«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يكتبها: طارق الشناوي
حكايات فنية


الاستثمار السياسي لمباراة كرة قدم
إهانة انتصار أكتوبر تحت أقدام «عمرو » و «عماد»!
من الذي يتحمل مسئولية ما حدث.. لا تعنيني نتيجة المباراة ولكن هذا الشحن الذي أراه متجاوزا كل منطق.. كيف هان علينا انتصار أكتوبر ليصبح مجرد كرة تدخل مرمي الخصم.. أتابع ما يجري عبر الفضائيات وأري هذا الشحن غير المسبوق لعبت القيادات السياسية في مصر والجزائر دوراً في تأججه والناس معذورة عندما تتصور أن انتصارنا علي الجزائر هو بمثابة انتصار علي إسرائيل!
وهم أيضاً معذورون في الجزائر لو تصوروا أن انتصارهم الكروي علي مصر يتساوي مع تحريرهم لبلادهم من فرنسا بعد أن ضحوا بمليون ونصف المليون شهيد في حرب التحرير.. كلنا نعرف أن بعض الجزائريين علي الجانب الآخر لم يدخروا جهداً في ترويع المصريين هناك.. نعم بعض الجرائد والفضائيات علي الجانبين لعبت دوراً سلبياً الكل كان يعتقد أنه طالما أن القيادات السياسية في البلدين تلعب دوراً محورياً في زيادة مساحات التعصب فإن علي كل المنظومة السياسية أن تلعب دورها.. لا أعتقد أن وزير الإعلام "أنس الفقي" كان من الممكن أن يسمح بتلك الأغنيات التي استبدلت نصر أكتوبر بانتصارنا في المباراة الأولي علي الجزائر مثل "علي الربابة بغني" و "يا حبايب مصر" و "ماتقولش ايه ادينا مصر" التي تعودنا أن نشاهد في الصور المصاحبة لها مشاهد لجنودنا وهم يعبرون القناة ويرفعون العلم علي سيناء.. لا أتصور أن وزير الإعلام كان سيوافق علي كل ذلك لو لم يكن واثقاً أن القيادة السياسية تؤيد هذا الاتجاه بل وتطلبه وكالعادة فإن الناس علي دين رؤسائهم كل ما يجري علي أرض الواقع مما تراه الآن هو نتيجة مباشرة لإرادة سياسية تري في انتصارنا الكروي تأكيداً علي شرعيتها الدستورية وربما لهذا السبب وكالعادة من أجل توصيل رسالة للقيادة السياسية أنهم علي الخط ولهذا شارك عدد كبير من الفنانين في تلك "الزفة".. ما الذي فعله الفنانون سرب طائرات تخرج من القاهرة إلي الخرطوم يقابله سرب طيران آخر من الجزائر للخرطوم.. لتحط كل الطائرات ربما في نفس اللحظة علي أرض السودان تعليمات مشددة من السلطات السياسية في البلدين لكل من السفارتين بتوفير الخدمات لكل رعايا البلد.. عدد من الفنانين وكبار الإعلاميين سافر لمؤازرة الفريق المصري.. أسماء عديدة لفنانين لم أر لهم أي تواجد في العديد من الملمات التي عاشتها الأمة كم فنان مثلاً سافر إلي موقع الحدث عندما حدث حريق مسرح بني سويف في قصر الثقافة.. كم فنان شاهدناه في حادث القطار الأخير وذهب إلي أهالي الضحايا الأبرياء أو اتجه للمستشفي بالطبع فإن عدداً من الفنانين يذهب إلي الخرطوم وكأنه مغمض العينين لا يري شيئا سوي ضرورة مؤازرة الفريق المصري في واقعة أم درمان وتأكيد الولاء في نفس الوقت للقيادة السياسية ألمح من بين الأسماء عدداً آخر كان يحركهم هدف التواجد في الزحام.. لو راجعت أسماء كل الفنانين ستتأكد أن البعض بالفعل أراد ألا يفوته الزحام ووجد أن مقدمة الكادر تستحق أن يتواجد فيها من خلال تلك الصورة.. الدولة لعبت دوراً كسلطة سياسية فيما نعيشه الآن ولكن ما يعنينا الآن هو ما بعد المباراة سيظل السؤال كيف يعود الناس مرة أخري إلي صوابهم المفقود كيف تتوقف تلك الحملات والنعرات.. من الذي يضمد الآهانات الغائرة ويعيد إلي انتصار أكتوبر المجيد ما يستحقه من توقير.. هل كل هؤلاء يحبون حقيقة مصر وإذا كانوا كذلك فهل هانت عليهم مصر عندما صار هدف "عمرو زكي" هو بمثابة عبور سيناء و "الحضري" يساوي السد العالي و "حسن شحاتة" هو زعيم مصر الذي لا قبله ولا بعده زعيم!!
