال: «خذوا عني مناسككم»، كما ألقي النبي خطبته الشهيرة التي أتم فيها قواعد وأساسات الدين الإسلامي.. وفرض الحج في السنة التاسعة للهجرة، ويجب علي المسلم أن يحج مرة واحدة في عمره، فإذا حج المسلم بعد ذلك مرة أو مرات كان ذلك تطوعا منه، فقد روي أبوهريرة أن النبي محمد قال: «ياأيها الناس، قد فرض عليكم الحج فحجوا»، فقال رجل من الصحابة : أيجب الحج علينا كل عام مرة يارسول الله؟ فسكت النبي، فأعاد الرجل سؤاله مرتين، فقال النبي: لو قلت نعم لوجبت، وما استطعتم»، ثم قال: ذروني ما تركتكم. شروط الحج خمسة،الشرط الأول: الإسلام بمعني أنه لا يجوز لغير المسلمين أداء مناسك الحج الشرط الثاني العقل فلا حج علي مجنون حتي يشفي من مرضه. الشرط الثالث البلوغ فلا يجب الحج علي الصبي حتي يحتلم. الشرط الرابع الحرية فلا يجب الحج علي المملوك حتي يعتق. أما الشرط الخامس الاستطاعة بمعني أن الحج يجب علي كل شخص مسلم قادر ومستطيع.. ووردت عن النبي محمد العديد من الأحاديث النبوية التي تتحدث عن فضل أداء مناسك الحج وعن الثواب الذي يجنيه المسلم جراء أداء هذا الركن من أركان الإسلام، ومن أبرز هذه الأحاديث: ما ورد في سنن الترمذي عن عبدالله بن مسعود أنه قال: إن رسول الله قال: تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة وما ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة أنه قال:«إن رسول الله سئل أي العمل أفضل؟ فقال: إيمان بالله ورسوله قيل : ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور». وما ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة أنه قال: سمعت رسول الله يقول:«من حج، فلم يرفث ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه». وما ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة أنه قال: إن رسول الله قال:«العمرة إلي العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة». وما ورد في سنن النسائي عن أبي هريرة أنه قال: إن رسول الله قال: «جهاد الكبير والضعيف والمرأة: الحج والعمرة». وما ورد في صحيح البخاري عن عائشة أنها قالت: قلت لرسول الله «يارسول الله، نري الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: لكن أفضل من الجهاد حج مبرور». وما ورد في صحيح مسلم عن عائشة أنها قالت: أن رسول الله قال:«ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة». ينقسم الحج من حيث طبيعة المناسك وموطن الحاج إلي حج التمتع: ويعني أن الحاج ينوي أولا أداء العمرة وذلك في الأيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، ثم يحرم بها من الميقات، ويقول:«لبيك بعمرة»، ويتوجه الحاج بعد ذلك إلي مكة ويتم مناسك العمرة من الطواف والسعي والتقصير، ثم يتحلل من الإحرام، ويحل له كل شيء حتي النساء، ويظل كذلك إلي يوم الثامن من ذي الحجة فيحرم بالحج ويؤدي مناسكه من الوقوف بعرفة وطواف الإفاضة، والسعي وسواه، فيكون قد أدي مناسك العمرة كاملة ثم أتبعها بمناسك الحج كاملة أيضا. ويعد حج التمتع أفضل أنواع الحج عند الحنابلة، ويشترط لصحة التمتع أن يجمع بين العمرة والحج في سفر واحد، وفي أشهر الحج، وفي عام واحد. وحج القران: ويعني أن ينوي الحاج عند الإحرام الحج والعمرة معا فيقول: «لبيك بحج وعمرة»، ثم يتوجه إلي مكة ويطوف طواف القدوم، ويبقي محرما إلي أن يحين موعد مناسك الحج، فيؤديها كاملة من الوقوف بعرفة، ورمي جمرة العقبة، وسائر المناسك، وليس علي الحاج أن يطوف ويسعي مرة أخري للعمرة بل يكفيه طواف الحج وسعيه، وذلك لما ورد في صحيح مسلم أن رسول الله قال لعائشة.. طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك ويعد حج القران أفضل أنواع الحج عند الأحناف ثم هناك حج الإفراد وهو أن ينوي الحاج عند الإحرام الحج فقط ويقول «لبيك بحج» ثم يتوجه إلي مكة ويطوف طواف القدوم ويبقي محرما إلي وقت الحج فيؤدي مناسكه من الوقوف بعرفة والوقوف بالمزدلفة ورمي جمرة العقبة وسائر المناسك حتي إذا انتهي منها بالتحلل الثاني خرج من مكة وأحرم مرة أخري بنية العمرة - ان شاء الله - وأدي مناسكها.. والأفراد أفضل أنواع النسك عند الشافعية والمالكية لأن حجة الرسول عندهم كانت بالإفراد.. عموما أنا لست فقيها في أمور الدين ولست استاذا في العقيدة والشريعة ولكن بقدر علمي ويقيني أسعد عندما تشاء إرادة الله أن أذهب إلي الحج لأداء المناسك خصوصا أنني أحرص في كل زيارة للكعبة بالدعاء إلي الخالق الواحد بألا يحرمني من زيارة المدينة والرسول ومكة حيث الكعبة الشريفة والتي نطوف حولها فتشعر بداخلك بالإيمان والبهجة والفرحة والسرور فما بالكم ونحن في موسم الحج الآن حيث الملايين الذين جاءوا من كل فج عميق لأداء الفريضة تطبيقا لشرع الله الذي لا نحمد سواه.