تعجبت من إصدار رئيس الوزراء د.نظيف قراره الوزاري رقم 2157 لسنة 2009 باعتبار مسرح الأزبكية «المسرح القومي» ضمن الآثار الإسلامية والقبطية، وكانت مذكرة لوزير الثقافة فاروق حسني قد أشارت لرئيس الوزراء إلي أن تشييد هذا المسرح يرجع إلي عام 1920 في عهد الملك فؤاد، وأشرف علي تنفيذه المهندس الإيطالي «فيوتشي».. مدير عام المباني السلطانية وقتها، ولايجوز طبقا للقرار الوزاري إدخال أي تعديلات علي مباني ومكونات المسرح!! والقرار كما نراه قد صدر وكأنه لايعني إدراج المسرح ضمن الآثار الإسلامية والقبطية فقط وهو يستحق ذلك، بل وعدم جواز إدخال أي تعديلات عليه أو مكوناته! فكأن رئيس الوزراء لم يعلم وهو يصدر القرار أنه قد أدرج أثرا لم يعد له ولم يبق منه أي شيء من أصل مبناه بعمارته الخارجية، ولا معماره الداخلي كما وضع بصمته المهندس الإيطالي! فلم يذكر أحد في وزارة الثقافة لرئيس الوزراء أن هذا المسرح قد تعرض لمحن قاسية جعلت مه أثرا بعد عين! وأصبح المبني الماثل الآن في حديقة الأزبكية لايمت بصلة إلي المسرح الذي أنشئ عام 1920! أما أقدم محنة تعرض لها هذا المبني علي أيدي بعض العاملين بوزارة الثقافة في قطاعاتها المسرحية فقد وقعت في مبني المسرح عندما أطلقت أيدي هؤلاء الموظفين العابثين من الكبار والصغار من عام 1982 وحتي عام 1983 علي عهد وزير الثقافة الراحل محمد عبدالحميد رضوان! وكان لفرط طيب نواياه قد صدق أن هؤلاء الموظفين سينهضون بتطوير وتجديد شامل لمسرح الأزبكية فوافق علي ما أبدوه من رغبة في ذلك! وكان كاتب هذه السطور علي صلة حميمة قديمة بهذا المسرح منذ الستينيات من القرن الماضي، وكان المسرح في حاجة إلي كثير من التجديدات والترميمات الجادة التي لاتعبث بالأثر ولا أصل خلقته المعمارية من خارجه وداخله، ولكن الذي حدث عصف بهذه القاعدة الأساسية في تجديد وتطوير وترميم مثل هذه الآثار حتي إن شلة الموظفين قد بادرت إلي «تجديداتها وتطويرها وترميماتها» دون أن تكون لديها خطة للأعمال الهندسية المطلوبة! مماحدا بكاتب هذه السطور الي شن حملة ضارية في جريدة «الشعب» لسان حزب العمل وقتذاك! وقد تتابعت موضوعات هذه الحملة تحت عنوان «هل يعلم وزير الثقافة ماذا يجري في مسرح الأزبكية؟! وكان هذا هوالعنوان الثابت لموضوعات الحملة، وقد أطلقت الحملة الوزارة والدوائر الثقافية والفنية بالإضافة إلي الرأي العام الذي راح يتابع ما ينشر، واستمرت الحملة حتي انفجرت أحداثها بضبط الرقابة الإدارية قضية رشوة شهيرة في العملية! واحالتها إلي النيابات المختصة! كما أبعد عدد لا بأس به من كبار رجالات وزارة الثقافة التي كانت ملهوفة علي افتتاح المسرح بعد تطويره! بأي ثمن! وهو ماحدث بالفعل في عام 1983! وصدر كتاب تذكاري بهذه المناسبة لم يتعرض لما جري للمسرح! وكيف أن التقارير الهندسية لشركة «المقاولون العرب» و«مركز إحياء تراث العمارة الإسلامية» ود.عبدالفتاح الفقي صدرت بعد افتتاح المسرح، هذا الافتتاح المتعجل الذي تستر علي مخاز وفضائح تناولت في تقارير مطولة ما جري لمسرح الأزبكية! والذي أصبح بعدما لحق به من العبث والنهب والتخريب باسم الإصلاح مجرد لافتة مكتوبة! وفيما بعد تعرض المسرح لحريقين هائلين كان آخرهما في 28 سبتمبر من عام 2008! وقد وعدوا بإصلاح المسرح ليكون جاهزاً في سبتمبر الحالي لعروض مهرجان المسرح التجريبي! الأمر الذي لانظن أنه ممكن حتي الآن علي الأقل! ومن الغريب أن الأوراق التي حفلت بمآسي مسرح الأزبكية مازالت في حوزة قطاع البيوت الفنية والبيت الفني للمسرح ووزارة الثقافة بالطبع! كماأن هذه الأوراق في حوزة شخصنا المتواضع! لكن أحدا لم يطلع رئيس الوزراء قبل إصداره قراره حتي يطالب ويأمر بإعادة الشيء إلي أصله.. القاعدة الأساسية في علاج الآثار وترميماتها! ولا نظن أن قرار رئيس الوزراء سينفع مسرح الأزبكية في قليل أو كثير! لأننا سنجد أنفسنا نسأل: أين مسرح الأزبكية الذي اعتبرناه أثرا ولم يبق من الأثر شيء!