*******
الإساءة لسمعة البلد اتهام يلاحق الفنان العربي
من «القاهرة» إلي «الدار البيضاء» كلنا في الهم شرق!
· هل فضح سلبيات يعيشها مجتمع ما تعني نشر غسيلنا القذر أمام الأجانب كما يحلو للبعض أن يتشدق بمثل هذه العبارات؟
· المخرج حرص من خلال لقطاته علي أن يقدم لنا هذا العشق الذي يعيشه أبطاله لتلك المدينة برغم احتجاجهم عليها وتمردهم علي ما يجري داخل أجوائها
شاهدت الفيلم المغربي "كازانيجرا" ثلاث مرات.. الثالثة في القاهرة حيث عرض خارج التسابق الرسمي.. الثانية في مهرجان دمشق السينمائي الدولي وحصل الفيلم علي الجائزة البرونزية من المهرجان في دورته السابعة عشر أما المشاهدة الأولي فلقد كانت في مهرجان "دبي" وكان من نصيبه جائزة أفضل تمثيل.. وبرغم كل هذه الجوائز فإن الاتهامات لا تزال تلاحق هذا الفيلم المغربي تتابعه وتترصده من مهرجان إلي مهرجان لتؤكد أننا كلنا في الهم شرق.. حتي ولو كنا في المغرب العربي فإننا أيضاً شرق!!
ما أحدثكم عنه هو هذا الاتهام الذي صار أشبه بالظل للصورة والصدي للصوت لابد منه ومع الأسف الشديد أقول لكم إنه قد صار لابد منه.. أتحدث عن الاتهام بالإساءة لسمعة البلد الذي تجري علي أرضه أحداث الفيلم.
كثيرة هي الأفلام التي لاحقها هذا الاتهام في مصر سواء أنتجها مصريون أم عرب.. أتذكر أن عدداً من أفلام ما أطلقنا عليه الواقعية الجديدة في مصر وأعني بها أفلام المخرج الراحل "عاطف الطيب" وأيضاً كل من "محمد خان" ، "خيري بشارة" ، "داود عبد السيد" طالهم هذا الاتهام.. وسبقهم إليه الراحل "صلاح أبو سيف" الذي كان يعتبر رائداً للواقعية لم يسلم هو أيضاً من هذا الاتهام حيث كانت أغلب الأفلام قبل "أبو سيف" تقدم البطل وهو يشرب السيجار ويتحدث وهو يمسك سماعة التليفون الأبيض ومع "أبو سيف" شاهدنا "الأسطي حسن" و"القاهرة 30" و "شباب امرأة".. فهل حقاً من الممكن أن يسيء فيلم للبلد وأضيف أيضاً هذا السؤال هل فضح سلبيات يعيشها مجتمع ما تعني نشر غسيلنا القذر أمام الأجانب كما يحلو للبعض أن يتشدق بمثل هذه العبارات؟
دعونا قبل أن نكمل أن نتناول الفيلم الذي أثار بداخلي كل هذه الشجون "كازانيجرا" للمخرج "نور الدين لخماري".. الفيلم تجد فيه هذا التآلف بين السيناريو والإخراج نوع من الإحساس يجعلك تشعر بأن الكاتب كان يقرأ فيلمه مصوراً قبل أن يكتبه علي الورق فأصبحنا وكأننا نتابع دفقة إبداعية واحدة.. الاسم يحمل سخرية لاذعة ومقصودة بالطبع بقدر مباشر جداً وأنا أراها كذلك ولكن هذا هو اختيار المخرج ليقدم لنا تلك الحالة الخاصة جداً لفيلمه الذي هو يحيل "كازابلانكا" الدار البيضاء لتصبح داراً سوداء.. يقدم الفيلم المدينة كما