أصابت الفتوى الأخيرة لمجمع البحوث الإسلامية بعدم مشروعية قانون الصكوك الإسلامية، التيار الإسلامى بحيرة شديدة خاصة أنهم اعتقدوا أنهم سيفرضون على الدستور نطاق اقتصادى ذا صفة إسلامية وكانت حالة الاعتراض الشديدة على قانون الصكوك الذى قدمته وزارة المالية إلى مجلس الوزراء بأنه لا يحمل الصفة الإسلامية، وقال اقتصاديون بالأحزاب السياسية أن وزارة المالية لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه بينهم وخاصة اللجنة الاقتصادية لكل من حزبى النور والحرية والعدالة، وأن المشروع الذى عرضته الوزارة على مجلس الوزراء لم يكن المتفق عليه، وإنما كان استحضارا لمشروع الصكوك السيادية التى اقترحها الوزير محمود محيى الدين وزير الاستثمار أمام مبارك، والتى هى من أدوات الاستثمار وكانت وزارة المالية قدمت قانونا للصكوك السيادية فقط دون الصكوك الخاصة بالقطاع الخاص أو المختلطة وهو ما خالف الاتفاق بشأن قانون شامل تمت مناقشة تعديلاته مع اللجان الاقتصادية بحزب النور والحرية والعدالة والوسط والأزهر الشريف، وفى هذا السياق أكد أشرف الشرقاوى رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية اعتراضه على التسمية وقال الصك لا يتكلم ويقول لا إله إلا الله، ويجب الابتعاد عن هذه المسميات الدينية فى التعامل مع الأسواق المالية، ورفض تسمية الصندوق الاستثمارى الإسلامى حتى لا نجد غدا مسمى آخر يطلق عليه صندوق الاستثمار البوذى أو المجوسى، وقال كل ما أريده هو ما يتفق مع الشريعة الإسلامية دون مسميات، وأضاف أن من يستثمر فى الصكوك من أجل العائد وليس لدخول الجنة، وأعرب عن تخوفه من وضع ديانة للمنتج المالى خوفا من فشله فينسب الفشل للدين، وأكد أن نجاح الموضوع مرهون بالانضباط الفنى الحقيقى وقراءة واضحة للمشهد الاقتصادى العالمى دون الركون إلى خصوصية التجربة حتى لا نفشل من جديد ونكون أمام أزمة جديدة من أزماتنا الاقتصادية. وأضاف أحمد غنيم الخبير الاقتصادى: إنها صكوك وطريقة تمويل تجذب من يهتم بالضوابط الشرعية وهى مرتبطة أساسا بالسوق تنام إذا نام وأخذت بها الكثير من الدول مثل السعودية وماليزيا ولكن بعد إصلاح المنظومة الاقتصادية الأولية لأن الأمر مرتبط دائما بالبنية الاقتصادية وأن تعجل الإسلاميين فى هذا الشأن يثير المخاوف خاصة أنهم لا يريدون إلا ملء الفراغ الدستورى بالشكل الاقتصادى المبهم فى الدستور المصرى وإن مشروع الصكوك الذى عرضته من قبل حكومة نظيف لا يختلف كثيرا عن هذا المشروع وفى ذلك الوقت تعذر قبوله فى الشارع المصرى الذى يخاف دائما وبشكل فطرى من التجارب غير المدروسة دراسة واعية متأنية، وبالتالى سوف نجد حالة من الصراع على هذه النوع من الصكوك ويجب دراسة الوضع الاقتصادى المصرى بعيدا عن التهوين والتهويل حتى نصل إلى شبه إجماع وطنى من خبراء اقتصاديين من جميع التيارات حتى نصل إلى حل وسط دون اللف والدوران الذى نعيش فيه الآن وحول الصكوك الإسلامية أضاف د.أحمد السيد النجار الخبير الاقتصادى بالأهرام إنه لا فروق شكلية ولا لفظية مع الأسهم العادية والاكتتاب فى البورصة وأنها تشبه صناديق الاستثمار عالية المخاطر فى البنوك الغربية، وكشف النجار أن أموال المصريين بالخارج والتى ارتفعت فى العامين الأخيرين من حكم مبارك إلى 18 مليار دولار حتى بداية 2012 هى التى أنقذت مصر من تآكل الاحتياطى النقدى، وأشار إلى أن الثورة المضادة والأغلبية التى سيطرت على مقاليد الحكم ليس لها علاقة بالعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، هما السبب فى الأزمة الاقتصادية المصرية وتفاقمها وانتقد النجار عدم استغلال مرسى سلطة التشريع التى كانت فى قبضته من أجل إصلاح قانون الموزانة العامة رافضا ما سماه الدعاية السمجة والتى تتردد بأن حكومة هشام قنديل ليست حكومة مرسى أو الإخوان قائلا هى حكومتهم ولم تأت بها كائنات من المريخ وشدد على أن الضرائب الجديدة التى سوف تفرضها حكومة قنديل تخاصم العدالة الاجتماعية ولن تسد عجز الموزانة وسوف يحصل المواطن المصرى بموجبها بسعر أعلى على الغاز الذى يعطى للمواطن الإسرائيلى والاسبانى بأقل مما يعطى به للمواطن المصرى واصفا النظام الضريبى فى مصر بأنه الأسوأ بالعالم، وأن الصكوك ما هى إلا أحد الأساليب غير المدروسة التى سوف تدخل فيها الحكومة وخاصة بعد تعارض فتوى مجمع البحوث الإسلامية على هذه الصكوك واصفة إياها بأنها بيع لمصر، وأكد أن استمرار سياسات التحيز للأغنياء والرأسمالية فى عهد مرسى حيث تذهب 20 مليار جنيه فقط من الدعم للفقراء و97 مليار جنيه تذهب للأثرياء فى دعم الطاقة وغيرها، مشددا على أن توزيع الدعم بشكل عادل سوف يجلب عشرات المليارات من الجنيهات، لحل مشاكل التعليم والصحة والبطالة، وأضاف أن الديون زادت خلال الستة أشهر الأولى لحكم مرسى أى أنها سوف تتجاوز فى خلال الأربع سنوات من حكمه، ديون مبارك فى الثلاثين عاما وهذا يدل على عدم وجود تخطيط ولا مشروع اقتصادى واضح وإنما هو حالة من التخبط واللخبطة وهذا ما سوف يؤثر على الأيام القادمة فى حياة المصريين والتى سوف يعانى المصريون الكثير منها. وإذا استمرت السياسة النقدية المصرية بهذا الشكل فإن الأمر سوف ينذر بكارثة وثورة جياع خاصة أن الحكومة تماثل حكومات مبارك فى اهتمامها الشديد بطبقة الأغنياء والأثرياء بعيدا عن حاجات الفقراء وهذه السياسة سوف تصنع رجالا وحاشية وسوف تضخم أموالها بعيدا عن الشعب وهى الطبقة القريبة من السلطة والتى بدأت الآن فى السير بنفس الطريقة التى كان يسير عليها نظام مبارك وهذا يؤكد الحقيقة الاقتصادية التى تقول ويلا للفقراء.. وأضاف إسماعيل حسن رئيس البنك المركزى سابقا مؤكدا أن حالة اللغط التى تثار حول الصكوك وعدم الرد الواضح من المتخصصين فى هذا الشأن تؤكد أن هناك حالة من القفز على الوضع الاقتصادى المصرى من التيار الإسلامى والذى يرى أن إحلال نوع اقتصاد يفرض على الدستور الجديد والخالى من أى نوع من الاقتصاد نسير عليه ولكن المعاملات تتحدد وفق الأداء والصك معناه سنداً يعنى مديونية والصكوك عموما وفيها تم عدم تحديد الفائدة بشكل مسبق وفق الأداء أو وفق الأرباح أو الاثنين معمول بهم فى مصر وليست بدعة جديدة يطرحها علينا الإسلاميون بجانب عينى أو عين المرابحة أو الشراكة وهذا يتوقف على نوع الأداء الاقتصادى وشكل الاستثمار وهكذا صيغت الصكوك بطريقة محترمة تساعد على إقبال الجماهير، فتكون مرابحة وإذا لم تقبل عليها الناس فسوف تكون الخسارة كما أنها تساعد على زيادة الإنتاج ولكن فى حالة الادارة الصحيحة والسليمة وأرى أن حكومة قنديل التى تفتقد إلى الرؤية الاقتصادية الواضحة سوف تؤثر بالسلب على هذه الصكوك. كما أثارت الفتوى الأخيرة لمجمع البحوث الإسلامية والتى رفضت الصكوك وأنها بيع لمصر وهذا ما أكده الدكتور محمد رأفت عثمان ونصر فريد واصل، الأمر الذى ترك حالة من الحيرة فى حزب النور والحرية والعدالة واللذين كانا يجدان فيه أنه انتصار للرؤية الاقتصادية الإسلامية . نشر بالعدد 630 بتاريخ 7/1/2013