تبدو علي السطح هادئة ناعمة.. تحت هذه النعومة والسكون والدفء تخفي التوحش والقبح حيث إن تجارة المخدرات والاغتصاب والقتل والدعارة تتحول إلي قانون للحياة ولا تعرف قانونا غيره، التناقض بين النهار والليل، بين قانون الدولة وقانون رجال العصابات الذين يملكون مقاليد الحكم في الليل وينسج المخرج كل ذلك من خلال تيمة إنسانية عن الصداقة التي تجمع بين بطلي الفيلم حيث اختار المخرج شخصياته من بين هؤلاء الذين يعيشون علي أرض الواقع وأحال واقعية الحياة إلي واقع فني.. لم يمر هذا الفيلم بسهولة في المغرب خاصة وأن الدولة من خلال المركز السينمائي المغربي ساهمت في إنتاجه وكان قد سبق لي أن شاهدته أيضا في مهرجان دبي في الدورة الأخيرة وتعالت الأصوات في المغرب لتؤكد أن المخرج يسيء إلي سمعتها إلا أنه كما يبدو انتصر الصوت الآخر الأكثر عقلانية، وهكذا وجد الفيلم طريقه إلي أكثر من مهرجان.. شخصيات الفيلم أخذها المخرج من واقع الحياة كما عايشها في تلك المدينة الساحرة التي تراها نهاراً علي حال وليلاً وهي ترتدي ثوباً آخر شخصيات الفيلم الرئيسية تتعايش مع الحياة وتحاول أيضاً مع هذا التعايش مع الواقع أن تملك روح التمرد لتغيير هذا الواقع.. الصديقان كريم الذي أدي دوره "أنس الباز" و "عادل" أدي دوره عمر لطفي كل منهما يكسب رزقه بطرق غير مشروعة تحمل في عمقها تحايلاً علي الواقع.. لكننا في نفس الوقت نتعاطف كمشاهدين مع تلك الممارسات ونراها تستند إلي واقع فرض علي أبطال الفيلم.
"كريم" يقوم بتوظيف عدد من الأطفال الهائمين علي وجوههم في الشوارع لكي يبيعون السجائر ويحصل هو علي المقابل بينما صديقه "عادل" يقرر شراء عقد عمل والحصول علي فيزا لكي يسافر إلي سويسرا وهو يجسد أحلام الهجرة التي يعيشها الكثير من الشباب في عالمنا العربي كل منهم يعتقد بأن كل أحلامه ستتحقق في حالة واحدة فقط عندما يهاجر خارج حدود بلاده وكأن البلد صار طارداً لطاقات شبابه.. يغلب علي مشاهد الفيلم قدر من السخرية اللاذعة حتي رجل العصابة الكبير نراه يحمل كل التناقضات فهو الأب الروحي المهيمن علي مقدرات الجميع وفي نفس الوقت هو أيضاً المنتقم الجبار الذي يتحكم في كل تفاصيل الحياة.. يستند الفيلم إلي رؤية اجتماعية حيث نري كلاً من الصديقين في حياتهما الاجتماعية المحطمة وذلك لكي يقدم لنا كمشاهدين مبرراً لكل ما سوف يتجسد أمامنا بعد ذلك من إحباط وهزائم يعيشها الطرفان.. لا ينسي الفيلم رغم قتامة الأحداث أن يضع شخصياته خاصة الممثل "محمد بن إبراهيم" في إطار كوميدي ضاحك حتي اللقطة الأخيرة ونحن نراه وهو يداعب كلبه الصغير مشفقاً عليه رغم أن طلقات الرصاص تحاصره من كل جانب!!
المخرج حرص من خلال لقطاته علي أن يقدم لنا هذا العشق الذي يعيشه أبطاله لتلك المدينة برغم احتجاجهم عليها وتمردهم علي ما يجري داخل أجوائها عندما يصعد البطلان إلي إحدي البنايات العالية نري في العمق تلك التفاصيل من خلال عين مدير التصوير "لوكا كواسين".. أيضاً كانت الموسيقي التي نسجها "ريتشارد هورفيتش" تؤكد باقتدار عمق الإحساس المرئي من خلال شريط الصوت.. استعان المخرج بعدد من أطفال الشوارع الحقيقيين لكي يؤدوا أدوارهم علي الشاشة وهي بالمناسبة لم تكن المرة الأولي وعلي المستوي المغربي أو العربي المخرج المصري "خالد يوسف" مثلاً قدمها في فيلمه "حين ميسرة" وقبل نحو 60 عاماً قدم "عاطف سالم" في "جعلوني مجرماً" أطفالاً أيضاً من الشوارع.. "نبيل عيوش" المخرج المغربي استعان بأطفال الشوارع في فيلم "علي زاوا" أخرجه قبل نحو 12 عاماً.
علي عكس ما يعتقد البعض فإن الاستعانة بالأطفال أمام الكاميرا مشكلة ومأزق حاد جداً لأن المخرج عليه أولاً أن يحافظ علي تلقائية الطفل ثم يدربه علي أسلوب التعامل السينمائي وهذا هو اصعب دور يؤديه المخرج وهو يلقن هذا الطفل قواعد الوقوف أمام الكاميرا ثم عليه أن يجعله أيضاً ينسي أنه يقف أمام الكاميرا أي يحافظ علي فطريته وفي نفس الوقت يدرك طبيعة الكاميرا في النظرة والحركة لأن كل شيء ينبغي أن يتم حسابه بدقة حتي لحظات الانفلات الطبيعية يستطيع المخرج المحترف توظيفها جيداً وأتصور من خلال مشاهدتي لهذا الفيلم أن المخرج أجاد تماماً توظيف ممثليه، وبات حتي المحترفين منهم يتمتعون في الأداء بروح الهواية لنجد أنفسنا أمام هارمونية واحدة!!
كان المشهد الأخير في اسطبل الخيل وتلك الحالة من الهمجية والوحشية التي نري الحصان داخل الاسطبل ثم هروبه ومحاولتهم المستحيلة إيقافه خارج حدود السيطرة وكأنها تحمل في مدلولها إحساساً موازياً أيضاً بنفس الحالة التي عليها بطلي الفيلم في مواجهة زعيم العصابة الكبير "محمد بن إبراهيم" والذي أراه من حقه أن يحصل علي جائزة أفضل ممثل.
ويبقي الحوار متصلاً حول الاتهام الذي لاحق صناع الفيلم وتحديداً الإساءة للسمعة التي طالت هذا الفيلم وحقيقة علينا أن نفكر بصوت مسموع من هو الذي يسيء للسمعة هل السلبيات التي نراها في حياتنا ونسكت عنها أم أن مواجهة السلبيات هي أكثر الأسلحة قدرة علي مواجهتها.. أعتقد أن المخرج المغربي "نور الدين لخماري" قرر أن يواجه الفساد وسيطرة العنف علي تلك المدينة مؤكداً أن العشوائيات تفرض قانونها الخاص حيث نراه أمامنا في حالة توحش خاصة عندما يغيب القانون وعلينا أن ندرك أن هذا هو الطريق الوحيد لفضح تلك الممارسات، ومع الزمن سوف تصمت تلك الأصوات التي نسمعها وهي تردد الإساءة للسمعة سواء كنا في القاهرة أم في الدار البيضاء أم أي مدينة عربية أخري!!
********
قبل الفاصل
في كل مهرجانات الدنيا هناك دائماً هامش من الأخطاء وهي الحقيقة التي يعرفها كل من سافر إلي المهرجانات سواء كانت كبيرة أم صغيرة.. مثلاً في مهرجان "كان" الذي أواظب علي حضوره 18 دورة متتالية أستطيع أن أذكر لكم أنه في كل دورة لديهم خطأ ما خطأ واحد غالباً صغير يظلون يعتذرون عنه طوال أيام المهرجان.. مثلاً قد يتم في اللحظات الأخيرة استبدال فيلم بآخر أو تغيير برمجة فيلم أو يتأخر عن العرض بضع دقائق أو نسخة لأحد الأفلام عرضت وعليها ترجمة للفرنسية رغم أن القاعة مخصصة لعرض الأفلام وعليها ترجمة بالإنجليزية.. لم يستغرق الأمر سوي 20 دقيقة وتم اكتشاف الخطأ وإصلاحه أما الاعتذار فإن الجميع لا يتوقفون عن الاعتذار.. في مهرجان "القاهرة" هذه الدورة نري أن الأخطاء قد تعددت أكثر مما هو ممكن وتعدت أيضاً حدود المسموح.. كل يوم أتلقي علي الموبايل رسالة من المهرجان عن تغيير لموعد عرض فيلم أو عدم عرض النسخة أساساً أو إلغاء ندوة أو تغيير في جداول العروض.. ليس خطأ واحداً في اليوم ولكن ثلاثة أو أربعة أخطاء تتلاحق علي المهرجان وتتكرر يومياً.. مثلاً فيلم عمر الشريف "نسيت أن أقول لك" وهو فيلم فرنسي كان من المفترض عرضه بالمسابقة الرسمية ولكن خلافا بين المنتج والموزع حال دون ذلك.. كان الخلاف معلناً بين الطرفين وعلي هذا كان ينبغي ألا تتورط إدارة المهرجان في الإعلان عن عرض الفيلم حتي لا تضطر بعد ذلك للاعتذار عن عدم عرض الفيلم.. وبالمناسبة استطاعت "لطيفة فهمي" المسئولة السينمائية عن المركز الثقافي الفرنسي أن تعرض النسخة ولكن في نفس توقيت مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر بالخرطوم وهكذا حرم أغلب المصريين من مشاهدة هذا الفيلم الذي قال لي عنه "عمر الشريف" إنه شديد الحماس له ويراه واحداً من أفضل أدواره و "عمر الشريف" واحد من الفنانين القلائل غير المصابين بما يعرف بالنرجسية بل إنه علي العكس لا يتحمس لأعماله الفنية ولديه ملاحظات يعلنها دائماً مثلما حدث في آخر فيلمين له "حسن ومرقص" و "المسافر" بل أن إدارة المهرجان أعلنت عن عرض المسافر وهو من انتاج وزارة الثقافة وبعد ذلك وكالعادة اعتذرت لعدم توفر النسخة.. هل لم تستشعر إدارة المهرجان فداحة تكرار هذه الأخطاء.. كذلك افتقد المهرجان روح الاكتشاف كل مهرجانات الدنيا تحرص علي أن يكون لها السبق في عرض أفلام لأول مرة وهذا مع الأسف لم يحدث إلا قليلاً أغلب الأفلام سبق وأن شاهدناها في العديد من المهرجانات الأخري حتي المهرجانات الوليدة كان لها السبق في عرض عدداً منها.. أكثر من ذلك يعرض المهرجان في الختام فيلم "اميليا" بطولة "ريتشارد جير" و "هيلاري سوانك" والفيلم أمريكي ورغم ذلك اعتبرته إدارة المهرجان فيلماً هنديا ووضعته ضمن قائمة الأفلام الهندية وكل علاقته بالهند أن مخرجته "ميراناير" تحمل الجنسية الهندية.. والغريب أن هذا الفيلم عرض في افتتاح مهرجان الدوحة قبل ثلاثة أسابيع فقط أي أن دولة قطر احتفت به قبل مصر فلماذا يحرص مهرجان القاهرة علي أن يحتفل به مجدداً برغم أن الفيلم متوسط المستوي الفني!!
ما هي الدوافع وراء كل هذه الأخطاء.. هل هو الاستسهال أم أنه الكسل أم أن هناك أسباباً أخري؟!
tarekelshinnawi @yahoo.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.